رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نوارة نجم تكتب: إخوانولوبيا الـ«إخوانوفوبيا»، وهى رُهاب الإخوان، مرض خلقه نظام مبارك عبر تسمين الجماعة، وفى ذات الوقت حظرها حتى يستخدمها لتهديد الغرب أنه فى حال رحيله فلن تجد مصر بديلا جاهزا لتسلُّم الحكم سوى الإخوان المسلمين، وهى الذريعة التى استخدمها ليجترئ ويطرح ولده جمال بديلا، وهى أيضا الذريعة التى استخدمها أمام الغرب ليعطل الديمقراطية ويزوّر الانتخابات. ذلك لأنه قدس الله سره لم يكُن يفكر إلا فى الغرب، ولم يُقِم وزنًا للشعب المصرى، ولا يهتم برأى الجماهير التى تركها «تتسلى». الجميع يعلم أن مبارك كان يحظر الجماعة قانونا، ويبيحها واقعا، ويتركها تتوغل فى العشوائيات والقرى والنجوع، ويعقد معها صفقات سياسية، بل ولطالما استعان أمن الدولة بالجماعة لتحقيق بعض المآرب فى العشوائيات... على يَدِّى على فكرة، إذ عملت لفترة فى العمل التنموى فى العشوائيات، ورأيت بعينَى رأسى استعانات أمن الدولة بالجماعة، والسلفيين، ومن يظن أن أمن الدولة كان غافلا ولو للحظة عن كل كبيرة وصغيرة تجرى فى العشوائيات فهو واهم... أُمَّال أنا إيه اللى طفشنى؟ سياسات مبارك كانت سيئة جدا، مخربة جدا، مفسدة جدا. يخلق الفقر ويحول الفقراء إلى وحوش بعمل منظم، يعادى جماعات الإسلام السياسى علنا ويعقد معهم صفقاته سرا، يتفنن فى إذلال الفرد المصرى كى يسحق كرامته، يفتعل الصراعات الطائفية فى القرى والأماكن الفقيرة دون مبرِّر واضح سوى إرسال رسالة إلى من يظن أن بيدهم مقاليد الكون، ألا وهم القوى الغربية، بأن هذا الشعب متوحش، حقير، طائفى بطبعه، ولو أنه أخذ فرصته فى الديمقراطية لأكل الأقليات، كان يظن أنه يجوِّع كلبه ليتبعه، فلما قرصه الجوع اضطُرَّ إلى هبش مبارك نفسه. كان من الناس من يتخوف من الثورة والديمقراطية لأنه يعلم أن الجاهز الوحيد لعبور صندوق الانتخابات بنجاح هو جماعة الإخوان المسلمين، أما أنا فلم أكن أتخوف من صعود الجماعة إلى الحكم. وكما يقول أبى الشاعر أحمد فؤاد نجم: «وفى الحماس بعضشى عباطة». لم يكن لدى أى مشكلة أيضا فى أن الجماعة بالغة التنظيم، وأنها مستعدة لعملية الإحلال والتبديل الواجبة لتطهير أجهزة الدولة، وما زلت لا أرى عيبا فى أن تقوم مجموعة من الناس بتنظيم نفسها، وتسلم مقاليد الحكم، وتغيير عناصر النظام القديم، واستبدال عناصر منها بها. المشكلة تكمن فى نطاعة هذه المجموعة، وعدم حرصها على صالح البلاد وأمنها، ورفضها لكل نصح أو إرشاد أو انتقاد، وتجاهلها لاحتياجات الفقراء، ومحاولاتها الحثيثة لقمع الحريات، وكذبها، ونفاقها، ونذالتها، وحنثها بالعهود، واتباع سياسة النظام القديم فى شراء رضا الغرب على حساب الشعب. لا يعيب الجماعة أنها تمكنت من تأسيس جهاز داخلية خاص بها، يقوده محمد البلتاجى، ويوازى جهاز الداخلية الموجود حاليا، ولا يعيب الجماعة إن أرادت استبدال عناصر داخليتها هى بعناصر داخلية مبارك، ما يعيبها أننا شاهدنا عناصر داخلية الإخوان فى «الاتحادية» تقوم بتعذيب المواطنين بأسوأ مما كانت تفعله داخلية مبارك، لا يعيب الجماعة أن لديها جهاز مخابرات موازيًا لجهاز مخابرات نظام مبارك، ما يعيبها أنه حين يختفى أحد شباب الثوار نسمع ذويه وهم يدعون الله أن يكون وقع فى يد الشرطة أو الجيش وأن لا يكون وقع فى يد الإخوان لبشاعة ممارساتهم، بل لا يعيب الجماعة أن لديها عناصر عسكرية توازى الجهاز العسكرى للدولة، ما يعيبها هو أن عناصرها العسكرية لم تذهب على القدس شهداء بالملايين كما كانت تتعهد فى عصر مبارك، بل رفعت الآلى علينا نحن فى «الاتحادية»، لا يعيب خيرت الشاطر أنه يريد أن يحل محل أحمد عز رجل الأعمال السابق، ما يعيبه هو أن خيرت الشاطر ليس طلعت حرب، بل إنه يعمد إلى تخريب العملة، والتصالح مع رموز النظام الفاسد، والبلطجة على رجال أعمال آخرين كى يشترى منهم مشاريعهم بأبخس الأثمان. كما أنه لا يعيب السيد رئيس الجمهورية أنه أنجب أبناء مثلما أنجب مبارك... ما يعيبه هو إنه طالق علينا عياله، ومربيهم بطريقة «تف على عمو... شاور له بصباعك ده... كِركركركركركرررر». يظنّ الإخوة «ادوله فرصة» أننا نضطهد الجماعة لأنهم إسلاميون، ويظن الإخوة «منكو لله انتو السبب» أننا أسأنا فهم الوضع السياسى، والحقيقة أننا لا نضطهد الجماعة لأننا تحالفنا معها مرارا على الرغم من خياناتها المتوالية منذ جلوس قياداتها مع عمر سليمان، ولم نُسِئْ فهم الخريطة السياسية ولم نكن نظن أن تيارا آخر على استعداد لتسلُّم السلطة، سوء الفهم الوحيد فى ما يخص الجماعة بالنسبة إلى الثوار هو أننا ظننَّاهم جماعة وطنية، ثم اتضح أن مبارك هو مَثَل الجماعة الأعلى. رأي نوارة نجم |
|