رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المفلوج ومساعدوه على الشفاء لا يمكن أن ندرس قصة هذا المريض دون أن نتعرض لمساعديه الأربعة الذين تقدمو به إلى السيد المسيح، ليشفيه، وبخاصة لأنهم يختلفون عن غيرهم ممن انتقدوا أو تذمروا، فبعضالكتبة الذين رأوا حادث الشفاء انتقدوا في سرهم المسيح عندما قال للمفلوج : «يا بني مغفورة لك خطاياك» وقد اتسم نقدهم بالجبن إذ لم يصرحوا به علنًا بل فكروا به في قلوبهم، وما أكثر المنتقدين الذين لا عمل لهم في الأرض، إلا نقد الآخرين الذين يعلمون، وأغلب الظن أنهم لا يجاهرون بنقدهم في مواجهة من ينتقدونهم، بل قد يلبسون ثوب الرياء، فيمدحون في الوجه، ويذمون من الخلف، ومن مدح وذم - كما قال أحدهم - فقد كذب مرتين، وقد وجد إلى جانب المنتقدين جماعات المتذمرين، الذين تذمروا على الأغلب - عندما نقب الأربعة السقف. وربما وصموهم بعدم الكياسة أو اللياقة اذ يهبطون بمريضهم من السقف، وجماعات المتذمرين تملأ الأرض في كل زمان ومكان وهم الذين لا تتسع نظراتهم لظروف الآخرين أو متاعبهم أو آلامهم، بل يحصرون أنفسهم في دائرة راحتهم أو مكسبهم أو متعتهم، وهم أشبه بذلك الأمير الذي قيل إنه خرج ذات صباح للصيد، وتصادف أن رأى رجلاً أعور أمامه في الطريق فتشاءم منه وأمر بإعدامه، ولم ينقذ الأعور من المصير إلا براعته في مواجهة الموقف، إذ قال الأمير: يا مولاي لقد خرجت في الصباح لتصيد، وخرجت أنا لبعض حالي، فأينا شؤم على الآخر وأينا أسوأ حظًا!!؟ هل أنت لمجرد أنك لن تجد صيدًا!!؟ أم أنا الذي التقيت بك لتضيع حياتي!!؟ وسر الأمير من جوابه، وآمر بالافراج عنه!! إن المتذمرين - الذين ربما سقط عليهم بعض التراب من السقف - لم يكن يعنيهم في قليل أو كثير أن إنسانًا يصح أو يشفي، بقدر ما تعنيهم حياتهم الضيقة التي لا تهتم بالآخرين!!.. على أنه يمكن أن نرى فريقًا آخر وهم الذين التفوا حول المسيح وتزاحموا حتى أغلقوا الطريق على الداخلين، وهم يمثلون الجماعات التي تلتف حول المسيح، ولكنهم - يدرون أولا يدرون - يغلقون الطريق بأنانيهم أو تغرماتهم بكيفية لا يتمكن الآخرون معها من الاقتراب إلى السيد، لكن هذه المجموعات المختلفة لا يمكن أن تنسينا الأربعة الذين جاءوا بالمفلوج إلى السيد، ولعله من الواجب أن نقف قليلاً منهم، ونرى كيف جاءوا وكيف تصرفوا، لقد بدوا متعاونين، ولو تخلف واحد منهم لما استطاعوا إتمام العمل بنجاح، فالأربعة قدموا واحدًا إلى المسيح، ومرات كثيرة يحتاج الراعي، ومدرس مدرسة الأحد، والمعلم في المدرسة اليومية، والأب للمسيح، ومن اللازم أن نتبين أن الأمر لا يقتصر على التعاون فحسب، بل إظهار روح المحبة والبذل، ... ونحن لا نعلم من هؤلاء الأربعة وما درجة قرابتهم أو صداقتهم للمفلوج، لكنه من الواضح أنهم أحباء وأصدقاء، فما كانوا يبذلون هذا الجهد أو يقدمون هذه التضحية لولا امتلاؤهم بروح الحنان والحب للمريض المنكوب، والمحبة المسيحية في الواقع تقتضينا ذلك، أعتقد أن الكثيرين رأوا الصورة المشهورة التي أطلق عليها «صخر الدهور» والتي ترسم صليبًا مرفوعًا فوق صخرة في قلب الأمواج وقد تعلقت به فتاة، على أنه من الغريب أن فنانًا آخر رسم نفس الصورة ولكنه أضاف إليها شيئًا، إذ رسم الفتاة الممسكة بالصليب، و مدت يدها الثانية لتمسك بيد فتاة أو شكت على الغرق، وكل محب ليسوع المسيح، لأخوته الآخرين، لا يمكن أن يعيش لنفسه، أو يحيا منحصرًا في شخصه وذاته، بل هو دائم القول: «إذ الضرورة موضوعة على. فويل لي إن كنت لا أبشر» (1كو 9 : 16). كان يوحنا رجلاً غنيًا جدًا، وعنده بيوت ودكاكين كثيرة للايجار، وكان من ضمن المستأجرين أرملة فقيرة جداً لها أربعة أطفال تعولهم بكدها وعرقها، وذات يوم جاءها وكيل يوحنا وطلب منها أجرة البيت، فطلبت منه أن يمهلها لأن أحوالها عسرة. وأحد أولادها مريض، فأبي وهددها بالطرد، فأسرعت المرأة إلى يوحنا تستعطفه أن يترقق بها، ووقفت ومعها الصغار يتضرعون إليه أن يمهلهم، ولكنه رفض، وصرخ الأولاد من أجل أخيهم المريض ولكنه لم يسمع.. ثم تركهم ودخل حديقة، وجلس على كرسي بقرب جدول تنساب فيه المياه، وصار يتأمل في غناه حسب عادته، غير أنه انزعج لأنه سمع شيئًا يطرق أذنيه، وظنه صوت الأرملة فغير مكانه، ولكن الصوت كان يتبعه، وحدث أن أرعدت السماء، فازداد رعبًا، وذكر قصة الغنيالغبي. فأرسل وكيله إلى المرأة، لتبقى في البيت، ولكنه لم يجدها. لأنها آوت مع أطفالها إلى مغارة، ولم يعرف أين يجدها، ومات الولد هناك من الضعف والحاجة والبرد، ورقد يوحنا في سريره، وقيل إنه مات أيضًا فزعًا ورعبًا، كم يحتاج الإنسان أن يتعلم أنه خلق ليحب الآخرين ويساندهم في آلامهم ومتاعبهم وضيقاتهم ومآسيهم. على أن الأمر الآخر الذي ينبغي الاهتمام به والتركيز عليه. هو أن هؤلاء الأربعة جاءوا إلى المسيح مؤمنين، ولا نعلم هل هم الذين دفعوا المريض إلى المجيء إلى السيد أو أنه هو الذي دفعهم إلى حمله، ولكن الواضح أنه وهم جاءوا مؤمنين. تحدثت سيدة مؤمنة في الكنيسة عن اختبارها العميق فقالت: أنها أصيبت بمرض خطير في القلب عقب ولادتها الطفل السادس وقال الأطباء لها بصراحة أن لا فائدة من العلاج لأنها ستموت حتمًا، على أنها كانت متيقنة أن الله لن يأخذها ويحرم وليدها الصغير من عنايتها، لذلك طلبت من زوجها أن يلتمس من الراعي أن تصلي الكنيسة من أجلها، وطلب الزوج بعد الصلاة من الراعي والشماس وامرأة تقية أن يشاركوه في حمل زوجته المريضة إلى المسيح قال: أنا وأولادي سنحمل من جانب وأنتم تحملون الجوانب الثلاثة: وكانوا أمناء في حمل المريضة إلى المسيح وبعد أسبوعين بدأت تتحسن ثم شفيت تمامًا، وكان عمرها ثمانين عامًا عندما كتبت آخر مرة لتخبر بهذه المعجزة! . ومن الواجب أن نذكر أن هؤلاء الأربعة لم يكونوا مؤمنين فحسب، بل أكثر من ذلك، كانوا مكتشفين، فعندما لم يجدوا في الزحام سبيلاً إلى المسيح. اخترعوا الطريق، واكتشفوا السبيل، إذ دلوا المريض من السقف بعد أن نقبوه. لم يكن مع يوحنا بنيان ورق ليكتب عليه في سجنه ولكنه كتب كتاب سياحة المسيحي على كل ورقة يغلف بها الطعام الذي يصل إليه!!... وقد تحدي الأربعة الصعاب التي وقفت في طريقهم، ولم يفشل إيمانهم عند أول صعوبة، بل تخطاها،... وقفت أم وابن شرير لها أمام القاضي المسيحي في تهمة جديدة، وكان هذا القاضي قد سبق فترفق بالفتى دون جدوى، وقال القاضي للأم: لن أستطيع أن أعمل شيئًا لهذا الولد، بعد أن بذلت معه كل جهد، وليس عندي معونة أستطيع أن أقدمها، وأنصحك أن تفعلي نظيري إذلا فائده منه. ولكن الأم رفعت عينيها الباكيتين وقالت: آه ياسيدي القاضي أنا لا ألومك لأنك ستنفض يدك من الموضع، أما أنا فلا استطيع أن أفعل نظيرك، إذ لا يمكنني أن اتخلى عن هذا الولد، لقد أعطيته الحياة. واعتنيت به وربيته. فهو ابني!! كان عندها الإيمان الذي ينتصر على كل الصعاب، وهكذا كان الأربعة، وهكذا كانت وتكون رسالتنا في معونة الآخرين! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الشفاء على طريقة المسيح ( أحد المفلوج ) |
النيابة في قضية القرن: العادلي ومساعدوه تقاعسوا عن تأمين المنشآت |
وزير الداخلية ومساعدوه يتفقدون الحالة الأمنية بشوارع القاهرة والجيزة |
المفلوج |
عظه أحد المفلوج |