رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كالملائكة في مجد الله
تحتفل الكنيسة يوم الثامن من شهر تشرين الثاني من كل سنة بعيد جامع لرؤساء الملائكة. نحن والملائكة والقديسون نشكل جسد الكنيسة، حدثٌ يجعلنا نتأمل في طريقة حضور الملائكة أمام الله وخدمتهم له “ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات والوف الوف قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة” (رؤ 11:5-12). تمثُلُ الملائكة أمام سيدها في السموات شاخصة بأعينها نحوه لا تحيد عن النظر إلى مجده، تخدمه، تسبح حضوره وتمجد بهاءَه. ولكن هل تفعل الكنيسة في قِسمها المنظور الشيء ذاته أم أنها تثبت نظرها على التراب؟ الإجابة على هذا السؤال تكتمل عندما يستطيع الإنسان أن يحقق الشركة مع جسد السيد ودمه عن استحقاق، ساعياً إلى تطبيق الوصايا الإلهية وأهمها المحبة التي تقوى بالشركة الحقيقة بين المؤمن والله وبين الإنسان المسيحي وأخيه الإنسان، عندها يرفع نظره عن التراب إلى السماء. يتعلم من الملائكة كيف أن المسيح هو الكل في الكل. لحظات القداس الإلهي مقدسة ومباركة فيها تجتمع الكنيسة جمعاء، السماوية(التي في السماوات أو الظافرة) أي الملائكة والقديسون، والأرضية(التي على الأرض أو المجاهدة) أي المؤمنين ذوي الإيمان الصحيح. فيها نرى أعين الملائكة لا تحيد عن رب المجد لأنها استطاعت أن تعاينه، أما بعض المؤمنين فينشغل في وقت الصلاة والقداس الإلهي عن الله بأشياء أرضية فيحيد نظرهم عن رؤية مجده ويخسرون الشركة في الكنيسة الجمعاء ولو حضروا فيها. أما إذا استطاعوا تركيز صلاتهم ونظرهم على رب المجد وحققوا الشركة الإلهية عن استحقاقٍ بالمناولة المقدسة فإنهم يدركون هدف الحياة ومعناها وأن الله هو مقدِّسها وهو مالئها، ويعرفون أنّ ما في الدنيا هو سراب لا بقاء له، يبهت أمام مجد الله، أي المال أو السلطة أو الأملاك ليست إلا تراباً أمام عين المؤمن الصحيح. حافظوا على نظركم ثابتاً على المسيح رب المجد وعندها ستدركون الحقيقة وغاية الحياة. عندما تمعن نظرك على الله فإن حياتك تأخذ طريقها الصحيح أي بعيداً عن الأنا وحب الذات والكبرياء وتتوقف عن محاولتك لتحويل العالم إلى صورة عن رغباتك ورؤاك وأحلامك وتصوراتك ويصبح الله مَلكَ حياتك فتملك لا الكون وحده بل فرحاً لا حدود له. عندما تمعن النظر على رب المجد عندها يملئ قلبك من وجوده، فلا يعد هناك مكان للخطيئة في حياتك لأنه امتلأ من الحضور الإلهي ولن يسعى لأي شيء آخر. عندما تمعن النظر على الخالق فهو يصبح عونك في المصاعب وسندك في الضيقات ومخلصك في الحروب وقوتك أمام التجارب. عندما تمعن النظر على السيد فهو يُفعِمك حبه لخليقته، وترى أن أخيك الإنسان وكل الخليقة هي نتيجة عمله لن تجرأ على تخريبها أو إلحاق الضرر بها بل سترى الله من خلالها. أن تبقي نظرك على الله هذا يعني أنك ستعطيه، طوعاً، قلبك لا محال فيصبح هذا القلب عرشاً يجلس عليه رب المجد، ينبع منه كل صلاح فلا تحيدنَّ عن النظر إلى السيد في حياتك لأنك بهذه الطريقة ستعيش في شركة حقيقية معه في الكنيسة الظافرة وستكون من المخلّصين الذين يسكنون ملكوت السموات لأنك صرتَ بعضاً من ملاك. |
|