|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كأس أم سيف؟ فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟ ( يو 18: 11 ) بينما كان لبطرس سيف في يده، كان لسيدنا كأس في يده! وفي حين حاول بطرس، ولو عن غير قصد، أن يُقاوم مشيئة الله، نجد ربنا المعبود في طريق الطاعة لهذه المشيئة! في السيف الذي في يد بطرس نرى صورة لرفض الواقع والظروف، لكن في الكأس التي في يد الآب نرى التسليم التام بما سمحت به العناية الإلهية. السيف يتعامل مع المنظور والعيان، أما الكأس فنرى فيها تعاملاً مع غير المنظور بالإيمان. السيف يُعلن رفض صاحبه لأن يتألم، وهذا الرفض قد يحمل إيذاء للغير. لكن الكأس تُعلن قبول الألم ورفض إيذاء الآخرين ( يو 18: 10 عب 2: 9 )، السيف له نتائج مدمرة، لكن نتائج الكأس فيها مجد كثير (عب2: 9). ونحن نواجه مواقف عجيبة كثيرة في رحلة الحياة، تُرى هل نواجهها بسيف الرفض، أم بكأس الخضوع؟ صحيح أن الكأس الخاصة التي كانت لربنا يسوع ليلة الآلام، لن تواجهنا. لكن صحيح أيضًا أن يدي أبينا المُحب كثيرًا ما تُقدم لنا كؤوسًا ممزوجة بالمرار لأجل المنفعة. والفارق بين حياة يعقوب، وأسلوب يوسف في حياته، يُرينا هذا الفارق عينه. فبينما عاش يعقوب طويلاً يُلوِّح بسيف إرادته الذاتية تارة، ويستعمله تارة أخرى، حاصدًا للمرار، نجد يوسف يتحمل نصيبه من الألم الكثير لسنوات طويلة دون شكوى أو تذمر. فقد كان يقبل الكأس من يد القدير، الأمر الذي عبَّر عنه يوم عرَّف نفسه لإخوته بالقول: «لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا، لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم» ( تك 45: 5 ). وبعد موت أبيه عاد ليُطمئن إخوته بكلمات تكشف ليس فقط عن أنه كان يأخذ الألم في حياته من يدي سيده، لكن أيضًا عن ثقته في أن من ورائها كلها بركات عظيمة «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» ( تك 50: 20 ). حقًا «قولوا للصدِّيق خير!» ( إش 3: 10 )، «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده» ( رو 8: 28 ). وما أعظم المجد الذي كان ينتظره في نهاية رحلة الآلام هذه! لنضع السيف في غمده إذًا، ولنقتفي أثار خطوات سيدنا، ونقبل الكأس من يد الآب، ففي هذا راحة لنا، وتمجيد لإلهنا، وخير جزيل ينتظرنا. |
|