سـر الانتصار
وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ ( تك 39: 7 ، 8)
لأن يوسف كان يعيش في حضرة الله، وجد السعادة، وكل السعادة، في التوافق معه. ولذلك رفض إتيان الخطية التي يتهافت عليها الكثيرون، فلنستقر نحن أيضًا أيها الأعزاء في حضرة الله. لنعرفه في كل طرقنا، وهو يقوِّم سُبُلنا ( أم 3: 6 ). لنسكن معه في كل حين، نجده أيضًا معنا في كل حين، لا سيما في التجربة التي نكون فيها أحوج ما نكون إليه، وبذلك لا يمكن أن تسيطر علينا الأهواء أو تخدعنا، لأننا إذا كنا في حالة الشركة مع الرب، وهاجمتنا الخطية من الباطن، أو من الداخل، نستطيع أن نقول لها: ”لا“. وإذا وعدتنا باللذة والنعيم إن عملناها، نستطيع أن نقول لها: ”لا“. وإذا توعدتنا بالأسى والاكتئاب إن ابتعدنا عنها، نستطيع أن نقول لها: ”لا“. و”لا“ بكل معنى كلمة ”لا“، لأنها لا تكون وقتئذٍ ”لا“ الراغبين في الشهوة، المتمانعين عنها، بل ”لا“ القديسين الذين يبغضونها ويترَّفعون عن مجرد التفكير فيها، إذ إنهم يدركون الشر المُخيف الذي ينجم من جرائها.
أما الذين يرفضون إتيان الخطية أحيانًا، بينما يميلون إليها في الباطن، فإنهم إذا قالوا لها وقتًا ما ، تشبهًا بالقديسين، فمن المحتمل جدًا أن يأتوها قبل أن تغادر ألسنتهم كلمة ”لا“ هذه. ويرجع السبب في ذلك أن الرغبة الصادقة في البقاء في حضرة الله والتمتع به، هي وحدها التي تقدس القلب وتحفظه من السقوط في الخطية.
إني أعرف كثيرين سَمَت حياتهم الروحية سموًا عظيمًا بفضل وجودهم المستمر في حضرة الله، ولذلك فإنهم لا يعانون متاعب الجهاد ضد الأهواء، أو مذلة الإنكسار أمامها، بل يشقون طريقهم في هذا العالم الشرير، وهم خالو الذهن منها، لأنها أصبحت بالنسبة إليهم شيئًا دنيئًا لا يسترعي انتباههم. ولا شك أن كل واحد من القرّاء سيكون مثلهم، إذا هرب من الأهواء وعاش في حضرة الله بإخلاص كما يعيشون، لأن فضل القوة لله وليس منا ( 2كو 4: 7 ).
كم أنا فيكَ سعيدٌ قـد هديتنـي إليك
حبُّكَ ربي مجيدٌ غبطتي في راحتيكَ
واحدًا أرجوه ربي أن أراك بجواري
مالئًا عقلي وقلبي كل ليلي ونهاري