امرأة لوط والبداءات الحسنة
لا يذكر الكتاب المقدس شيئًا عن حياة هذه المرأة قبل أن تتزوج لوطا، لكن الرأي الراجح أنها لم تكن من أهل سدوم وعمورة، وأنها جاءت مع لوط من أور الكلدانيين لأن لوطا قضى في سدوم وعمورة ما يقرب من عشرين عامًا، وهذه المدة لا يمكن أن تكون كافية ليتزوج فيها وينجب، ويصاهر، ويبقى معه في بيته أصغر ابنتين غير متزوجتين، وتصلحان للحياة الزوجية، اذن فهذه المرأة جاءت مع إبراهيم وسارة ولوط، فهي أحد أعضاء القافلة العظيمة المقدسة التي خرجت من أور الكلدانيين، تنشد غاية من أعظم الغايات التي وضعت أمام الإنسان في الأرض، ولم يكن خروج إبراهيم من أور الكلدانيين بدافع الظن أو الوهم أو الخيال، بل على العكس كان مدفوعًا برؤيا حقيقية مجيدة أو كما يقول استفانوس : «ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو فيما بين النهرين».. وما من شك بأن هذه الرؤيا، لم تسيطر على إبراهيم وحده، بل استولت على الذين كانوا معه، ومن بينهم امرأة لوط، فالمرأة بهذا المعنى، كانت تنتسب إلى عائلة، لا شبهة في أنه لم يكن هناك على ظهر الأرض في ذلك الوقت من هو أسمى منها وأعظم وأقدس، فاذا تصورناها نهرا مثل هذا المنبع الصافي الرقراق، كان لنا أن نتصور المجرى يندفع في جلال وفخامة وعظمة، قل أن يكون لها نظير ومثيل، ومن المتصور جدًا أن المرأة استمعت مع لوط زوجها إلى الكثير من التعاليم من أبينا إبراهيم، بل ومن المتصور أيضًا أنها أخذت الكثير من مباديء سارة في تقديم المحرقات وعواطفها، هذا إلى جانب شركتها، كواحدة من العائلة في تقديم المحرقات والذبائح التي كان يقدمها ابراهيم على المذبح أمام الله، كانت المرأة أذن ذات بداءات واضحة في الرؤيا والإيمان والتعليم والعبادة والخدمة والحق.