تقديم لسفر أيوب
إن سفر أيوب يُعتبر أقدم أسفار الكتاب المقدس وهو يختلف اختلافاَ بيِّناَ عن جميعها. في هذا السفر لا توجد أي إشارة إلي إسرائيل أو الناموس وهو ليس له علاقة بإبراهيم أو الآباء. أحداث السفر تدور في المنطقة العربية، فحتى أسماء الشخصيات كلها تنتمي إلى قبائل عربية مختلفة. تدور أحداث السفر في أرض عوص، وهى منطقة غير معروف عنها إلا القليل، تقع في الجنوب الشرقي من فلسطينعلى حدود أدوم (شرق الأردن) وفي الغرب من بابل. زمن الأحداث قديم جدا قد يرجع إلى زمن إبراهيم (2000 ق.م.). في السفر معلومات صحيحة عن بناة الأهرام (14:3)، ووصف دقيق لسفن البردي كمن يراها (26:9). ويذكر زراعة البردي علي المياه الكثيرة (11:8)، وكل هذا غير معروف إلا في مصر الفرعونية.
موضوع السفر:
كل الأحداث مع الحوار في السفر تتحرك للبحث عن الله وقضية العدالة من خلال تجربة أيوب، فلماذا يتألم الأبرار؟ كل أطراف الحوار تُدافِع عن عدل الله عن حق أو عن ادعاء، "لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة" (رو2:10). كل يظن أنه باتهام أيوب يُرضي الله. لكن في نهاية الحوار يكشف الله عن نفسه لأيوب وحده لأمانته في الحق ولأنه لم ينافق حتى الله نفسه. ماذا رأي أيوب في الله؟ السفر لا يعطي إجابة ولكنه يعطي منهج حياة لمعرفة الله. السِفر يلقي ضوءاً على الكثير من المواضيع اللاهوتية والفلسفية العميقة مثل: الله وطبيعته ووحدانيته، الخلائق الروحية الأخرى، الشيطان سلطانه وأعماله، الخطية والعقاب، آلام الأبرار ومبرراتها، الحياة بعد الموت"وبعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله" (26:19)، هل يمكن أن يتبرر الإنسان من خلال عدل الله؟ الحاجة إلى وسيط بين الله والإنسان للخلاص، فكرتنا عن الله لا يمكن أن تماثل حقيقة الله نفسه التي تفوق كل معرفة، حاجة الإنسان للتمسك بعلاقة دائمة متجددة بالله دون اعتماد علي معلومات أو علي خبرة قديمة حتى يحصل على رؤية متجددة للحق، "الذي أراه أنا لنفسي وعيناي تنظران وليس آخر إلى ذلك تتوق كليتاي في جوفي" (26:19).
العجيب جدا أن منطق الحوار في السفر يتفق مع مفاهيم العهد الجديد، فأثر العبادات الوثنية الفاسدة لتلك المنطقة وعبادات ما بين النهرين يكاد أن يكون معدوماً. المنطق اللاهوتي والثقافي والأخلاقي يرتقي كثيراً عن ثقافة شعوب المنطقة التي ظهر فيها كما يرتفع جدا عن مستوي الشعب الإسرائيلي نفسه، كما تسجله لنا أسفار العهد القديم. المستوي العلمي للسفر مرتفع جدا.
كاتب السفر:
كاتب السفر لابد أن يكون مثقف جدا بالإضافة إلي تمتعه بمواهب أدبية وفنية نادرة مع حس روحي مرهف وإدراك لاهوتي متقدم جداً عن زمانه. هناك تقليد قديم يعتبر موسى النبي هو كاتب سفر أيوب، ورغم أنه لا يوجد ما يؤكد ذلك، بل وبعض علماء الكتاب يعارضون هذه الفكرة، إلا أن هناك الكثير الذي يربط موسى بهذا السفر. من المؤكد أن كاتب السفر كان يعيش في مصر في وقت ما. يؤكد ذلك ذِكره للأهرام ووصفه الدقيق للتمساح وقوارب البردي ونبات البردي والحلفاء التي تنمو بجانب المستنقعات والتي يذكرها الكاتب لا لضرورة بل من باب الإبداع الشعري. يربط موسى النبي بالبردي روابط عاطفية، فهو الذي حماه من الموت عندما وضعته أمه في سفط البردي فوجدته ابنة الملك بين الحلفاء على حافة النهر (خر3:2). وأيضا لا بد أن يكون كاتب السفر قد عاش ردحاً من الزمن في المنطقة العربية وهذا ما حدث لموسى بعد أن هرب من مصر، وتزوج من صفورة ابنة كاهن مديان. واضح من سفر الخروج أن موسى كان يجوب المنطقة العربية ويتوغل في صحاريها يرعى الغنم (خر1:3). موسى الذي تربى في قصر الملك وتهذب بكل حكمة المصريين (أع 22:7) في أوج عظمة الحضارة الفرعونية القائمة علي العلم يجد نفسه فجأة في هذا الوضع المذري. عندما كان موسى في مصر لا بد أنه قد التحق بجامعة أون الشهيرة أو بإحدى معاهد العلم الملحقة بالمعابد المنتشرة في أنحاء وادي النيل، فتثقف بالعلم والأدب المصري الذي بلغ أقصى درجة من السمو الفكري والروحي وتميز بالجدل الديني الرفيع. وفجأة يجد موسى نفسه بعد أن فقد كل شئ، راعي غنم وسط عبادات وثنية مُغرِقة في الفساد والشر، مما أدخله في معاناة فكرية نفسية مريرة. موسى ذلك الشاعر الرقيق الذي ترنم لله بشعره الذي يتخلل التوراة والمزمور الوحيد الذي يحمل اسمه (مز 90)، ليس بمستغرب أن يستسلم في ضيقته إلي قلمه ليكتب شعره الحزين ليبث فيه كل معاناته ويناقش مشاكله الفكرية. موسى الذي حدَّثنا عن قصة الخليقة، وسجل سير الآباء القدامى، يجد في السيرة القديمة لأيوب فرصة ليطلق فيها مشاعره الحزينة وأفكاره المتأججة وتساؤلاته حيث لا يجد أذناً تصغي له أو إنساناً يفهمه لمدة أربعين سنة، وكذلك ليمارس قدراته الإبداعية التي اكتسبها من خلال ثقافته المصرية. التشابه الكبير بين المزمور 90 وسفر أيوب يُرَجِّح أن كاتبهما واحد فبينهما كثير من الأفكار والألفاظ المشتركة.
نمط الكتابة في السفر:
مقدمة هذا السفر (ص 1؛2)والخاتمة (42 :7-17) بالإضافة إلى بعض العبارات القصيرة التي تقدم للمتحاورين، مكتوبة نثراً، أما باقي أجزاء السفر فقد كتبت شعراً. النسيج الشعري يتكون من سلسلة من الأبيات ذات الشطرين، وقد نظمت بطريقة جميلة تناسب هذه المفاهيم الرفيعة.
الله في سفر أيوب"El‑Shaddai"
الله في سفر أيوب هو (إل شداي). "إل" معناها الله العليّ أو الضابط الكل، و"شداي" تعني المشبع أو المغذي (Self‑Sufficient).اسم الله هذا مرتبط بإبراهيم وملكي صادق. هذا الاسم تكرر في السفر 30 مرة بينما تكرر في سفر المزامير كله 3مرات فقط مما يوضح قِدمُه.
الحياة بعد الموت في سفر أيوب:
هناك إشارات كثيرة لفكرة البعث والحياة بعد الموت في سفر أيوب الأمر الذي لم يكن معروفاً إلا في مصر. أول هذه الإشارات يُقرِنها كاتب السفر ببناة الأهرام "لأني قد كنت الآن مضطجعا ساكنا حينئذ كنت نمت مستريحا مع ملوك ومشيري الأرض الذين بنوا أهراما لأنفسهم" (3: 13-14).
الشيطان في سفر أيوب:
من خلال الحوار يوضح السفر سلطان الشيطان وحدوده ويعرض صِفاته وخُلُقه بصورة لم تظهر في أي من أسفار الكتاب. الشيطان في السفر يتحرك بكل حرية في السماء والأرض، ولكن بعد المسيح وُضع الشيطان في القيود، فسقط للأرض، "فقال لهم رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء" (لو18:10). الشيطان يكلِّم الله بتحدي، مُذكِّرا بسلطانه علي الأرض الذي اغتصبه بخطية الإنسان، فصار رئيساً لهذا العالم (يو31:12)، "فأجاب الشيطان الرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها" (7:1). يوضِح السفر بُغض الشيطان للإنسان وخصوصا لمن يحبه الله. يبرز السفر خطورة حسد الشيطان للأبرار، فهو لا يكف عن تدبير المكائد لهم والشكوى منهم، كما يلقبه سفر الرؤيا، "إنه قد طرح المشتكي على اخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهارا وليلا" (رؤ10:12). يوضِّح السفر كيف يُحرِّ ك الشيطان الناس والظروف والطبيعة ضد الخير.
شخصيات السفر:
أحداث وشخصيات هذا السفر تعرض أنماطاً مختلفة من التدين، ومن خلال النقاش الفكري الرائع يقدم لنا كُل نوع رؤيته للحق. وهذه الأنواع هي:
1- التدين النفعي: هذا النوع يقدمه لنا الشيطان في اتهامه لأيوب "... هل مجانا يتقي أيوب الله" (9:1) التدين النفعي مُتقلِّب ولا يثبت أمام التجربة، وهو مرفوض تماماً ويحتاج إلي التعرف علي الحق حتى يتوب. يسمح الله بامتحان أيوب لا ليعرف بل ليظهِر بره أمام السماء والأرض.
2- التدين الوثني: التدين النفعي يتحول بسهولة إلى التدين الوثني وهو أصله، فيصنِّع الإله الذي يروق له، لا أن يعرف الله الحقيقي كما هو. التدين الوثني ليس فقط هو عبادة الأصنام بل هو عبادة إله نتصوره فنصنعه طبقا لأهوائنا. هذا النوع مثل زوجة أيوب تكشفه التجارب.
3- التدين العقلاني: يمثل هذا النوع أليفاز التيماني أول المتحدثين. تتميز قبيلة تيمان العربية بالحكمة والمعرفة. هذا النوع من التدين منطقي أخلاقي، تعتمد معرفته بالله علي العلم والحكمة المنقولة، ولكن تُخفَى عنه الحقائق الروحية التي تعلو علي المنطق وتحتاج إلى خبرة روحية. رغم أن هذا النوع مقبولاً، إلا أنه يلزمه التعمق في معرفة الله ليس بالعقل فقط بل بالروح والحق أيضا. كل أقواله في السفر حكيمة ومقبولة. ولكن المشكلة في أنه يحاول أن يطبِّق ما تعلمه علي حالة أيوب التي تعلو كثيرا عن منطقه، لذلك يتهم أيوب بما ليس هو حق عن عدم معرفة.
4- التدين القانوني: يمثل هذا النوع بلدد الشوحي الصديق الثاني. هذا النوع لا يعرف الله إلا من خلال القانون، ففي كل موقف يتساءل عما هو خطأ أو صواب، وهو يعيش بالخوف وليس بالحب لذلك يحكم علي كل الناس بالرفض طبقا لمنطق قانوني. هذا النوع محتاج لأن يختبر محبة الله غير المشروطة حتى يقبل الآخرين وهم خطاة. حديثه مع أيوب من الناحية القانونية منطقي، لكنه مرفوض روحياً.
5- التدين العاطفي الانفعالي: يمثله صوفر النعماني: وهو يتحمس لكلا النوعين السابقين ليس عن معرفة أو حق بل عن عاطفة هوجاء.
6- التدين التسليمي: يمثله إليهو فهو لا يوافق أصحابه في اتهاماتهم لأيوب، كما لا يوافق أيوب فيما قاله عن الله في ضيقه. وهو لا يهمه أن يبحث في سبب التجربة ولكنه يُسلِّم بالواقع، ومن هذا المنطلق يريد لأيوب أن يتحرك نحو الله دون تساؤل، حتى يجد خلاصاً.
7- التدين الروحي: يمثله أيوب، وهو يري في التجديف علي الله أخطر الشرور. لخوفه على أولاده من التجديف كان يقدم عنهم ذبائح، لذلك حسده إبليس وأراد أن يوقعه في نفس هذه الخطية. فجربه بضياع كل ممتلكاته وموت أولاده ثم بآلام الجسد. وبعد ذلك حرض زوجته لتدفعه للتجديف، وأرسل أصدقاءه ليتهموه بكل خطيه باسم التعزية وهم يلفقون له اتهامات زور. وقف أيوب وحده صامدا في الحق أمام كل هذه التجارب، "تمسكت ببري ولا أرخيه قلبي لا يعير يوما من أيامي" (6:27). الكتاب المقدس شهد لبر أيوب، فحزقيال يذكره كمثال للبر "..هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وأيوب فانهم إنما يخلصون أنفسهم ببرهم يقول السيد الرب" (حز 14:14)
صعوبة فهم هذا السفر تعود للأسباب الآتية:
1- الترجمة العربية للسفر غير واضحة تماما مع استعمال ألفاظ صعبة وغير مألوفة مما يستلزم ضرورة قراءة السفر بأكثر من لغة أو ترجمة.
2- هدف السفر هو دحض الفكرة التي تُرجِع كل أسباب آلام الإنسان لخطيته المباشرة، ومع ذلك فما زال البعض يتهم أيوب بالبر الذاتي، كمحاولة لتيسير فهم السفر. إن هذا الاتهام هو مشاركة لأصحاب أيوب الذين وبخهم الله بسبب نفاقهم.
3- هذا السفر يطرح الكثير من التساؤلات عن أمور لاهوتية وفلسفية للنقاش الحر، وكثيرا ما لا يعطي إجابة بل يترك لكل واحد أن يأخذ لنفسه ما هو حق من خلال الاختبار الشخصي لله. ليس الهدف من الحوار هو الإجابة علي كل ما يدور من تساؤلات، بل يعطي السفر منهج حياة لمن يبحث عن الله. فالصدق مع النفس مع التمسك بالحق المعلن بصفة شخصية دون عناد، ودون التأثر بفكر خارجي، هو السبيل لمعرفة الله. السفر هو دعوة لمعرفة الله معرفة شخصية عن اختبار، الأمر الذي يحتاج إلي صبر وحب مع تسليم كامل للحق.
4- استعلان الله للإنسان ليس هو استعلان منطقي عقلاني ولكنه استعلان شخصي اختباري باطني، كما في الإصحاح الأخير من السفر "... ولكني قد نطقت بما لم أفهم بعجائب فوقي لم أعرفها. أسمع الآن وأنا أتكلم أسألك فتعلمني. بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عينيّ " (42: 3-5)
أيوب والمسيح
+ التجربة: وتشمل التجربة النفسية في فقد الممتلكات والأولاد ثم التجربة الجسدية في مرضه العِضَال ثم التجربة الروحية في موقف زوجته وأصحابه منه واتهامه بالخطية والشر. المسيح جُرِّب بثلاثة تجارب هي نفس موضوع تجارب أيوب مع اختلاف الشكل والظروف.
+ باسم العدل الإلهي، حمَّله الأصدقاء كل أنواع الخطايا وهو بار كما حمل المسيح خطايانا أمام عدل الله.
+ أيوب يقر بخطاياه أمام العدل الإلهي، فبسبب عدل الله المطلق لا يمكن لأحد أن يتبرر أمام الله. في الجولة الثانية من الحديث يتقدم أيوب بجسارة ويحمل الخطية مقرا بها، ويطلب مُصالحاً ووسيطاً بينه وبين الله حتى يتصالح مع خليقته التي تحت الضعف والفساد.
+ صار أيوب نفسه مُصالحاً ووسيطاً لأصدقائه كما أن المسيح هو الوسيط الوحيد لخلاص الإنسان، وبذلك تبرر الإنسان أمام عدل الله.
+ في السفر كثير من النبوات الواضحة عن المسيح فهو الله علي الأرض، "أما أنا فقد علمت أن وليي حي والآخر على الأرض يقوم" (25:19)
محتويات وأقسام السفر:
يتكون السفر من مقدمة (ص 1؛ 2) ثم حوار شعري (ص 1:3 إلى 6:42) ثم خاتمة (ص 42: 7-17)
أولا المقدمة: تقدم أيوب البار وتسرد بإيجاز وسلاسة سر تجربته، وصموده العجيب بالإيمان والصدق الروحي، مع الفهم اللاهوتي المرتفع الذي يبلغ إلي قامة العهد الجديد. الله يشهد لبر أيوب ولكن الشيطان المبغض للخير يتحدى، "فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي أيوب لأنه ليس مثله في الأرض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر"(8:1). أيوب وهو لا يعلم قصة التحدي الشيطاني، يغلب بوعيه الروحي الفريد، "وقال عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب اخذ فليكن اسم الرب مباركا. في كل هذا لم يخطئ أيوب ولم ينسب لله جهالة" (1: 21-22). ولكن إبليس لا يتركه بل يقترح تجربة أصعب.
ثانيا الحوار:الحوار مع أصدقاء أيوب يبدأبأن يلعن أيوب يومه (ص3). بعد ذلك يوجه له كل واحد من أصحابه الثلاث حديثاً فيجيب أيوب عليه في ثلاث جولات. صوفر، الصديق الثالث الذي كان أكثرهم انفعالاً لم يتكلم في الجولة الثالثة. ولما لم يجد الأصحاب سبيلا لإقناع أيوب بخطاياه التي لم يرتكبها صمتوا. وبعد ذلك تكلم أيوب ثلاث مرات متعاقبة (ص 26-31)، الجدول الآتي يوضح مراحل الحوار والشواهد:
أليفاز التيماني
رد أيوب
بلدد الشوحي
رد أيوب
صوفر النعماني
رد أيوب
الجولة الأولي
(ص4، 5)
(ص6، 7)
(ص8)
(ص9، 10)
(ص11)
(ص12 –14)
الجولة الثانية
(ص15)
(ص16، 17)
(ص18)
(ص19)
(ص20)
(ص21)
الجولة الثالثة
(ص22)
(ص23، 24)
(ص 25)
(ص26 –31)
---
بعد الجولات الثلاث يبدأ أليهو الشاب الأرامي ( ص32-37 ) بمخاطبة أيوب في أربعة أحاديث، ثم يتوقف فجأة من الرهبة عند اقتراب العاصفة (37:32). ثم يتكلم الرب ( يهوه ) من العاصفة مرتين (38-41)، ويجيبه أيوب باختصار (42: 1-6).
إن أصحاب أيوب استخدموا نفس المنطق الذي حاور به الشيطان الله، مما يظهر مصدر أفكارهم. فمنطق الشيطان يقول أن الله سيَّج حول أيوب وبيته وكل ما له وبارك أعمال يديه لذلك يتقي أيوب الله ويحيد عن الشر، فلو تخلى الله عنه سيجدف. أما أصحاب أيوب فيستخدمون نفس المنطق بطريقة معكوسة: فأيوب الذي يجدف على الله ويعمل الشر، تخلى الله عنه "فيتلوى كل أيامه" (20:15). كلا الموقفين نفعي نفساني بلا روح.
ثالثاً الخاتمة: الرب يرد سبي أيوب (42: 7-17)
"وكان بعدما تكلم الرب مع أيوب بهذا الكلام أن الرب قال لأليفاز التيماني قد احتمى غضبي عليك وعلى كلا صاحبيك لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب" (42: 7)