فَٱسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلَهِكَ
كل يوم
"الموت ومكان الأموات"
٥ - نوم الموت
نقرأ في المزمور ١٣: ٣ طلبة داود: «يَا رَبُّ إِلٰهِي. أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلاَّ أَنَامَ نَوْمَ ٱلْمَوْتِ». ونقرأ في الرسالة الأولى إلى
التسالونيكيين ٤: ١٣ عن رقاد الموت فما معنى هذا
النوم أو هذا الرقاد؟
أعتقد بالاستناد على القرائن، أن الموت هنا خاص بالجسد فالعينان تطبقان عن نور هذا العالم، والجسد يرقد في القبر، بانتظار القيامة. هكذا قال استفانوس وهو يُرجم: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱقْبَلْ رُوحِي... وَإِذْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ» (أعمال ٧: ٥٩ و٦٠).
ونقرأ في دانيال ١٢: ٢: «وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ ٱلأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْعَارِ لِلٱِزْدِرَاءِ ٱلأَبَدِيِّ».
ويسمى كتبة العهد القديم مكان الأموات، أحياناً أرض النسيان (مزمور ٨٨: ١٢) وأرض السكوت (مزمور ١١٥: ١٧). وهكذا يمكننا ونحن على الأرض، أن نتصوّر مصير الذين يغادرون أرض الأحياء. فنقول إنهم لا يمارسون التعبد، ولا يشتركون في ممارسات الشعب. لقد كفوا إلى الأبد، عن الإسهام في نشاطات هذه الدنيا.
ولكن يجب أن لا ننسى، أن هناك نصوصاً، تقول إن الأنفس في العالم الآخر، أبعد من أن تكون في حالة رقاد. فصموئيل مثلاً، كان في كامل شعوره، حين ظهر من عالم الأموات وتكلم مع شاول (صموئيل الأول ٢٨: ١٢ - ١٩) وموسى وإيليا جاءا من ذلك العالم وتكلّما مع يسوع عن خروجه (لوقا ٩: ٣٠)
والغني الرديء تكبّد العذاب وهو في أقوى حالة من حضور الذهن. وقد سأل إبراهيم أن يرسل إليه لعازر ليبلّ اصبعه بالماء ويبرّد له لسانه. وإبراهيم كان في حال حضور الذهن، إذ أخبره أن لا صلة بين السعداء والتعساء في عالم الأموات
(لوقا ١٦: ٢٣ - ٣١).
ورسول الجهاد العظيم بولس اعتبر الموت ربحاً مما يؤكد أن الموت ليس رقاداً في القبر. وتبعاً لذلك، قال:
«لِيَ ٱشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» .(فيلبي ١: ٢٣) ومما لا ريب فيه أن علّة اشتهاء بولس للانطلاق هو علمه بأن المسيح ليس في القبر، بل في السماء. ويضيف الرسول الكريم قائلاً:
«فَإِذاً نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي ٱلْجَسَدِ فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ ٱلرَّبِّ. لأَنَّنَا بِٱلإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِٱلْعَيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِٱلأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ ٱلْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ ٱلرَّبِّ»
(٢ كورنثوس ٥: ٦ - ٨).
ويوحنا رأى نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة، وهم يصرخون أمام الله، طالبين إليه أن يقضي وينتقم لدمائهم (رؤيا ٦: ٩ - ١١). إذن المسألة ليست كما يدعي بعض المضلين، بأن نفس المؤمن ترقد في القبر مع الجسد إلى يوم القيامة.
٦ - التغيير الذي يحصل بنزول المسيح
إلى مكان الأموات
من المتيقن عند المؤمنين أن المسيح ابن الله، الذي هو بلا خطية، لم ينزل إلى المكان الذي فيه يتعذّب الأشرار. وتبعاً لذلك، لم يحدث أي تغيير بالنسبة لهم بدليل ما قاله الإنجيل في لوقا ١٦: ١٩ - ٣١.
حيث أُعطي وصف مفصل لحال جميع الأموات المعذبين. وعكس ذلك فإن الإنجيل يخبرنا أن المسيح نزل إلى مكان السعداء مستصحباً اللص الذي أعلن إيمانه، فيما هو معلق على الصليب إلى يمين الفادي. ونجم عن ذلك أن المخلّص الرب قال له:
«ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ»
(لوقا ٢٣: ٤٣).
لقد أجمع كتبة العهد الجديد أن الله أقام يسوع من بين الأموات، ناقضاً أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه (أعمال ٢: ٢٤). بمعنى أن السيد الرب بقيامته في اليوم الثالث، غلب العدو الأكبر الذي هو الموت، وحطم القبر. «إِذْ صَعِدَ إِلَى ٱلْعَلاَءِ سَبَى سَبْياً وَأَعْطَى ٱلنَّاسَ عَطَايَا. وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ ٱلأَرْضِ ٱلسُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ ٱلَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ ٱلسَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ ٱلْكُلَّ»
(أفسس ٤: ٨ - ١٠).
منذ زمن طويل فكّر المفسرون، أن المسيح حين تمجّد حرّر الأموات المؤمنين من شيول، وأخذهم معه إلى السماء. ومنذ ذاك الوقت كل الذين ماتوا أو يموتون في الإيمان، لا ينزلون إلى مكان الأموات بل يصعدون رأساً إلى جوار الرب. وهذا ما أكده الرسول بولس بقوله:
«لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ... لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا ٱلأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ ٱللّٰهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ. فَإِنَّنَا فِي هٰذِهِ أَيْضاً نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إِلَى أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا مَسْكَنَنَا ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ»
(فيلبي ١: ٢١ و٢ كورنثوس ٥: ١ و٢).
على أي حال فالواضح أن حال الأموات المؤمنين والأشرار في العالم الآخر هي مؤقتة. فالمؤمنون هم منذ الآن في راحة وسعادة في القرب من الله، بانتظار القيامة التي ستنقلهم إلى حياة أبدية. وأما الأشرار فيقيمون في السجن الاحتياطي، بانتظار الدينونة الأخيرة، فالطرح في جهنّم حيث سيمكثون إلى الأبد.
شكراً لك...وغداً سيكون الحديث عن الدينونة الأخيرة
والانتقال إلى الأبدية
والبقايا تتبعها لأن للحديث بقية... وكلام كثير
أشكرك أحبك كثيراً
يسوع المسيح ينبوع الحياة
يحبكم جميعاً
بيدو...