كان يسير هنا وهناك في عجرفة وكبرياء. حيّاه القنفذ، لكن في ازدراء واستخفاف رد له التحية. تطلع القنفذ إلى الثعلب المتكبر وقال له: "أراك متهللاً جدًا، ماذا حدث؟" أجاب الثعلب: "سأجيب على سؤالك إن أجبتني على سؤالي: أصغِ يا أيها القنفذ، كم مخ لك؟" قال القنفذ: "حتمًا لي مخ واحد، وماذا بالنسبة لك؟" قال الثعلب في كبرياء: "لي سبعة وسبعون مخًا. لهذا يحترمني الجميع، ويهابونني". عندئذ قال له القنفذ: إني لن أصدق هذا ما لم تقسم لي في مكان مقدس أن لك سبعة وسبعون مخًا. وافق الثعلب قائلاً: "خذني في أي موضع وأنا أقسم لك". سار الثعلب وراء القنفذ حتى جاء به إلى موضع قال له: "قف في هذا الموضع واقسم". وإذ سار سقط في فخ قد نصبه صياد. صار الثعلب يصرخ: "أنقذني أيها القنفذ. أرجوك أنقذني، فإن الصياد حتمًا سيقتلني!" قال له القنفذ: "إني عاجز عن أن أنقذك يا صاحب السبعة والسبعين مخًا. فكر كيف تخلص من الفخ! فأنا لا أملك إلى مخًا واحدًا يعجز عن أن يخلصك". صرخ الثعلب: "إني أرى أن المكان مقدس، ولأني أقسمت كذبًا سقطت في الفخ. إني أستحق العقوبة. والآن إن كنت لا تقدر أن تنقذني فقدم لي نصيحة". إذ رأى القنفذ أن الثعلب قد رجع عن كبرياء قلبه، وأدرك أنه ليس بصاحب السبعة وسبعين مخًا، قال له: "استمع إلى نصيحتي أنا الضعيف. عندما تسمع الصياد قادمًا تظاهر أنك ميت. نم على ظهرك وارفع أقدامك ولا تتحرك. وانفخ بطنك، وأخرج رائحة كريهة. وإن ضربك بالعصا لا تتحرك قط. فإنه يلقي بك في الطريق فتهرب". وبالفعل إذ سمع الصياد قادمًا نام على ظهره، ورفع أقدامه، ونفخ بطنه، وأخرج رائحة كريهة، وتظاهر أنه ميت. فتح الصياد الفخ وضرب الثعلب بعصاه، فقال الثعلب في نفسه: "أنت مستحق الضرب يا أيها المتكبر الكذاب، يا صاحب السبعة وسبعين مخًا". وإذ لم يتحرك الثعلب قط أمسك به الصياد وألقاه في الطريق، فقام الثعلب وهرب وهو يقول لنفسه: "هذا جزاء كبريائي، لن أعود أظن في نفسي أكثر ذكاء من غيري!"
غير المتواضع ليس عنده فهم، ومن ينقصه التواضع محروم من الفهم.