رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ابنتي مدمنة تسوّق... 'أنا أتسوّق إذاً أنا موجودة' يبدو مشهد ريما (16 سنة) وهي تشتاط غضبًا لأن والديها لم يعطياها المال الكافي لشراء قميص جديد، مألوفاً، لأنه من حقّها أن تواكب صديقاتها والموضة في الوقت نفسه. ولكن ما هو ليس مألوفًا أن ريما اشترت قبل يومين قميصًا من النمط نفسه ولكن لونه مختلف، وكل ما تراه على واجهات البوتيكات ترغب فيه وتريد الحصول عليه مهما كان الثمن، فيبدو شراء حقيبة يد رأتها محور تفكيرها وحديثها ولاتنام الليل وهي تفكر في اقتنائها، رغم أن خزانتها مكدّسة بالمشتريات التي لم تستعمل الكثير منها بعد. فهل ريما مدمنة تسوّق؟ صحيح أن المراهق يمرّ بتغيّرات جسدية ونفسية تقلقه، وقد تكون الرغبة الجامحة في الشراء إحدى الوسائل التي قد تساعده في التحكّم في مشاعر القلق والتوتر التي تنتابه في هذه المرحلة. ولكن هل هذا سبب كافٍ؟ وهل ينبغي تنفيذ رغباته مهما كانت؟ وهل كل مراهقة ترغب في التسوق المستمر هي مدمنة؟ وما هي أسباب إدمان التسوّق؟ «لها» إلتقت الإختصاصية في التربية الدكتورة نجوى جريديني التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها... - هل رغبة المراهقة الشديدة في التسوّق مسألة طبيعية وعابرة؟ من الملاحظ اهتمام المراهقة بالمظاهر الخارجية. وهذا أمر إيجابي يشير إلى أنها أصبحت نوعاً ما حساسة تجاه علاقاتها الاجتماعية خارج محيط العائلة، وحريصة على صورتها الإجتماعية. وتعّبر رغبتها المستمرة في شراء الثياب أو الكمبيوتر أو الهاتف النقاّل عن تعلّقها بالمظاهر الخارجية. ولعلها تحاول من خلالها تعزيز شعورها بأنها شابة ناجحة ومحبوبة من أهلها، بل ومن المجتمع. - هل لشلّة الصديقات علاقة برغبتها المستمرة في التسوّق؟ من المعروف أيضاً التزام المراهقة بمعايير شلّة الصديقات، وربما كان الاهتمام بمظهرها إحدى الوسائل التي تسعى من خلالها إلى جذب انتباههن ونيل محبتهن. ولا يعني هذا أنه من المفروض على الأهل تلبية كل طلباتها. فكل عائلة عندها إمكانات مادية محددة، ومفاهيم وتقاليد معيّنة. لذا على الأهل أن يحاولوا معرفة دوافع الشراء المتكرر لدى ابنتهم أو ابنهم. - متى تتحوّل الرغبة في التسوق إلى إدمان؟ إدمان التسوّق من المشكلات الكبرى التي تعانيها المجتمعات المعاصرة، نظرًا إلى الإغراءات الموجودة في الأسواق، إضافة إلى دور الإعلام في الإعلان عن كل ما يفتح الشهيّة على التسوّق. ولكن لا بد من التنبيه إلى أن هناك فارقًا بين الرغبة في التسوّق وإدمانه. فمن الطبيعي أن يتسوّق المرء لمناسبة سعيدة أو حتى مرة في الشهر ليشعر بالتجدد مثل شراء الملابس تبعًا للموضة الموسمية. فالتسوق هنا يكون للإحتفال وتدليل الذات إذا صحّ التعبير. أما في حالة الإدمان فإن صفات مدمن التسوّق بصورة عامة هي على النحو الآتي: الشعور بقوة جامحة تحضّه على الخروج وشراء أشياء، في غالب الأحيان لا يكون في حاجة إليها في الواقع، وقد لا يستعملها أبدًا. لا يستطيع كبح جماح رغبته الملحّة في التسوّق، ويزداد توتّره وقلقه إذا لم يحقق رغبته، فيما يشعر بالسعادة العارمة إذا حقّقها. و بعد فترة قصيرة جدًا يعود ويشعر بالتوتر لأنه يريد شراء المزيد. وهكذا يقع في حلقة مفرغة إلى ما لانهاية. يشتري من الشيء نفسه كمية. مثلاً يشتري القميص نفسه بألوان مختلفة، ويجد تبريرات لا منطقية لذلك. - هل هذا يعني أن مدمن التسوّق حالته مثل حالة أي مدمن آخر؟ يمكن القول إن مدمن التسوّق يشبه أي مدمن آخر، فهو يسعى من خلال تحقيق رغبته إلى الشعور بالراحة والسعادة الذي يفتقده. لذا أشدد على الفارق بين من يهوى التسوّق من وقت إلى آخر، وبين مدمن التسوق الذي يكون التسوّق هاجس حياته ومحور تفكيره. - ما هي أسباب إدمان التسوّق؟ عمومًا يعاني مدمن التسوّق عدم ثقة بالنفس، وتقويمه الذاتي ضعيف جدًا، فصورة الذات لديه مرتبطة بالقيمة الإجتماعية التي ينالها من خلال امتلاك أشياء ثمينة. كما يمكن ان يكون الأمر تعبيرًا عن الشعور بالفراغ العاطفي او قلق داخلي. وفي مرحلة المراهقة يشكل البحث عن تكوين الهوية أزمة قد تكون عابرة وتمر بسلام، أو قد تكون شديدة ويكون إدمان التسوّق طريقة لإثبات وجوده، وإعطاء معنى لحياته، ويظن أن ذلك يعيد إليه توازنه الداخلي، فيمنحه إقتناء أشياء شعورًا بأنه موجود. وكما يقول العالم النفسي Lane Benson « أنا أتسوّق إذًا أنا موجود». إضافة إلى أن علاقة المراهقة بأهلها تكون سببًا آخر لإدمانها التسوّق . ففي ظل علاقات أسرية مفككة، تجد المراهقة نفسها مهملة. وقد تندفع حينها إلى طلب أشياء كثيرة لمجرد لفت الاهتمام. - كيف يمكن التعامل مع المراهقة المدمنة؟ أعود وأشدد على ضرورة التمييز بين عادة التسوّق وإدمانه. لذا يجب مراقبة سلوك المراهقة للتحقق مما إذا كان مجرّد عادة أو إدمانًا. فأولى الخطوات أن تدرك المراهقة أن لديها مشكلة والتحدّث إليها ومناقشتها في ما تقوم به لتنبيهها، ومن ثم محاولة معرفة إذا كانت تقوم بذلك لردم فراغ تعانيه أم للتخفيف من توترها أم لمجاراة صديقاتها، والعمل على تعزيز ثقتها بنفسها وتقدير الذات. كما يمكن الطلب من شخص راشد محايد تثق به التحدّث إليها، مثل خالتها أو عمّتها. أما إذا كانت المراهقة تنطبق عليها صفات الإدمان التي ذكرتها فعندها يجدر بالأهل إستشارة اختصاصي نفسي. |
|