أولويات في إنجيل متى
حَيْثُ تَكُونُ كَلِمَةُ الْمَلِكِ فَهُنَاكَ سُلْطَانٌ ...حَافِظُ الْوَصِيَّةِ لاَ يَشْعُرُ بِأَمْرٍ شَاقٍّ وَقَلْبُ الْحَكِيمِ يَعْرِفُ الْوَقْتَ وَالْحُكْمَ ( جا 8: 4 ، 5)
إنجيل متى هو إنجيل الملك، وفيه يبدأ الرب حديثه كالملك، ويُعلن مبادئ الملكوت في الأصحاحات5، 6، 7.
وفي إنجيل متى هناك أربع أولويات ارتبطت بكلمة ”أولاً“:
(1) ”اذهب أولاً“ ( مت 5: 24 ): حيث يعالج الرب الخصام وعدم الغفران (راجع متى5: 21-24). والأولوية هنا على تقديم القربان إن تذكَّرت أن لأخيك شيئًا عليك (أي أخطأت إليه في شيء) «فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك، وحينئذٍ تعال وقدِّم قربانك». وطبعًا هنا الجو يهودي، أما الجو المسيحي فنراه في أصحاح18؛ فإن أخطأ إليك أخوك فاذهب أنت إليه لتربحه ( مت 18: 15 ). وفي هذا الأصحاح يأتي حديث مفصَّل عن الغفران ( مت 18: 21 -35).
(2) ”اطلب أولاً“ ( مت 6: 33 ) حيث يعالج الرب الاهتمام بأمور الزمان (راجع متى6: 25-34)، ويوصي بعدم الاهتمام لحياتنا بما نأكل ونشرب، ولا أجسادنا بما نلبس. ويوبخنا بطيور السماء وزنابق الحقل، ويُعلن الأولوية «لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تُزاد لكم» ( مت 6: 33 ).
(3) ”أخرج أولاً“ ( مت 7: 5 ) حيث يعالج الرب مَن يأخذ موقع الديَّان (راجع متى7: 1-5)، حيث يوصي «لا تدينوا لكي لا تُدانوا». وهذا الذي يدين يُدقق النظر، ويطلب أن يُخرج القذى (القشة الصغيرة) من عين أخيه، بينما عينه هو فيها خشبة (العارضة الخشبية التي تحمل سقف المنزل). ويُقدّم الرب الأولوية «يا مُرائي، أَخرِج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذٍ تُبصِر جيدًا أن تُخرج القذى من عين أخيك!» ( مت 7: 5 ).
(4) ”نَقِّ أَولاً“ ( مت 23: 26 ) حيث نجد علاج الرب للداخل الفاسد (راجع مت23: 23-33)، فيستعرض رياء الكتَبة والفريسيين الذين يُعشِّرون «النعنع والشبث والكمون»، ويتركون الأهم «الحق والرحمة والإيمان»، و«يُصفُّون عن البعوضة ويبلعون الجَمَل!»، و”يُنقون خارج الكأس والصحفة“، بينما من داخل مملوآن بالدنس والفساد؛ «اختطافًا ودعارة». فيوجه الرب الأولوية «نقِّ أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضًا نقيًا» ( مت 23: 26 ). فالرب يطلب الاهتمام بالجوهر قبل المظهر، الداخل قبل الخارج، فغير ذلك هو الرياء والعمى الروحي.