سؤال اتمنى إجابته من الجميع وعلى الأخص الخدام والدارسين للكتاب المقدس
سلام لكم يا إخوتي الأحباء في كنيسة الله
من المُلاحظ في الغالبية العُظمى من الخُدام على كل المستويات وفي كل أنواع الخدمة، أنهم اكتفوا بالمعارف وركزوا عليها سواء علمية او روحية أو تاريخية أو فكرية او رد على شبهات.. الخ، ودائماً يفتقرون إلى الصلاة وحياة الشركة على المستوى الروحي العميق الذي فيه يتشربوا من اللاهوت بلقاء حي بالله القدوس...
فهل يظن أحدكم أن عمله سيُثمر أن ارتكز فقط على المعرفة، بل وطرحها للآخرين بدون عمل الصلاة وتقديم فيها برهان الروح والقوة !!!
حقاً أتعجب للغاية حينما يُركز الناس على المعارف وحدها وكأنها ركيزة الإيمان وأساس قاعدته، مع أن الله اللوغوس لم يظهر في الجسد لكي يعطينا معارف علمية فكرية أو روحية أو لاهوتية، بل لكي يعطينا ذاته، أن نلبسه، أن نرتديه، أن يحيا فينا ويشع فينا نوره الخاص,,,
فأي معرفة تُقدم على أساس انها علم موسوعي محض فهي بالطبع تربي العقل وتضخم الذات لأنها تفتقر لبرهان الروح والقوة، لتصير حياة النفس وتدخل كل واحد في المسيح يسوع ربنا !!!
لذلك من منطلق خوفي الخاص على كل نفس من أن تهلك بمعرفتها بعيداً عن الله كتبت هذا التساؤل الاستنكاري، لأننا أن كنا نبتغي أن نُقدم المعارف الروحية للعقول بهدف العلم في حد ذاته فأننا بالطبع سنكون أول الخاسرين وسنكرز بمسيح آخر، مسيح العقل والفكر ونبني تمثالاً في العقول عنه، لأننا لا نواجه النفوس بالمسيح يسوع ربنا
ثم كيف نقدم من ليس لنا علاقة معه على مستوى الصلاة واللقاء المحبب مع شخصه، وأن تكون حياتنا إنجيل حي مُعاشاً مقروء في أعمالنا من جميع الناس !!!
يا إخوتي لا تصدقوا أنه يوجد علم ومعرفة في المسيحية بدون أن يكون مسيح القيامة والحياة حي فينا، لذلك فأن أي معرفة تُقدم لا تُقدم في جفاف بل في روح وحياة لكي تخلص النفس، لأن العلم ينفخ ويجعلنا نتكبر على الآخرين ونتعظم في أعينهم، بل وسنظل نحتقرهم ونُهينهم، ولن نرى قط أننا نهينيهم أو نستخف بهم، بل سنرى أننا أصحاب العلم والمعرفة وهم تافهون، وفي تلك اللحظة سنكون سقطنا من نعمة الله وتسببنا في أن الله يحجب وجهه عنا، لأننا أهناه هو شخصياً لأن صورته الخاصة فيهم، لأن ليس معنى أننا أصحاب علم أو معرفة نكون مبررين أمام الله الحي أو أفضل من غيرنا، لأنه ينظر للقلوب أين هي !!! هل هي عنده أم عند آخر !!!
يا أخوتي اقول لكم كما يقال في القداس الإلهي: أين هي قلوبكم !!!!!!
وحيث يكون قلبك هناك يكون كنزك، فأن كان قلبك في العلم فسيكون هو كنزك، لكنك ستبقى خالي من الله الحي، لأنك تبحث وتفتش أن تعطي علماً لا قوة حياة الله لشبع النفس، وكرازتك ستتوقف عند العباقرة والمفكرين وستخص المسيح الحي على المتعلمين وتنسى أن المسيح مسيح العالم كله، وهو قد اختار جهلاء العالم والمزدرى وغير الموجود...
طبعاً العلم ليس خطأ، وهذا لا أقصده قط، ولكن أن ظل قاصراً على الفكر فقط بدون برهان الروح والقوة، سيصير كلام حكمة إنسانية مقنع ليس فيه حياة، بل وبه سيُصنع آنية هلاك لأنها ستظل بعيدة عن الله، لأن المعرفة الفكرية لا تُلبس النفس المسيح، بل الصلاة والامتلاء بالروح القدس الرب المُحيي الذي يغيرنا لصورة شخص ربنا يسوع، لذلك يقول الرسول: [ تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ] (رومية 12: 2)، وأيضاً يقول: [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)
فيا إخوتي حينما كنت وسط بعض الخدام وجدتهم لا يصلون لأجل الخدمة في اجتماع صلاة مع بعضهم البعض كل واحد فيهم يصلي بدوره فيه، ولا يجتمعون عادةً للصلاة في لقاءاتهم لأجل الخدمة وبنيان أنفسهم على الإيمان الأقدس، وأن فعلوها - أي الصلاة - يقولون الصلاة الربانية ويكتفوا بهذا وكأن اجتماع الصلاة لا يهمهم كثيراً لأن الحجة أنهم لا يهتمون أن يقدموا الروحيات بل علم فقط !!! وهذا هو العجب، لأن الفصل ما بين التعليم وتفصيصه وكأن لكل مقالٍ مقام هذا في منتهى الخطورة على النفس في الطريق الروحي، بل ولن تفلح الخدمة قط لأن الله غايب عنها، لأن الناس هي التي غابت عن الله وبعدته بعيداً عنها وظنت أنها تخدمه مع أنهم مخدوعين جداً !!!
بالطبع انا لا استهين بالصلاة الرباينة لأنها أن قيلت بوعي وإيمان حي ونطق الروح تستطيع أن ترفع الإنسان إلى الحضن الحلو الذي لله الحي بقوة تفوق كل وصف أو شرح، لكني اتكلم هنا عن ضرورة الصلاة لأجل الخدمة وسكب النفس أمام الله لأجل تأييد الروح بقوة من فوق لخلاص النفوس...
فانتبهوا لحياتكم قبل أن تسرقكم الأيام وينتفخ اي أحد فينا بالعلم، أو يضيع وقته كله في المعرفة وتتسرب منه حياته ليأتي يوماً يتفاجئ فيه أنه لم يحيا شيئاً بل كل شيء في عقله ولم ينزل لقلبة ليكون حياة يحياها في علاقة شركة مع الله والقديسين في النور ومع كل إخوته الذين يحبون ربنا يسوع في عدم فساد، قادر إلهنا الحي أن يثبتنا ويعقلنا لكي نصحى للصلوات ونحيا في شركة حقيقية معه على مستوى الخبرة في حياتنا اليومية، ونسهر على حياتنا ونبنيها على الإيمان الأقدس مصلين في الروح القدس آمين