![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مصر ملجأ المسيح ![]() تفسد الخطية قلب الإنسان وتحطمه فتجعل منه عبدًا ذليلًا عدوًا للخير، وفي نفس الوقت يشاركها عنفها وقسوتها. وأيضًا عوض الاتكال على الله يتكل الإنسان على ذراع بشر كما فعل إسرائيل ويهوذا حين أرادا التحالف مع فرعون مصر لينقذهما من بابل. الآن إذ يلجأ السيد المسيح إلى القلب يحول مصر الوثنية العبدة لإبليس إلى مصر الحرة المتمتعة بالبنوة لله. هكذا يتحد الإنسان الداخلي مع ابن الله الوحيد الجنس بعمل روحه القدوس فيصير ابنًا بالنعمة. يقول الإنجيلي متى: "وبعدما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم، قائلًا: قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلًا وانصرف إلى مصر" (مت13:2،14). هروب الطفل يسوع المسيح إلى مصر مع القديسة مريم والدته والقديس يوسف لم يكن بالأمر الثانوي في أحداث الخلاص. لقد رآه إشعياء النبي قبل حدوثه بأكثر من سبعة قرون وسجّل لنا هذا الحدث في الاصحاح التاسع عشر. افتتح إشعياء نبوته عن مصر بصورة مفرحة تخص مصر، قائلًا: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها" (إش 1:19). وتسبح الكنيسة في عيد دخول السيد المسيح أرض مصر، قائلة: [افرحي وتهللي يا مصر مع بنيها وكل تخومها، لأنه قد أتى إليك محب البشر، الكائن قبل كل الدهور.] يرى القديس كيرلس الكبير أن السحابة الخفيفة السريعة (الترجمة السبعينية) هي القديسة مريم التي قدسها روح الرب فصارت خفيفة ومرتفعة، تحمل رب المجد يسوع لتهرب به إلى مصر من وجه هيرودس (مت 13:2،14). بدخوله ارتجفت الأوثان واهتزت العبادة الوثنية، وذاب قلب المصريين حبًا ليقبلوه ساكنًا فيهم. يرى القديس أغسطينوس أن النفس التي ترتبط بالسيد المسيح خلال الإيمان الحي العامل بالمحبة تحمله فيها روحيًا، وكأنها قد صارت له كالقديسة مريم التي حلمته روحيًا كما حملته بالجسد! تحمله لكي تدخل به إلى كل قلب فيتمتع بالسيد المسيح فيه. كان يمكن للسيد أن يلتجئ إلى مدينة في اليهودية أو الجليل لكنه أراد تقديس أرض مصر، رائدة العالم الأممي، ليقيم في وسطها. اهتم الوحي بهذه الزيارة الفريدة، بها صارت مصر مركز إشعاع إيماني حي. وكما خزن يوسف في مصر الحنطة كسندٍ للعالم أثناء المجاعة سبع سنوات، هكذا قدم السيد المسيح فيض نعم في مصر لتكون سرّ بركة للعالم كله. مصر التي امتلأت بالعبادة الوثنية حيث أقامت عجل أبيس والقطط والتماسيح والضفادع... آلهة، استقبلت رب المجد فيها، فأقام من قلوب المصريين مقدسًا له. تحولت مصر من كونها أكبر معقل للوثنية إلى أعظم مركز للفكر المسيحي والعبادة الروحية والحياة الإنجيلية في فترة وجيزة. تلألأ نجم كنيسة مصر بمدرسة الإسكندرية معلمة اللاهوت وتفسير الكتاب المقدس للعالم المسيحي الأول، وقائدة حركة الدفاع عن الإيمان المستقيم على مستوى مسكوني. ومن مصر انطلقت حركة الرهبنة المسيحية بكل صورها تسحب قلب الكنيسة إلى البرية، تمارس الحياة الداخلية الملائكية في نفس الوقت الذي فيه انفتحت أبواب البلاط الإمبراطوري لرجال الدين، وكان الخطر يلاحق الكنيسة حيث يختلط العمل الروحي الكنسي بالسلطة الزمنية والسياسية. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "هلموا إلى برية مصر لتروها أفضل من كل فردوس! ربوات من الطغمات الملائكية في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليين... لقد تهدم طغيان الشيطان، وأشرق ملكوت المسيح ببهائه! مصر هذه أم الشعراء والحكماء والسحرة... حصنت نفسها بالصليب! السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك". حملت كنيسة مصر صليب عريسها عبر الأجيال وقدمت أعدادًا بلا حصر من الشهداء والمعترفين، فاستشهدت أحيانًا مدن بأسرها وتسابق الكثيرون على نوال الأكاليل الاستشهاد بفرح وبهجة قلب. يتحدث أيضًا القديس يوحنا الذهبي الفم عن هذه الزيارة المباركة لمصر لتقديسها، فيقول: "إذ كانت مصر وبابل هما أكثر بلاد العالم ملتهبتين بنار الشر أعلن الرب منذ البداية أنه يرغب في إصلاح المنطقتين لحسابه، ليأتي بهما إلى ما هو أفضل، وفي نفس الوقت تتمثل بهما كل الأرض، فتتطلب عطاياه، لهذا أرسل للواحدة المجوس والأخرى ذهب إليها بنفسه مع أمه"، كما يقول: "تأمل أمرًا عجيبًا: فلسطين كانت تنتظره، مصر استقبلته وأنقذته من الغدر!" تحقق فيها الوعد الإلهي منذ يوم البنطقستي حيث سمع المصريون الرسل يتكلمون بلغتهم (أع 10:2)، وجاء القديس مرقس الرسول والإنجيلي يكرز بكلمة الإنجيل. |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() شكرا على موضوعك الجميل
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شكرا على المرور |
||||
![]() |
![]() |
|