سؤال: ما هي الأدلة على صحة الإيمان المسيحي؟! هاتوا براهينكم إن كنتم صادقين، أو كما يقول القرآن في سورة البقرة 111: هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ!
الإجابة:
أولًا: اعتراف القرآن!
في عرضنا هذا لما يقوله كتاب القرآن، فليس هذا عن إيمان بالطبع -وإلا فلماذا بقينا في المسيحية!- ولكن إن حاولت أن أثبت لك إيماني فقط من كتبي -التي تنادي بتحريفها- فما الفائدة.. ولكني فقط أحدثك بلغتك! فكتاب الله واحد، ولا يتناقض عبر العصور فيأتي بما هو ضد ما قاله الله سابقًا، فالله واحد، هو هو، أمسًا، واليوم، وإلى الأبد.
1- لقد اعترف القرآن بكتابنا المقدس وأنه موحى به من الله وأنه هدى ونور للناس في قوله عن التوراة: "قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ..؟ قُلِ اللَّهُ" (سورة الأنعام 91). وفي قوله عن الإنجيل "وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ" (سورة الحديد 27). وفي قوله عن الإنجيل والتوراة معًا: "وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ" (سورة آل عمران 3، 4). وعن سلامة الكتاب المقدس من التحريف: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم" (سورة النساء 47). بل والإحالة إليه للتأييد والتدليل في قوله: "فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ" (سورة يونس 94)... إلخ.
2- ولقد اعترف القرآن كذلك بثالوثنا تفصيلًا؛ الله، وكلمته، وروح قدسه. وذلك في قوله: "إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ" (سوره آل عمران 45). وفي قوله: "تَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ" (سورة البقرة 87، 253). وهذا هو ثالوثنا؛ الله الذي نطلق عليه لفظ الآب أي المصدر أو العلة العاقلة للوجود، وكلمته التي نطلق عليها الإبن لأنه مولود من العقل الأزلي، وروحه القدوس روح الحياة في الله ولكل الوجود.
3- لقد اعترف بإلوهية المسيح في قوله: "إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى" (سورة آل عمران 45). وفي قوله: "إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ" (سورة النساء). وهذا هو إيماننا الكامل بالمسيح أنه كلمة الله وجوهره روحي (روح منه) وأنه من السماء وليس من هذا العالم (كلمته ألقاها إلى مريم) وأنه مُرسَل من الله (ورسول منه).
4- لقد اعترف بسر تجسده: "فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا" (سورة مريم 17). وفي قوله: "إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ.. وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا" (سورة مريم 19-21). وهذا هو إيماننا أنا المسيح ولد بقدرة الله على خلاف الطبيعة بطريقة معجزية تفوق إدراك البشر. ا.
5- لقد اعترف بموته وقيامته من الموت وصعوده إلى السماء "السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" (سورة مريم 33). وكذلك في قوله "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ" (سورة آل عمران 55)..
6- لقد اعترف بأن العذراء مريم التي ولدت المسيح هي فوق كل نساء العالم "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (سورة آل عمران 42). وهذا هو إيماننا في العذراء القديسة مريم أنها كأم المسيح فاقَت كل نساء العالم في الكرامة.
7- لقد اعترف بأعمال المسيح الإلهية والتي تخص الله وحده وذلك في قوله عن كخالِق من الطين "أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ" (سورة آل عمران 49). وفي قوله عنه كشافي للأمراض ومقيم للموتى: "وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ" (سورة آل عمران 49). وفي قوله عنه كعالِم للغيب "وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (سورة آل عمران 49). وفي قوله إنه لا سلطان لإبليس عليه في قوله: "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" (سورة آل عمران 36). ويؤكد معنى هذه الآية تفسير الرازي لوجاهة المسيح في الدنيا بقوله "سمعت رسول الله يقول ما من مولود من بني آدم إلا نخسه الشيطان حين يولد فيستهِل صارِخًا من نَخْسِهِ إياه، إلا مريم وابنها".
وهذا هو إيماننا بالمسيح أنه به خُلِقَ كل شيء وأنه شفى المرضى وأقام الموتى وأنبأ بالغيب، وليس لإبليس سلطان عليه.
البرهان الثاني على صحة المسيحية: رعاية أقباط مصر:
إن أقرب برهان إلى إدراكنا في مصر، وهو دليل ملموس لنا جميعًا على صحة الإيمان المسيحي، وأنه ديانة إلهية هو -حسب قول دارسو تاريخ مصر من عصر الرومان إلى يومنا هذا- إنه معجزة بقائنا نحن ملايين الأقباط أحياء إلى هذا اليوم ورعاية الله لنا بالرغم من عوامل الإبادة التي مررنا بها عبر العصور المتتالية سواء بالاستشهاد أو بالاضطهاد أو الإذلال أو بالنفي والسبي أو بالهجرة... ويندهش الكثيرون لصمود الإيمان المسيحي في مصر لعشرات القرون من السنين بالرغم من كل هذا... إلخ.
البرهان الثالث: ظهور النور من قبر السيد المسيح:
إنه برهان عملي محسوس ومنظور على مستوى كل العالم على صحة الإيمان المسيحي ذلك هو شهادة الله له بظهور نور من قبر السيد المسيح في سبت النور لعيد القيامة كل عام، وإشعال الشموع منه وتوزيعها على كل الموجودين من مندوبي كنائس العالم. وهذا أمر ليس مخفيًا على أحد ومكشوف لكل العالم. وظهور النور من قبر بعينه دونًا عن سائر قبور البشر يدل على أن صاحب هذا القبر كائن سماوي. ولكن من البديهي أنه ليس هناك كائن سماويي يُدفَن في قبر إلا إذا كان قد لبس جسدًا ومات ثم دفن. ومَنْ هذا يا تُرى غير كلمة الله الذي نزل من السماء وتجسد من العذراء وذاق الموت على الصليب ودُفِنَ ثم قام من الموت وترك القبر فارِغًا، وجعل بزوغ النور منه في تِذكار قيامته كل عام برهانًا على قيامته حقًا من الموت؟ وبرهانًا على صدق رسالته!
البرهان الرابع: وجود الكفن المقدس:
إن الكفن الذي كان ملفوفًا فيه جسد المسيح، أجرى عليه فريق من الباحثين على مدى العصور وحتى يومنا هذا دراسات علمية بأحدث الأجهزة التكنولوجية، وأثبتوا فيها أن هذا هو كفن المسيح الذي يحمل كل علامات آلامه وصلبه. والكفن حقيقة قائمة وموجودة ويعتبر شهادة محسوسة ومنظورة. ومن الجدير بالذكر أن هذا كفن السيد المسيح ما يزال موجودًا في تورينو بإيطاليا.
البرهان الخامس: ظهور السيدة العذراء:
لا أحد ينكر حقيقة ظهور السيدة العذراء في مصر وفي أماكن متفرقة من أرجاء العالم المسيحي على مدى الأجيال المتعاقبة، ثم تكثيف ظهورها بجسمها النوراني على قِباب الكنائس بجوار الصليب مرات عديدة في أماكن متفرقة في مصر في الفترة من إبريل 1968 إلى بداية عام 2001، واستمرار ظهورها يوميًا عدة ساعات من الليل مصحوبًا بظواهر سماوية من أنوار وسحب من بخور وحمام من نور.. ثم تجدد ظهورها عام 2002 في أسيوط.. إلخ.
إن هذا يحمل تعزية وتشجيعًا وتثبيتًا للإيمان باعتباره انكشافًا على العالم غير المنظور ورؤية السماء بمن فيها.. فهل هناك أكثر من انكشاف السماء على الأرض بظهور العذراء يقينًا على صحة الإيمان المسيحي؟!
البرهان السادس: المعجزات الكُبرى على مرّ التاريخ:
يذكر التاريخ معجزات كُبرى تمت على مشهد من ولاة مصر على مر العصور نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: نقل جبل المقطم في حكم المعز لدين الله الفاطمي، وفيضان النيل في عهد محمد علي باشا، والتأكد من ظهور النور من قبر المسيح في القدس أمام إبراهيم باشا بن محمد علي باشا.
ونذكر كذلك زيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمشاهدة ظهور العذراء بالزيتون، وبعد التأكد من رؤيتها أصدر الإتحاد الاشتراكي بيانًا يؤكد هذا الظهور. ثم صَدَّق الرئيس بعد ذلك على تخصيص الأرض المواجهة لكنيسة القديسة العذراء مريم بالزيتون والتي كانت جراجًا لهيئة النقل العام لتُقام عليها كاتدرائية للقديسة العذراء، وهذا ما تم فعلًا.
البرهان السابع: تطلع الكثيرين للنهج على درب المسيحية:
من البراهين القوية على صدق المسيحية تطلُع كثير من الشعوب وأصحاب الديانات إلى اقتفاء أثر روحانياتها وفضائلها وأساليب عباداتها وتشريعات أحوالها الشخصية وأنشطتها الاجتماعية... وبهذا التطلع بدأت بعض الديانات تلبس ثوب المسيحية الكاملة وهذا كله تمهيد لانضمامهم لحظيرة الإيمان بالمسيح تحقيقًا لما تنبأ به في قوله "لي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد" (يوحنا16:1