رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
محبة الناس شروطها وأنواعها بقلم مثلث الرحمات ( البابا شنودة الثالث ) محبة الناس هي لكل الناس جميعا. فالبشر كلهم أقرباء بعضهم لبعض كلهم أبناء آدم وأبناء حواء, خلقهم الله من هذين الأبوين ليكونا جميعا أسرة واحدة. تربطهم رابطة الدم وبالتالي رابطة الحب. لهذا فإن عدم الحب بين البشر هو أمرغير طبيعي, وهو في نفس الوقت لايتفق مع الصالح العام, كما لايتفق مع مشيئة الله ولامع وصاياه. + والعجيب أن أول إيذاء حدثنا عنه التاريخ كان من إنسان ضد إنسان, ولم يكن من وحش افترس إنسانا. وهكذا فإن هابيل البار قام عليه أخوه وقتله.وبدأت البغضة والقسوة بين الناس ولم تستطع البشرية أن تحتفظ بالحب حتي بين أفراد الأسرة الواحدة. + ومعروفة قصة يوسف الصديق مع إخوته.. وتتابعت مأساة فقدان الحب في تاريخ البشرية. وكثرت قصص العداوة والبغضاء, وقصص الحسد والغيرة وتصادم الأغراض, والنزاعات والحروب, والتنافس علي الرزق وعلي السلطة والمناصب, واكتست الأرض بدماء بريئة وبدماء غير بريئة وأصبح الأخ يعتدي علي أخيه والأخ يخاف أخاه.. حتي قال أحد الشعراء: عوي الذئب فاستئنست بالذئب إذ عوي.. وصوت إنسان فكدت أطير. وقدم لنا الله وصايا لإعادة المحبة بين الناس, وتقديم القدوة في ذلك, ومعالجة الأسباب التي أوصلت البشرية الي التخاصم والعداوة والقسوة, وقام المصلحون الاجتماعيون والرعاة الروحيون ببذل أقصي الجهد في العمل علي ترميم بناء المحبة المنهدمة, كما وضع الله الأسس للتعامل بين الناس: إما الأساس الإيجابي, فهو مشاعر الود والتعاطف والتعاون. وإما الأساس السلبي فهو الكف عن الكراهية والاعتداء.. فالكراهية هي المشاعر الكامنة داخل القلب. والاعتداء هو التعبير الظاهر عن تلك المشاعر الداخلية.. والمطلوب هو الارتقاء بكل مشاعر الإنسان للوصول الي مستويات الحب, والحب هو القمة التي تصل إليها المشاعر البشرية, وفي يوم الدينونة العظيم, ستفحص كل أعمالنا وعواطفنا, ويستخلص مافيها من حب, فيكافئنا الله عليه, علي أن هذا الحب له قواعد ينبغي أن نعرفها لكي تكون محبتنا بعضنا للبعض سليمة ومقبولة. أولا ينبغي أن تكون محبتنا للناس داخل محبتنا لله, فلا تكون ضدها ولاتزيد عليها. فلا نحب أحدا عن طريق كسر وصية من وصايا الله, فالصديق الذي يحب صديقه بحيث يجامله في كل خطأ, ويخشي أن يقدم له نصيحة مخلصة لئلا تجرح شعوره. هنا لايحبه بالحقيقة. والأم التي تدلل ابنها تدليلا يفسده, أو تغطي علي أخطائه بحيث لايعرفها أبوه.. لا تكون محبتها لابنها محبة حقيقة ولانافعة, بل لانسميها حبا إنما تدليل. ومن شروط المحبة الحقيقية ان تكون عملية. فتظهر محبتنا للناس في معاملاتنا لهم, في اخلاصنا لهم, ومشاركتنا الوجدانية.. ووقوفنا معهم في وقت الشدة وتخليصنا لهم من ضيقاتهم ومحبتنا للفقراء تظهر في عطفنا عليهم وإعطائهم ما يلزمهم وليست في مجرد كلام العطف أو الدعاء, وهكذا ارتبط الحب عموما بالعطاء بل والبذل. فلايوجد حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه لأجل آخرين, ويظهر الحب والعطاء بالأكثر في أن يعطي الإنسان من أعوازه, وأن يضحي باحتياجاته سببا في إسعاد الآخرين. وهنا نقول إن المحبة لاتطلب ما لنفسها بل بما لغيرها. ومن شروط المحبة أنها تكون طاهرة. فمحبة شاب لفتاة, لايمكن ان تكون محبة حقيقية طلاقا, إن كان يفسد عفتها ويفقدها سمعتها في المجتمع الذي تعيش فيه ويضيع أبديتها ومثل هذا الشاب لانقول إنه يحب الفتاة, إنما يحب نفسه محبة خاطئة, ويحب اشباع شهواته, ولايهتم بصالح الفتاة,. أنها تكون صادقة, أي أن تكون المحبة بلا رياء ولانفاق, ويدخل في ذلك أيضا كل كلام الملق, والمديح الكاذب, ولاتكون محبة فيمن يساعد غيره علي إهلاك نفسه, أو علي ارتكاب خطاياه, إنما المحبة الحقيقية هي محبة روحانية, فيها تحب شخصا بأن تساعده علي حياة البر, ولاتشاركه في خطأ ولاتوافقه علي ذلك ولاتنصحه به. والقلب المحب لايعرف البغضة مطلقا, فهو بالبغضة يكون بعيدا عن الله والناس, لأن الله محبة, والقلب المحب لاينتقم لنفسه, ولايرد الإساءة بإساءة. لأن الانتقام هو لون من الكراهية والعداوة والقساوة. وأيضا هو لون من محبة الذات لامحبة الغير لذلك يعلمنا الدين أنه: إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقه. والمحبة تكون محبة للكل, ولاتكون أبدا تحيزا لجنس أو لون أو دين, بلا تمييز بسبب شيء من هذا كله, بل ملتزمة بالحق والموضوعية ومن أنواع المحبة: محبة الأبوة والأمومة ومحبة البنوة والأخوة ومحبة الأزواج, ومحبة الأصدقاء, ومحبة العشيرة ومحبة الوطن, ومحبة بيت الله, ومحبة الفريق, ومحبة المجتمع كله, وأسمي درجة من المحبة هي المحبة للأعداء.. فعدونا الوحيد هو الشيطان أما الباقون الذين يسمون أعداء فهم ضحايا ذلك الشيطان, ينبغي أن نصلي من أجلهم أن يهديهم. الله ويغير سلوكهم, من أجل أنفسهم وأبديتهم ومن أجلنا أيضا, وقد يقول البعض: من الصعب علي أن أحب عدوي, فماذا أفعل؟ أقول لك: علي الأقل لاتبغضه, وحاول أن تغفر له في قلبك وتسامحه. وأيضا لاتشمت به إذا فشل, ولاتفرح إطلاقا بسقوطه, فهذا أيضا يفقدك نقاوة قلبك. |
|