منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 01 - 2013, 09:38 AM
 
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  the lion of christianity غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753



هل تجسد المسيح إبن الله

خدام الرب


الفهرس


الجزء الأول: ألوهية المسيح

1 شهادة المسيح عن ألوهيته

2 شهادة الرسل لألوهية المسيح

3 ألقاب وصفات المسيح الألوهية

4 وجود المسيح الأزلي قبل التجسد

5 معجزات المسيح

6 أهمية الإيمان بألوهية المسيح

الجزء الثاني: المسيح الإِنسان

7 دلائل بشريّة المسيح

8 التجسّد

9 الميلاد العذراوي

10 تواضع المسيح

11 مجد المسيح

12 عصمة المسيح

الجزء الثالث: العلاقة بين الطبيعتين

13 ابن الله وابن الإنسان

14 إنسجام الطبيعتين

15 وظائف المسيح الثلاث

16 المسيح مكمّل نبوات الوحي

17 الخاتمة


رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:39 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


شهادة المسيح عن ألوهيته

شهادة المسيح عن ألوهيته هي أهم شهادة، فهو لم يكن يتمتع بشركة متواصلة باللّه فحسب، بل كان لديه اقتناع واضح أنه هو نفسه ذو طبيعة إلهية. هذا ما نراه بوضوح حين أجاب عن سؤال أمّه وهو في الثانية عشرة من عمره: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأبِي؟» (لوقا 2: 49). كانت هذه العبارة من التعبيرات الأكثر شيوعاً في تعليم المسيح. ثم أنه نسب لنفسه مكانة مساوية للّه الآب: «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا 10: 30). وكذلك يذكر الإنجيل مكانة المسيح المساوية للآب، كما جاءت في فصول بشارة يوحنا التالية: (5: 3 و12: 44 و45، و14: 9) «لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلآبَ. مَنْ لا يُكْرِمُ ٱلابْنَ لا يُكْرِمُ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ» و«ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي. وَٱلَّذِي يَرَانِي يَرَى ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي» و«اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ».



يكشف المسيح وحده عن اللّه بحق: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ وَمَنْ أَرَادَ ٱلابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَه» (متى 11: 27). وفي مَثَل الكرّامين الأشرار كشف المسيح عن كونه الإبن وارث الكرمة، معطياً نفسه مركزاً أسمى من الأنبياء. فهو الذي رُفض وذُبح، كما أنه هو الذي صار «رَأْسَ ٱلزَّاوِيَةِ» (متى 21: 33 - 45).



كان عمله مطابقاً لعمل الآب: «لأنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهٰذَا يَعْمَلُهُ ٱلابْنُ كَذٰلِكَ» (يوحنا 5: 19). وشهادة المسيح عن بنوته وعن شركته الخاصة مع الآب وألوهيته كانت واضحة لليهود، حتى أنهم في إحدى المناسبات التقطوا حجارة وحاولوا رجمه بها، فقال لهم يسوع: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» أَجَابَهُ ٱلْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ، بَلْ لأجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلٰه» (يوحنا 10: 32 و33). وعندما اشتكوا عليه أمام بيلاطس قالوا: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ» (يوحنا 19: 7).



وكلمات المسيح في الأسبوع الأخير من حياته على الأرض هي كلمات اللّه بالذات. فلو أن إنساناً عادياً نطق بها لاعتبره البشر مجدفاً، لكن يسوع حثَّ تلاميذه على أن يكون إيمانهم به مماثلاً لإِيمانهم باللّه: «أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ فَآمِنُوا بِي» (يوحنا 14: 1). كما أنه أخبرهم بأنه سينطلق إلى السماء ليُعِدّ لهم مكاناً، وأنه سيعود ليأخذهم إليه. كما أنه كشف عن كونه «الطريق والحق والحياة» وأنه لا يمكن لإِنسان أن يأتي إلى الآب إلاّ به، وأن من يعرفه يعرف الآب، ومن يراه يرى الآب، فهو والآب واحد. هو ذاهب إلى الآب، وكل صلوات يرفعونها باسم يسوع تكون مقبولة. ووعد يسوع المسيح تلاميذه أنه سيرسل إليهم الروح القدس الذي هو الأقنوم الثالث في الثالوث الأقدس. ذلك أن الروح القدس سيقوم بوظيفة المعزي والرفيق والمعلم، فهو الذي يحفظ تعاليمهم من الخطأ، وهو الذي يعطي البصيرة الروحية لكل المؤمنين. وكشف المسيح أنه هو المصدر الحقيقي لحياة الكنيسة، وعلى كل مؤمن أن يتَّحد به كما أن كل غصن حي يبقى متصلاً بالشجرة. هم لم يختاروه بل هو الذي اختارهم، حتى أنه قد أصبحت بينهم وبين «العالم» هوَّة عظيمة. ومن يبغض المسيح يبغض أباه أيضاً. وقال يسوع إنّ كل الأشياء التي للآب هي له، وكل ما يطلبونه من الآب باسمه يُعطَى لهم. فهو قد خرج من عند الآب وأتى إلى العالم، وكان مزمعاً أن يترك العالم ليعود إلى الآب (يوحنا 14 - 16).



في صلاته الشفاعية المدونة في الفصل السابع عشر من الإنجيل كما رواه يوحنا، طلب المسيح من الآب أن يمجد الابن (أي يسوع نفسه) وقد بنى طلبه هذا على أساس أن تمجيد الابن يؤول إلى تمجيد الآب أيضاً. ثم أننا في تلك الصلاة نرى أنه نسب لنفسه سلطة منح الحياة الأبدية لجميع الذين أعطاه إياهم الآب، وهي الحياة الناتجة عن معرفة اللّه التي ترتبط بمعرفة يسوع بالذات. لكن يسوع ذكر أيضاً أن المجد الذي طلبه من الآب هو نفس المجد الذي للآب، وهو أيضاً ذات المجد الذي شارك فيه الآب أصلاً قبل تكوين العالم.



وأثناء محاكمته أمام مجلس السبعين شهد يسوع المسيح جهاراً وعلانية بألوهيته، وعندما تمَّت المحاكمة حُكم عليه بالموت لأنه كان قد نطق «بتجديف»، حسب ادّعاء اليهود، إشارة إلى شهادته عن ألوهيته. فقد سأله رئيس الكهنة: «أَأَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱلْمُبَارَكِ؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ ٱلْقُوَّةِ، وَآتِياً فِي سَحَابِ ٱلسَّمَاءِ». فَمَزَّقَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ قَدْ سَمِعْتُمُ ٱلتَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟» فَٱلْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتِ» (مرقس 14: 61 - 64).



وعندما أسند المسيح إلى تلاميذه الرسالة العظمى (أي المناداة بالإنجيل في سائر أنحاء العالم) بعد قيامته من الموت وقبل صعوده إلى السماء قال لهم: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ، فَٱذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ ٱلأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِٱسْمِ ٱلآبِ وَٱلابْنِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متى 28: 18 - 20).



نلاحظ من كلمات السيد المسيح هذه أنه أورد اسمه (الإبن) واحداً في الثالوث الأقدس، الذي هو الآب والإبن والروح القدس، إذ أوصى المؤمنين به أن يعمّدوا بذلك الاسم، ووعدهم أنه يكون معهم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. وعندما نسب إلى نفسه «كل سلطان في السماء وعلى الأرض» كان يعني أنه يملك القدرة على كل شيء. أما وجوده مع أتباعه كل الأيام إلى انقضاء الدهر فيعني أنه موجود وحاضر في كل مكان. ثمّ أن ممارسة المعمودية «باسم الآب والإبن والروح القدس» يضفي صيغة في غاية الأهمية بالنسبة لهذه الفريضة المقدسة. ونلاحظ أن الصيغة هي صيغة الجمع (الآب والإبن والروح القدس) ثلاثة أقانيم أو كيانات مميزة، لكل واحد إسم خاص به. ثم نلاحظ أنه لم يقُلْ باسم الآب وابن وروح قدس، بحذف ال التعريف عن أقنومي الابن والروح القدس، كما لو أن الأمر كان يخص أقنوماً واحداً له ثلاثة أسماء. فالأمر عكس ذلك. كل أقنوم في الثالوث الأقدس سُمّي بصيغة المفرد، و«ال التعريف» كُررت لكل منهم بصورة دقيقة وواضحة. فمع أن الأقانيم الثلاثة موحَّدون في طبيعة وصفة واحدة (أي اللّه)، إلاّ أنهم يبقون مميزين كأقانيم الواحد عن الآخر. فما أكده يسوع المسيح في هذه الوصية هو أن إيمان أتباعه، ومن يؤمنون بواسطة مناداتهم بالإنجيل، مبنيٌّ على اسم اللّه المثلث الأقانيم «الآب والابن والروح القدس». ومما لا شك فيه أنه قد أشار إلى نفسه في اسم «الابن» واضعاً نفسه على ذات المرتبة مع «الآب» و«الروح القدس» ذلك أنه معهما الإله الواحد السرمدي الكائن بذاته.



شهد يسوع المسيح أنه يتمتع بصفة الألوهية، ولا بد لكل من يدرس العهد الجديد (أي الإنجيل) بطريقة موضوعية أن يصل إلى نفس النتيجة. وهذا هو الانطباع السائد بين الجماهير الغفيرة من قراء العهد الجديد عبر العصور والأجيال.


  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:40 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


شهادة الرسل لألوهية المسيح


تقف شهادة من شاركوا في كتابة أسفار الإنجيل (العهد الجديد) في انسجام تام مع تعاليم المسيح وشهادته عن ألوهيته.

ظهر الملاك جبرائيل لزكريا وأخبره أنه سيكون له ولامرأته أليصابات ابن تُسنَد إليه مهمة خاصة وهي «لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّ» (لوقا 1: 17) والملاك نفسه عندما كشف لمريم بأنها ستكون أمّاً للمسيح المنتظر أخبرها بأن ذلك الطفل «يَكُونُ عَظِيماً، وَٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (لوقا 1: 32 و33). هذه المزايا لا يمكن أن تكون لمن لم يكن إلهاً بالفعل.



«ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21). هذه مهمة يستحيل على شخص أقل من اللّه أن ينجزها. والبشير متى عندما أتى على ذكر إحدى نبوات العهد القديم الخاصة بالمسيح قال: «وَهٰذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ بِٱلنَّبِيِّ: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً، وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَ» (1: 22 و23) وهي نبوة مستقاة من نبوة إشعياء 7: 14.



أما المجوس(حكماء المشرق) الذين كانوا قد أُعطوا بصيرة روحية معجزية بعد سفرهم الطويل سعياً وراء الملك الموعود به، فما أن وصلوا إلى بيت لحم مكان ولادة يسوع حتى «خَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ» (متى 2: 11). والركوع والسجود له بهذا الأسلوب هو جهل وتجديف، لو لم يكن المسيح هو اللّه الذي ظهر في الجسد.



شهد يوحنا المعمدان وقال عن نفسه إنه مجرد مجهِّز وممهِّد لطريق الآتي بعده، الأعظم منه بكثير، حتى أنه ليس مستحقاً أن يحل رباط حذائه، أي أنه لم يكن مستحقاً أن يكون خادماً له. وعندما ظهر المسيح وتعمد بالماء على يده بعد إصرار مُلحّ، رأى يوحنا المعمدان السموات مفتوحة، وروح اللّه نازلاً عليه (أي على يسوع المسيح) وصوت اللّه الآب من السماء قائلاً: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ ٱلَّذِي بِهِ سُرِرْتُ»(متى 3: 17). وفي اليوم التالي أشار يوحنا إلى يسوع قائلاً: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» و«... ٱلَّذِي يُعَمِّدُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ». و«هٰذَا هُوَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (يوحنا 1: 29، 33، 34).



نجد في مقدمة الإنجيل حسب يوحنا 1: 1 تصريحاً واضحاً عن ألوهية المسيح: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ». وقد نسب الرسول يوحنا هذا (وهو غير يوحنا المعمدان) إلى المسيح أموراً لا تُنسب لغير اللّه. فالكلمة وسيلة التعبير عن الفكر، هي بالذات نسبة المسيح إلى اللّه. الكلمة تكشف عن فكرة معينة، والمسيح يكشف عن اللّه بالذات. فالمسيح جاء ليُظهِر اللّه للبشر: «اَللّٰهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ» (يوحنا 1: 18). لقد وضَّح يوحنا أزلية المسيح في مضمون التعبير «في البدء». عند بدء أو خليقة العالم كان المسيح «موجود». الفعل هو بصيغة الماضي التام في اللغة الأصلية (اليونانية). وهو يبرز فكرة وجود المسيح منذ الأزل. وقد عبّر عن ذلك أحد كبار اللاهوتيين بقوله: «الكلمة كان عند اللّه منذ الأزل، في رفقة الآب كأقنوم مشارك في الألوهية. ومع أنه كان أقنوماً مميزاً، إلا أنه لم يكن كائناً منفصلاً عن اللّه، فالكلمة كان اللّه».



في مقدمة الإنجيل حسب يوحنا اعتبر «الكلمة» (المسيح) كائناً في البدء قبل كل شيء. ليس ذلك فقط بل نرى أن «كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان» (العدد الثالث). أمّا في العدد الرابع عشر فنقرأ: «وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّ». والبشير يوحنا نفسه في رسالته الأولى 4: 2 قال عن المسيح «قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ»، فهو يريدنا أن ندرك أن المسيح لم يكن مجرد رفيق اللّه الأزلي، بل أنه هو اللّه الأزلي بالذات. استعمل يوحنا كلمة «جسد» ليشير بصورة عامة إلى الطبيعة البشرية بما تتضمنه من محدودية وضعف. وكشف في مقدمة الأناجيل بكل بساطة عن حقيقة اللّه الأزلي وهو يأخذ وجوداً يشارك فيه الاختبار البشري العادي مع البشر. وبإيجاز فإن اللّه تجسّد في الإِنسان يسوع المسيح «عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ ٱلتَّقْوَى: ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (1 تيموثاوس 3: 16).



وعندما جهر الرسول بطرس بشهادته العظمى لم يكن يعبّر عن مجرد معتقده الشخصي بل كان يعبر عن معتقد غالبية التلاميذ حين قال ليسوع: «أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَي» (متى 16: 16). وهكذا نرى أنه مع مواصلة يسوع الكشف عن ماهية اللّه للبشر فإن توما أكثر التلاميذ تشكُّكاً وصل إلى مرحلة السجود عند قدمي المسيح والاعتراف بالقول: «رَبِّي وَإِلٰهِي» (يوحنا 20: 28)، هذا القول قَبِلَه المسيح بلا تردد، ولذلك يمكن اعتباره تأكيداً مباشراً من المسيح نفسه، وجزءاً لا يتجّزأ من إعلانه لحقيقة ألوهيته وأنّ قيام الرسل بالمعجزات هو دليل إضافي على ألوهية المسيح. فالمعجزة التي شفى بها بطرس الرجل الأعرج الواقف على باب الهيكل، فعلها بطرس باسم المسيح، إذ قال للرجل: «بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلنَّاصِرِيِّ قُمْ وَٱمْشِ» (أعمال الرسل 3: 6) وبالفعل مشى الرجل وزالت علّته. لكن ذلك أغاظ زعماء اليهود الذين اعتقلوا بطرس ورفيقه يوحنا لمحاكمتهما. وفي معرض ردّ بطرس على اتهاماتهم واعتراضاتهم قال: «إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ ٱلْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هٰذَا، فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلنَّاصِرِيِّ، ٱلَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، ٱلَّذِي أَقَامَهُ ٱللّٰهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هٰذَا أَمَامَكُمْ صَحِيح» (أعمال الرسل 4: 9 و10) وعندما أخرج الرسول بولس الروح الشرير من إمرأة قال: «أَنَا آمُرُكَ بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَ» (أعمال 16: 18) أمّا إستفانوس أول شهيد مسيحي فقد شهد قبل موته قائلاً: «أَنَا أَنْظُرُ ٱلسَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَائِماً عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ» (أعمال الرسل 7: 56).



شهد بولس في تعليمه مراراً لألوهية المسيح. وحالما اهتدى إلى المسيح ذهب إلى مجامع اليهود في دمشق وشرع يبشر بالمسيح قائلاً: «أَنْ هٰذَا هُوَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (أعمال الرسل 9: 20)، وقد كشف في رسالته إلى أهل كولوسي عن كون المسيح «صُورَةُ ٱللّٰهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ» (كولوسي 1: 15). كما أنه صرّح بأن «فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاهُوتِ (أي اللّه) جَسَدِيّ» (كولوسي 2: 9). كذلك قال لأهل كورنثوس: «اللّه كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه» (2 كورنثوس 5: 19). وفي رسالته إلى أهل رومية عندما أشار إلى كون اليهود أنسباء المسيح ذكر موضوع ألوهية المسيح فقال: «وَمِنْهُمُ ٱلْمَسِيحُ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ، ٱلْكَائِنُ عَلَى ٱلْكُلِّ إِلٰهاً مُبَارَكاً إِلَى ٱلأَبَدِ» (9: 5). كذلك نجد بولس يحث المسيحيين في مقاطعة فيلبي على اتّباع مثال المسيح يسوع أيضاً، «ٱلَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ ٱللّٰهِ (أي مشاركاً كلياً في الطبيعة الإلهية، أي صفات اللّه)، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلّٰهِ. (أي أنه لم يختر عن أنانية أن يبقى في تلك الحالة المباركة بينما يظل البشر تحت وطأة الخطية والبؤس) لٰكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي ٱلْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى ٱلْمَوْتَ مَوْتَ ٱلصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 6 - 8). وهكذا أصبح إنساناً قابلاً لنفسه محدودية الطبيعة البشرية. قدّم نفسه وهو الإله المتجسد بديلاً عن شعبه، وهكذا أيضاً أنجز عمله الخلاصي في حمله للعقاب المفروض على خطاياهم (وهو الألم والموت بالنيابة عنهم). ويضيف: «لِذٰلِكَ رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ أَيْض» (أي أن المسيح الإله المتجسد رُفع. وليس المقصود هنا إضافة لطبيعته الإِلهية، فهي كاملة لا ينقصها شيء، بل أن الطبيعة البشرية المتواضعة التي أخذها المسيح على نفسه هي التي أُعطي لها المجد والإكرام). ويتابع الرسول فيقول إن اللّه الآب «أَعْطَاهُ ٱسْماً فَوْقَ كُلِّ ٱسْمٍ» ألا وهو اسم «يسوع» (أي مخلص) «لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ» (فيلبي 2: 9-11) (التعبير رب يدل هنا على الربوبية أو الألوهية المطلقة). فإن أولئك الذين أوحى إليهم اللّه بكتابة العهد الجديد أشاروا إلى المسيح بتعابير وأوصاف وأسماء العهد القديم نفسها التي استعملت بشأن اللّه، فهم أشاروا إليه ك «أدوناي» وهو الاسم العبري الذي يعني «رب». وكلمة رب تُستعمل أيضاً عندما يكون الإسم العبري «يهوه» الذي يعني «الرب الإِله».



عندما ننتقل إلى الرسالة إلى العبرانيين فإننا نجد الكاتب ينسب الربوبية والألوهية للمسيح. يبدأ بالقول إن اللّه كان قد كلّم البشر في الأزمنة القديمة (أي في أيام التوراة) بواسطة الأنبياء، مستخدماً أساليب متنوّعة. «اَللّٰهُ، كَلَّمَنَا فِي هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ (أي حقبة العهد الجديد) فِي ٱبْنِهِ - ٱلَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، ٱلَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ ٱلْعَالَمِينَ. ٱلَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ ٱلْعَظَمَةِ فِي ٱلأَعَالِي» (عبرانيين 1: 1-3).



أما الرسول يوحنا، كاتب سفر الرؤيا فيخبرنا في معرض وصفه للمدينة السماوية المقدسة «أورشليم الجديدة» أنها لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن «مَجْدَ ٱللّٰهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَٱلْحَمَلُ سِرَاجُهَ» (سفر الرؤيا 21: 23). والتعبيران «اللّه» و«الحمل» هنا هما مترادفان، يتحدثان عن واحد وهو يسوع المسيح.



قام جميع من أوحى إليهم اللّه بكتابة أسفار الأناجيل (العهد الجديد) بتسجيل تعاليم ومعجزات ومواعيد المسيح مفترضين واقع كلامه عن ألوهيته، وكانوا هم أيضاً أعظم وأنسب وأصدق شهود لألوهيته، إذ كانوا قد عرفوه عن كثب. قال عنهم المسيح: «وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لأنَّكُمْ مَعِي مِنَ ٱلابْتِدَاء» (يوحنا 15: 27).



أما سجلات التاريخ منذ نشأة الكنيسة المسيحية فكلها تُظهِر أنهم قد قدموا شهاداتهم لسيدهم وربّهم بكل أمانة، واستشهد كثيرون في سبيل إيمانهم بالمسيح يسوع.



وفوق شهاداتهم نجد شهادات المؤمنين الذين لم ينتسبوا إلى مجموعة رسل المسيح. فمثلاً نجد قائد الكتيبة الرومانية التي أشرفت على الصلب، إذْ أبصر المسيح مصلوباً أعلن: «حَقّاً كَانَ هٰذَا ٱلإِنْسَانُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ!» (مرقس 15: 39). وأما الأبالسة (الكائنات الملائكية الذين سقطوا وأصبحوا شياطين) والذين كانوا على معرفة بعظمة المسيح الإلهية قبل تجسده، فإنهم عندما أمرهم المسيح أن يخرجوا من الأشخاص الذين كانوا قد سيطروا عليهم، قالوا فيما هم خارجون: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ؟ أَجِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ ٱلْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟» (متى 8: 29).



على أن قيامة المسيح من الأموات هي البرهان القاطع على طبيعته الإِلهية. لم يكن موت المسيح وقيامته رغم إرادته، بل كانا في نطاق قوّته وخياره الثابتين. عندما تكلم المسيح عن حياته قال: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْض» (يوحنا 10: 18). وكان قد تنبأ مراراً عن قيامته من الموت قائلاً: «وابن الإِنسان يُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم.... ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم» (مرقس 8: 31 و9: 31 و10: 33 - 44، ولوقا 18: 33 و24: 7، ومتى 20: 19 و27: 63)، ويشير بولس إلى القيامة كبرهان جازم على لاهوت المسيح فيقول: «وَتَعَيَّنَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِقُوَّةٍ... بِٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ: يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَ» (رومية 1: 4).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:42 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


ألقاب وصفات المسيح الألوهية


أولاً: ألقاب المسيح

«يسوع» هو الاسم الذي يعني مخلّص، وهو ما نسبه الملاك للمسيح عندما كشف حقيقة مجيئه لكل من يوسف ومريم. قال الملاك ليوسف: «وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) وقال لمريم: «هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ» (لوقا 1: 31). «يسوع» هو الصيغة اليونانية للاسم العبري «يشوع» الذي يعني «يهوه هو الخلاص». أما وقد دُعي المسيح ب «يسوع» فقد عبَّر هذا عن أهمية المهمة الخلاصية التي جاء لينجزها.



واسم المسيح يعني «الممسوح». وكان اللقب المعروف للمخلّص، وكثيراً ما استُعمل كاسم عَلَم. و«مسيح» يعني الممسوح من قِبَل الرب، وهذا له أساس قوي ومتواصل في تاريخ الشعب العبري عندما كان يتم احتفال تتويج ملوكهم بالمَسْح بالزيت (راجع صموئيل الأول 9: 16 و10: 1 وسفر صموئيل الثاني 19: 10). فالملك كان يُدعى أحياناً «مسيح يهوه» (راجع سفر صموئيل الأول 24: 6). إذن لقب «المسيح» هو للتذكير بأن الملك هو من أعلى طراز، أما الإسم المركب «يسوع المسيح»، فالمقصود منه هو «المخلص الممسوح» أي المخلص صاحب المكانة عند اللّه.تبيِّن لنا سجلات العهد الجديد حقيقة هامة هي أنّ يسوع تقبَّل من الناس أسمى الألقاب. فقد سمح لهم بأن يصفوه بما يوصف به اللّه. مع أنه منع غيره من قبول ألقاب مثل «المعلم» أو «السيد» (متى 23: 8 - 10) نجده يقبل لنفسه تلك الألقاب (يوحنا 4: 31 و9: 2)، بل أنه أكثر من ذلك امتدح من أعطوه إياها إذ قال: «أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَحَسَناً تَقُولُونَ، لأنِّي أَنَا كَذٰلِكَ» (يوحنا 13: 13). وعندما كانوا يهيئون دخوله للقدس في موكب كبير، أرسل المسيح اثنين من تلاميذه ليأتيا بجحش، وأمرهما أن يقولا لصاحبه إن «... ٱلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ» (مرقس 11: 3). ويُدعى المسيح عبر صفحات العهد الجديد «سيد» ليس بمجرد المعنى الذي فيه يقدم للبشر قسطاً من السلطة والشرف أو المكانة، بل بمعنى كونه حقاً السيد الأسمى ومطلق السيادة في ملكوته. وهو ربّ المسيحيين المؤمنين به، مثلما كان اليهود يؤمنون أن يهوه هو الرب في أيام العهد القديم.



قيل عنه في الإنجيل حسب لوقا 2: 11 و6: 5 «وُلِدَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱلرَّبُّ» و«ابن الإِنسان هو ربّ السبت». وفي الرسالة إلى فيلبي 2: 11 و4: 5 «... يَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلآبِ»، ثم «الربّ قريب».



في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 2: 8 ذكر: «رب المجد» وورد في الإنجيل حسب متى 15: 22 «ارحمني يا سيد» وكتب بولس الرسول في الرسالة إلى رومية 10: 9 «لأنَّكَ إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ ٱللّٰهَ أَقَامَهُ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ». ومن سفر أعمال الرسل 10: 36 «يُبَشِّرُ بِٱلسَّلامِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ». ويضيف سفر الرؤيا في 4: 8 و4: 11 و19: 16 ما يلي: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، ٱلَّذِي كَانَ وَٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي يَأْتِي». «أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ ٱلْمَجْدَ وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْقُدْرَةَ، لأنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».



«وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ ٱسْمٌ مَكْتُوبٌ: مَلِكُ ٱلْمُلُوكِ وَرَبُّ ٱلأَرْبَابِ».



لقد أعلن الوحي المقدس المسيح ربّاً للجميع، للذين في السماء وعلى الأرض. له يجب أن تسجد جميع المخلوقات اعترافاً بسلطانه المطلق. وحده له الحق فينا والسلطان علينا لأنه الخالق والفادي.



استعمل الرسول بولس عادة اصطلاحاً تقديمياً في رسائله هو «ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» كشهادة إيمان مسيحية للّه (راجع الرسالة إلى رومية 1: 7 والرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 3 والرسالة الثانية إلى كورنثوس 1: 2 والرسالة إلى غلاطية 1: 3)، الصيغة المركبة هذه هي إشارة للإله الذي يعبده المسيحيون، وهي تشير لكل من الآب والابن في مساواة مطلقة. هكذا فإن الآب والابن متحدان معاً، لا انفصال أو تفريق بينهما في وحدانية جوهرهما ومع ذلك فإنهما يتمتعان باستقلال ذاتي، فبعض الأعمال تنسب للواحد دون الآخر، مثلاً في الرسالة إلى غلاطية 1: 1-3 نقرأ عن «يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَٱللّٰهِ ٱلآبِ وَرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأجْلِ خَطَايَانَ». أما البركة الرسولية فهي: «نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمين» (2 كورنثوس 13: 14). ففيها يبقى اسم الرب يسوع المسيح مرتبطاً في مساواة مطلقة مع الآب والروح القدس، كمصدر لكل بركة روحية.



كانت قد نُسبت أسماء متنوعة وكثيرة للّه في العهد القديم، نسبها العهد الجديد أيضاً للمسيح. فالبشير متّى عند تسجيله لولادة المسيح نسب إليه الاسم «عمانوئيل» إذ يقول: «وَهٰذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ بِٱلنَّبِيِّ: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً، وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)» (متى 1: 22 و23. إشعياء 7: 14).



في العهد الجديد يظهر المسيح كملكنا وفادينا في هيئة شخصية أزلية. ويقول الرسول يوحنا في معرض وصفه للرؤيا التي رآها عن عظمة المسيح المتسلط على كل شيء. «فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: لا تَخَفْ، أَنَا هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ، وَٱلْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ ٱلْهَاوِيَةِ وَٱلْمَوْتِ» (رؤيا 1: 17 - 18). وفي نبوة إشعياء 44: 6 نقرأ: «هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ، رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَنَا ٱلأَوَّلُ وَأَنَا ٱلآخِرُ وَلا إِلَهَ غَيْرِي». وكما رأينا فإن يسوع المسيح يدعى «ربّ» مراراً وتكراراً في العهد الجديد. لكن هذا الموقف لا ينفرد به العهد الجديد وحده، فالعهد القديم، في معرض التنبؤ عن المسيح، أشار إليه بوضوح أحياناً بنفس اللقب. هذا ما نجده في مزمور 110: 1 «قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ». (قابل هذا بما ورد في الإنجيل بحسب متى 22: 44 حيث ينسب المسيح لنفسه تلك الإشارة من سفر المزامير. وكذلك نقرأ في نبوة ملاخي 3: 1 «وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ ٱلسَّيِّدُ ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ».نسب العهد الجديد ليسوع إسم «اللّه» أكثر من عشر مرّات (راجع يوحنا 1: 1 و18 و20: 28 ورسالة يوحنا الأولى 5: 20 والرسالة إلى العبرانيين 1: 8 ورسالة الرسول بطرس الثانية 1: 1 وسفر أعمال الرسل 18: 26 و20: 28 والرسالة إلى رومية 9: 5 والرسالة الثانية إلى تسالونيكي 1: 12 والرسالة إلى تيطس 2: 13 والرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 16).



هذا ما يتفق عليه علماء تفسير الكتاب من شتى المذاهب هو أن يسوع، كما أعلن العهد الجديد، هو نفسه ربّ العهد القديم. فكتبة العهد الجديد ينسبون للمسيح أقوالاً من العهد القديم هي في أصلها كانت تشير إلى «أدوناي» أو «يهوه» إسمي الألوهية في العهد القديم. (قابل نبوة أشعياء 40: 3 مع الإنجيل حسب مرقس 1: 3 ونبوة يوئيل 2: 32 مع سفر أعمال الرسل 2: 21 والرسالة إلى رومية 10: 13 ونبوة إشعياء 45: 23 مع الرسالة إلى فيلبي 2: 10... قابل أيضاً نبوة إرميا 9: 24 مع الرسالة الأولى إلى كورنثوس 1: 31 و10: 17 ومزمور 68: 18 مع الرسالة إلى أفسس 4: 8، ونبوة إشعياء 2: 19 مع الرسالة الثانية إلى تيموثاوس 4: 14 وسفر الرؤيا 22: 13).



علينا أن نلاحظ إذن أن المسيح يُدعى في العهد الجديد بالألقاب التالية:

في الإنجيل بحسب متى

«يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» 1: 21

«عمانوئيل، أي اللّه معنا» 1: 23

«المسيح ابن اللّه الحي» 16: 16

«يسوع المسيح» 16: 20

«ابن الإِنسان» 17: 9

«معلم» 23: 10



في الإنجيل بحسب لوقا

«يسوع الناصري، قدّوس اللّه» 4: 34



في الإنجيل بحسب يوحنا

«الكلمة» 1: 1

«كل شيء به كان» 1: 3

«كُّوٍّن العالم به» 1: 10

«الابن الوحيد» 1: 18، 3: 16

«ابن اللّه» 1: 34 و49، 20: 31

«ملك إسرائيل» 1: 49

«المسيح مخلّص العالم» 4: 42

«الخبز الحي» 6: 51

«الباب» 10: 7

«الراعي الصالح» 10: 11

«القيامة والحياة» 11: 25

«المسيح ابن اللّه الآتي إلى العالم» 11: 27

«الطريق والحق والحياة» 14: 6

«الكرمة الحقيقية» 15: 1



في سفر أعمال الرسل

«القدوس البار» 3: 14

«رئيس الحياة» 3: 15

«مخلّص» 5: 13



في الرسالة إلى رومية

«إلهاً مبارك» 9: 5



في الرسالة الأولى إلى كورنثوس

«قوة اللّه وحكمته» 1: 24

«ربّ المجد» 2: 8

«رأس كل رجل» 11: 3



في الرسالة الثانية إلى كورنثوس

«صورة اللّه» 4: 4



في الرسالة إلى غلاطية

«فادي» 3: 13



في الرسالة إلى فيلبي

«ربّ» 2: 11



في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس

«ربّ الأرباب» 6: 15



في الرسالة إلى العبرانيين

«وارث لكل شيء» 1: 2

«بهاء مجد اللّه ورسم جوهره» 1: 3

«رئيس الخلاص» 2: 10

«رئيس كهنة عظيم» 4: 14

«رئيس الإِيمان ومكمّله» 12: 2

«وسيط» 12: 24



في رسالة بطرس الثانية

«المخلّص» 1: 1



في سفر الرؤيا

«الرب الكائن» 1: 8

«الكائن والذي كان والذي يأتي» 1: 8

«القادر على كل شيء» 1: 8

«الأول والآخر» 1: 17

«الحيّ» 1: 18

«الألف والياء البداية والنهاية» 21: 6




  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:44 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


ثانياً: صفات المسيح


نجد عبر صفحات العهد الجديد الخصائص والصفات الإِلهية الثابتة للمسيح، وذلك لا يحدث على سبيل المجاملة كما في حالات امتداح مخلوقين أتقياء، بل أن ما ينسب إلى المسيح من صفات هو من النوع الذي لا يمكن أن يُنسب سوى للّه وحده. فيما يلي نعرض قائمة بتلك الخصائص:



1 - بلا خطية:

في الإنجيل بحسب يوحنا 6: 69 نجد إقراراً مهمّاً أعلنه الرسول بطرس عن المسيح الذي آمن به: «أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ». وفي رسالته الأولى يقول بطرس عن سيده: «لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلا وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ» (2: 22). ويصرح الرسول بولس بدوره فيقول عن المسيح: «لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً» (2 كورنثوس 5: 21)، أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيقول في المسيح: «قُدُّوسٌ بِلا شَرٍّ وَلا دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ...» (7: 26) وقد تحدث المسيح نفسه عن قداسته وكماله. ففي يوحنا 8: 29 يقول مشيراً إلى كمال أخلاقه وعصمته عن الخطأ بالنسبة لشريعة اللّه: «لأنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ». وفي يوحنا 8: 46 تحدّى معارضيه الذين سعوا للتشكيك في نزاهته قائلاً: «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» إضافة إلى ذلك فإن الإنجيل يحدثنا عن إقرار الشياطين، ألدّ أعدائه، فيقولون عنه: «قدّوس اللّه» (مرقس 1: 24). هذه كلها اعتبارات مهمّة، خاصة وإن الكتاب المقدس لا يسمح بأن تُضفى مثل هذه الصفات من الكمال على أي من خلائق اللّه.



2 - الأزلية:

مقدمة الإنجيل بحسب يوحنا لها مقامها الفريد من جهة الكشف عن أزلية المسيح. ففي العدد الأول نرى تعريفاً مهمّاً للمسيح ككلمة اللّه المتجسد: «في البدء كان الكلمة»، وفي نفس السفر نجد إعلانات واضحة من فم المسيح نفسه عن أزليته، فيقول عن نفسه: «قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا 8: 58). ثم في صلاته الشفاعية الخاصة صلّى المسيح للآب قائلاً: «مَجِّدْنِي بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 17: 5)، «لأنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ ٱلْعَالَمِ» (العدد 24) بالإضافة إلى هذا نجد مضمون النبوات التي تحدثت عن المسيح في أسفار أنبياء العهد القديم قبل مجيئه بمئات السنين. فالنبي إشعياء دعاه في سفره «أباً أبدي» (9: 6) والنبي ميخا قال عنه: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (5: 2). إذن المسيح هو ملك جميع الدهور.



3 - مصدر الحياة: خالقها ومبدعها:

تطرّق الوحي الإِلهي إلى وصف المسيح كما يلي في الإنجيل بحسب يوحنا:



«فِيهِ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ» - 1: 4

«أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلا بِي» - 14: 6

«أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ» - 11: 25

«لأنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذٰلِكَ أَعْطَى ٱلابْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ» 5: 26

فليس المسيح إذن مجرد مصدر للحياة فحسب، بل أنه هو الحياة الحقيقية ذاتها.



4 - الثبات المطلق وعدم التغيّر:

توجز الرسالة إلى العبرانيين وتحسم الأمر هكذا: «يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ» (13: 8). «وَأَنْتَ (إشارة إلى المسيح) يَا رَبُّ فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ، وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلٰكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى» (1: 10 - 12).



5 - القدرة المطلقة على كل شيء:

لم يتردد السيد المسيح مطلقاً في الكشف عما لديه من قدرة في الوقت المناسب. هذا لا يقتصر على مجرد إجراء المعجزات والعجائب، وكذلك لا غموض في تصريحاته عن هذا الموضوع: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» (متى 28: 18)، «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي» (متى 11: 27).



كتب الرسول بولس بوحي من الروح القدس في رسالته التعليمية إلى المؤمنين في أفسس: «وَأَخْضَعَ (أي اللّه الآب) كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْساً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ» (أفسس 1: 22). أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيعرّف المسيح أنه: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (1: 3). وفي سفر الرؤيا يخبرنا الوحي أن المسيح هو «ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ... وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (1: 8)، والنبي إشعياء تنبأ عنه قائلاً فيه «الإِله القدير» (إشعياء 9: 6).



لكن الأمر لم يقتصر على مجرد بيانات. إنما ما قيل في المسيح، سواء على فمه هو أو على فم غيره، بوحي من اللّه، كان دائماً مدعَّماً بالأعمال الخارقة للطبيعة والتي أُجريت علناً وشهد لها الجميع، الأصدقاء والأعداء على السواء. فقد أقام الموتى (راجع يوحنا 11: 43، 44 ولوقا 7: 14 و15). وكشف أنه هو الذي سينجز عملية القيامة الأخيرة لجميع الأموات عندما قال: «إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ» (يوحنا 5: 28، 29).



6 - العلم المطلق بكل شيء:

قال التلاميذ للسيد المسيح: «اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ...» (يوحنا 16: 30)، والإنجيل المقدس يكشف لنا حقيقة عِلْم المسيح بما يجري في عقول وأفئدة البشر. فعندما صرح للمفلوج بغفرانه لمعاصيه كشف في نفس الوقت عن الاشمئزاز الصامت لمعارضيه بتصريحه هذا: «فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِٱلشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟» (متى 9: 4).



وهذا ما يسجله أيضاً البشير يوحنا:



«لٰكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ ٱلْجَمِيعَ. وَلأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجاً أَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ عَنِ ٱلإِنْسَانِ، لأنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي ٱلإِنْسَانِ» (2: 24،25).



«لأنَّ يَسُوعَ مِنَ ٱلْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ ٱلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ ٱلَّذِي يُسَلِّمُهُ» (6: 64).



«فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ» (18: 4).



وورد في رسالة بولس إلى كولوسي أنه «... ٱلْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْعِلْمِ» (2: 3). وقال المسيح عن نفسه: «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ» (متى 11: 27). إن ما يكشف عنه المسيح هنا هو في غاية الأهمية. فهو يفهمنا الحقيقة الأساسية في ألوهيته، وهي أن ذاته وكيانه اللاهوتييْن هما على درجة شاهقة من العظمة حتى أنه لا يمكن لأحد غير اللّه نفسه إستيعابهما. ليس ذلك فقط، بل أوضح المسيح لنا من جهة أخرى أن طاقة معرفته اللاهوتية هي غير محدودة كمعرفة اللّه الآب الكاملة والتامة.



كشف الإنجيل بكل تأكيد أن يسوع كان يتمتع بعلم وحكمة مطلقين لا حدود لهما. قال أحد المفكرين بهذا الأمر: «إن أعظم الدلائل على قدرة المسيح الخارقة في فحص وتحليل وقراءة ما يتضمنه قلب الإِنسان من أسرار هي ما كشف عنه بخصوص كل من نثنائيل، والمرأة السامرية، وتلميذه الخائن يهوذا، وتلميذه المغرور بنفسه بطرس. أخبر المسيح وأشار إلى وقائع المستقبل، فتحدث عن موته وقيامته وعودته إلى الأرض». إن مسيرة التاريخ كانت مفتوحة أمام عينيه، فهو قد تتبع متضمنات ما سبق وصار، وهو رأى مسبقاً الأعمال المعجزية الخارقة التي كان سينجزها تلاميذه، كما أنه أخبر عن هزيمة إبليس العتيدة وانتصار ملكوت اللّه الذي يلازم ذلك. فالأرض والسماء، الأزل والأبد، اللّه والإِنسان كل شيء مكشوف أمام عينيه.



7 - الوجود الكلي الذي لا يحده مكان ولا زمان:

عرّفت بشارة يوحنا المسيح على أنه «اَلابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ» (1: 18). في ذلك تأكيد ليس فقط على أن المسيح ذو علاقة لاهوتية مباشرة باللّه، بل أيضاً هنالك تشديد على أنه بالرغم من تجسُّده ووجوده على الأرض بين البشر فإن صلته الوثيقة ولحمته الحميمة مع اللّه بقيت دون تغيير أو تحوير. فعند تجسده لم يكن يعبّر عن مجرد علاقته السابقة باللّه، أي أنه كان مع اللّه، بل أنه بقي أيضاً مع اللّه. هذا في الواقع ما يعنيه العدد الأول من بشارة يوحنا والذي يقول دون إبهام: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ (أي المسيح)، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ». فالمسيح إذن كان مع اللّه وبقي عند تجسده في صورة بشرية «كائن» مع اللّه. ويلقي يسوع نفسه ضوءاً على تلك الحقيقة في قوله: «وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلا ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ» (3: 13). قال المصلح الشهير يوحنا كالفن بصدد هذا النص من الإنجيل: «المسيح تجسد، ولكنه لم يُحصَر ولم تقلّ قيمته، فابن اللّه نزل من السماء بطريقة معجزية خارقة للطبيعة، في نفس الوقت الذي فيه بقي موجوداً في السماء. لقد اختار أن يولد من عذراء بطريقة عجيبة لكي يعيش على الأرض ويُعلَّق على الصليب. لكنه في الوقت ذاته لم يكفّ عن أن يملأ الكون بوجوده، كما كان الكون معمَّراً بوجوده منذ البداية».



ثم نلاحظ أن المسيح نفسه كشف عن حقيقة وجوده الكلي وغير المحدود عندما قال: «حَيْثُمَا ٱجْتَمَعَ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِٱسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى 18: 20) وكذلك في قوله: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متى 28: 20). إنّ نصّ الإنجيل الأخير هذا ورد على لسان يسوع عندما كان مجتمعاً برسله على جبل الزيتون بعد قيامته من الأموات. وهو هنا يطمئنهم ويؤكد لهم استمرارية وجوده وقوته معهم، حتى أنه أزاح الستار على أنّ تأثيره عليهم ومعهم لن يكون تأثير معلّم أو نبي ميت ومقبور، بل هو تأثير من هو حاضر وحيّ دائماً. أما كونه موجوداً في كل مكان فهذا يعني أنه يبقى دائماً قريباً، قادراً على حماية وتعزية شعبه حتى لا يصيبهم أذى أو أسى غير ما يراه هو ويسمح به لأجل صالحهم ومنفعتهم. لقد كان حضور المسيح مع تلاميذه بعد قيامته من الموت أكثر وضوحاً من وجوده الجسماني قبل موته. فبعد قيامته أصبح إيمانهم وعلاقتهم به قوة انتصارية دافعة، بينما كان اعتبارهم له قبل موته دائم التأرجح والتشكك. أشار الرسول بولس إلى حقيقة وجود المسيح المطلق في كل مكان بقوله: «مِلْءُ ٱلَّذِي يَمْلَأُ ٱلْكُلَّ فِي ٱلْكُلِّ» (أفسس 1: 23).



8 - الخلق:

مرة أخرى نجد أن تقديم الإنجيل بحسب يوحنا للمسيح واضح ومختصر ومفيد: «كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (1: 3) - «كُوِّنَ ٱلْعَالَمُ بِهِ» (1: 10). وما أوحى به الروح القدس عبر كتابة الرسول بولس ليس أقل شأناً في الشهادة للمسيح الخالق: «فَإِنَّهُ فِيه (في المسيح) خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لا يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاطِينَ. ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ ٱلْكُلُّ» (كولوسي 1: 16 و17). أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين فكتب عن الأمر مذكِّراً بما كان أنبياء العهد القديم قد سبق وقالوه عن المسيح القادم إلى العالم: «وَأَمَّا عَنْ ٱلابْنِ (فقال اللّه على لسان داود): كُرْسِيُّكَ يَا أَللّٰهُ إِلَى دَهْرِ ٱلدُّهُورِ...» (عبرانيين 1: 8). وهكذا كان قد ورد في المزمور 45: 6. وفي (1: 10 و11) يتابع كاتب الرسالة إلى العبرانيين اقتباسه من أقوال الأنبياء عن المسيح: «وَأَنْتَ يَا رَبُّ فِي ٱلْبَدْءِ أَسَّسْتَ ٱلأَرْضَ، وَٱلسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلٰكِنْ أَنْتَ تَبْقَى...» وهذا ما ورد في مزمور 102: 25. وكاتب هذه الرسالة هنا سعى ليس لمجرّد تذكيرنا بما يقوله العهد القديم في المسيح، بل أيضاً لإِيقافنا على حقيقة كون العهد القديم يقول في المسيح ما لا يُقال سوى في اللّه بالذات، فهو كان قد سبق وقال في المسيح: «حَامِلٌ كُلَّ ٱلأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (عبرانيين 1: 3) وهذا ما ينطبق تماماً على ما ورد في رسالة الرسول بولس الأولى إلى المؤمنين في كورنثوس: «... وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ» (8: 6).



لقد كتب بصدد هذا الموضوع أحد كبار المفكرين المسيحيين يقول: «يخبرنا الكتاب المقدس أن المسيح هو خالق الكون بأسره، ما هو منظور وما هو غير منظور. هذا لا يتضمن فقط ما في الكون الطبيعي والمادي من شموس ونجوم لا تُحصى، بل أيضاً جميع أنواع الحياة الشخصية بما في ذلك الملائكة والبشر. الجميع مدينون له بوجودهم، وهو يشرف على كافة أرجاء الكون، حامياً له من التفكك والانحلال والخراب. وتفيدنا كلمة اللّه أن المسيح هو مصدر كل الأشياء ما يُرى وما لا يُرى، وهو الغاية النهائية لكل الخليقة. إذن ليس المسيح هو خالق كل الأشياء فقط، بل إنها جميعاً خُلقت لأجله هو، فهو الآخِر كما هو الأول، وهو النهاية كما هو البداية».



9 - السلطان والحق في مغفرة الخطايا:

عندما شفى يسوع المفلوج وغفر له خطاياه تململ الكتبة متسائلين في سرّهم: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هٰذَا هٰكَذَا بِتَجَادِيفَ؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلا ٱللّٰهُ وَحْدَهُ؟» (مرقس 2: 7). لكن يسوع عرف ما في قلوبهم وبادرهم قائلاً: «وَلٰكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ ٱلإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى ٱلأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا....» (مرقس 2: 10). وأما المفلوج فقد أمره يسوع، بعد أن غفر له خطاياه، أن يحمل سريره ويذهب إلى بيته. وهكذا فإننا نرى أن المسيح يربط بين صلاحيته لمغفرة خطايا البشر وقدرته الألهية على شفاء أمراضهم. وهو لم يتكلم عن مجرد السلطة على مغفرة خطية الآخرين، بل أكّد أنه هو نفسه البديل الذي يحمل عقاب الخطية عنهم. وأعلن لتلاميذه بعد قيامته من الموت «وَأَنْ يُكْرَزَ بِٱسْمِهِ بِٱلتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا لِجَمِيعِ ٱلأُمَمِ» (لوقا 24: 47). أمّا شهادة يوحنا المعمدان الذي جاء ليمهد الطريق لمجيء المسيح فقد كانت واضحة وجلية أمام الجميع: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا 1: 29)، وبشّر الرسول بطرس الأمم قائلاً: «لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ ٱلأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا...» (أعمال الرسل 10: 43) وكتب بولس الرسول: «لَنَا فِيهِ ٱلْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ ٱلْخَطَايَ» (كولوسي 1: 14). وكتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى: «وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1: 7). ليسوع المسيح إذن المقدرة على مغفرة خطايا الآخرين، لأنه هو نفسه كان مزمعاً أن يدفع ثمن ذلك الفداء الثمين.



10 - مؤسس الخلاص:

لدينا مجموعة بيانات وتصريحات في الكتاب المقدس تعلّمنا أن السيد المسيح هو مؤسس ومنبع الخلاص. وهذه البيانات والتصريحات تدعو الناس إلى الإِيمان بالإله الحقيقي الوحيد. وغاية الإِيمان الحياة الأبدية. ورد في الإنجيل بحسب يوحنا 3: 36 «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ». هذه شهادة يوحنا للمسيح أنه في الإيمان الخلاص، وفي الخلاص الحياة الأبدية. أجاب بولس وسيلا في أعمال الرسل 16: 31 على رغبة سجَّانهما المتلهفة لمعرفة الحق: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». أما المسيح نفسه فكلماته لم تكن أقل وضوحاً بهذا الشأن إذ يقول: «أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ فَآمِنُوا بِي» (يوحنا 14: 1).



يؤكد يوحنا أيضاً أن المؤمنين يرثون الحياة الأبدية، ولم يكن هذا ليحصل لولا محبة اللّه الآب. «لأنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ... اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لا يُدَانُ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدِ» (يوحنا 3: 16 و18). ويخبرنا يوحنا أيضاً بلسان السيد المسيح عن السبب الجوهري للإيمان. فما هي المحبة وما هو الخلاص والحياة الأبدية إن لم يؤكد لنا يسوع أنه حي إلى الأبد؟ فالإيمان به هو الأمل الوحيد للانتصار على الموت، حيث يصرح لنا: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلأَبَدِ...» (يوحنا 11: 25، 26).



ولهذا، فالإيمان بالمسيح مرتبط تماماً بالإيمان باللّه، وكلمة اللّه لا تفرق بينهما. ففي الإنجيل بحسب يوحنا 12: 44 يأتي قول المسيح: «ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي»، وفي 6: 28 - 40 من نفس الإنجيل المقدس ترى هذه العبارات: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ ٱللّٰهِ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «هٰذَا هُوَ عَمَلُ ٱللّٰهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ.. َأنَا هُوَ خُبْزُ ٱلْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلا يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلا يَعْطَشُ أَبَداً... لأنَّ هٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى ٱلابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَخِيرِ». وقال: «أَنَا ٱلْكَرْمَةُ (الحقيقية) وَأَنْتُمُ ٱلأَغْصَانُ. ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هٰذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأنَّكُمْ بِدُونِي لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَٱلْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ، فَيَحْتَرِقُ» (يوحنا 15: 5، 6). وأيضاً في 10: 9 يقول: «أَنَا هُوَ ٱلْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى». وفي 10: 27 و28 يقول: «خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي». أما الصلاة الشفاعية المدوَّنة في يوحنا 17: 3 ففيها قال السيد المسيح: «و ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ».



راجع أيضاً هذه الآيات ذات البيان الواضح التي وردت في الإنجيل بحسب متى 10: 32 و11: 27، 28.



فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ ٱلنَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ.

لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلابْنَ إِلا ٱلآبُ، وَلا أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلا ٱلابْنُ وَمَنْ أَرَادَ ٱلابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ.

تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.

ومن يوحنا 8: 24: «إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ».



ومن سفر الرؤيا 2: 10 «كُنْ أَمِيناً إِلَى ٱلْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ».



ومن أعمال الرسل 4: 12 «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاصُ. لأنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ».



إنّ اسم «يسوع» هو من مصدر إلهي وهو يعادل «يشوع» بالعبرية ومعناه «يهوه المخلّص» أو «اللّه هو المخلصّ». فقبل أن يأتي المسيح إلى عالم البشر وصفه الملاك الذي بشّر به هكذا «تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» تَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (متى 1: 21) حتى أن يوحنا الرسول طرح بوضوح القصد الحقيقي من كتابته في قوله: «وَأَمَّا هٰذِهِ (أي الأمور المختصة بيسوع) فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنا 20: 31).



حمل هذه التصريحات أعظم وأثمن وأكرم الوعود. أنها بكل تأكيد لا تدع مجالاً للشك في أن الإيمان بالمسيح أمر ضروري للخلاص، وأنه بمعزل عنه لا يوجد أمل في الخلاص. ومن المستحيل على أحد أن يأتي بتصريحات ساطعة وباهرة كالتي صرح بها السيد المسيح بخصوص شخصيته وتأثيره على حياة الآخرين. لقد قال أحد عظماء اللاهوتيين: «من الواضح أن اللّه بالذات في عدم محدوديته لا يسعه أن يقدم شيئاً أعظم قدراً ولا أسمى منزلة مما يهب السيد المسيح لشعبه، فهم موجَّهون للتطلّع إليه كمصدر كل بركة وواهب كل عطية صالحة وخالصة الكمال. إنها لأروع الصلوات وأكثرها تعبيراً تلك التي ختم بها الوحي الإلهي الرسالة إلى مؤمني مقاطعة غلاطية والتي تقول: نعمة ربّنا يسوع المسيح مع روحكم أيها الإخوة. آمين».



11 - موضوع الصلاة والعبادة:

نقرأ بوضوح في الإنجيل عن مناسبات عديدة سجد فيها البشر للمسيح وعبدوه. فالبشير متى يذكر لنا أنه لما أرشد اللّه المجوس (حكماء المشرق) إلى مكان ولادة مخلّص البشر في بيت لحم بفلسطين، فإنهم «خَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ» بمجرد رؤيتهم للطفل يسوع (2: 11). وعندما مشى المسيح على الماء فإن الذين كانوا في السفينة سجدوا له قائلين: «بِٱلْحَقِيقَةِ أَنْتَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ» (14: 33)، سجدت له أيضاً المرأة الكنعانية قائلة: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي» (15: 25)، وكذلك تلاميذه عندما ظهر لهم في الجليل بعد قيامته «وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ» (28: 17).



ويذكر البشير لوقا في 24: 51 و52 عن صعود المسيح إلى السماء «ٱنْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ. فَسَجَدُوا لَهُ».



أمّا يوحنا فيخبرنا عن سجود الأعمى للمسيح بعد أن أعاد إليه بصره وأمره بالاغتسال في بركة سلوام (9: 38)، وأيضاً عن تلميذه توما عند رؤيته لسيده بعد قيامته من الموت إذ سجد له قائلاً: «رَبِّي وَإِلٰهِي» (20: 28). وهو هنا لم يكتف بالسجود له، بل أشار إليه كإِلهه وربّه الذي يتعبَّد له. وجدير بالذكر أن المسيح لم يوبّخه على ما تكلّم به، بل تجدر الإِشارة هنا إلى أن هؤلاء الناس من ملوك إلى تلامذة وأناس عاديين ومن كانوا بحاجة إلى شفاء من مرض أو علة جسدية، جميعهم قد تساووا في السجود له معترفين بألوهيته. ففي كافة الظروف والمناسبات لم يعترض يسوع المسيح بتاتاً على سجود البشر له وعبادتهم إياه، بل تقبّل تلك المواقف البشرية كأمور ضرورية ولائقة به.



أعطى يسوع شهادات مهمة جداً تتعلق بألوهيته وباستحقاقه للعبادة، وإذ أراد من المؤمنين به أن يضعوا ثقتهم به ويتّكلوا عليه اتكالاً كاملاً في كل أمور حياتهم جَاءهم بهذا التأكيد قائلاً: «حَيْثُمَا ٱجْتَمَعَ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِٱسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى 18: 20)، وكذلك قبل صعوده إلى السماء قال لهم: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ» (متى 28: 20).



إن تصريحات كهذه لا يمكن أَخْذها إلاّ من منطلق رغبة المسيح في الكشف عن ألوهيته، فمَنْ غير اللّه يستطيع أن يكون في كل مكان؟ من هنا كانت محتويات أسفار العهد الجديد ومواقف الكنيسة المسيحية الرسولية الأولى التي اتفقت في إصرارها على تقديم الإكرام والعبادة المختصين باللّه وحده، ليسوع المسيح: «لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلآبَ. مَنْ لا يُكْرِمُ ٱلابْنَ لا يُكْرِمُ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ» (يوحنا 5: 23). وقد عبّر المؤمنون عن ذلك ليس أثناء ظروف حياتهم العادية فحسب، بل حتى تحت أشد ويلات الاضطهاد، كما دعا القديس إستفانوس في صلاته، عندما استشهد لأجل مناداته بالإنجيل، للمسيح: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱقْبَلْ رُوحِي» (أعمال الرسل 7: 59).



إن السجود والتعبد للمسيح هما من ركائز المناداة بالإنجيل، ومن المتطلبات الرئيسية للذين ينتمون للمسيح وينالون خلاصه. من هنا طرح المسيح في الإنجيل أهمّ الأسئلة إطلاقاً: «ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟» وقد وردت عليه ردود كثيرة جميعها تفيد بضرورة الإيمان بالمسيح والتعبُّد له. وفيما يلي نسرد بعضاً منها:



«آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال الرسل 16: 31).

«إِنِ ٱعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ، خَلَصْتَ» (رومية 10: 9).

«لأنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَخْلُصُ» (رومية 10: 13).

«لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَة... ٍوَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ» (فيلبي 2: 10، 11).

«وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلائِكَةِ ٱللّٰهِ» (عبرانيين 1: 6).

ثم أن هناك التصريحات الرسولية التي يصعب عدّها والتي سجلها الوحي الإلهي، وكلّها تؤكد على ربوبية المسيح واستحقاقه أن يُعبَد. نورد منها على سبيل المثال ما يلي:



«رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (2 بطرس 3: 18).

«مُسْتَحِقٌّ هُوَ ٱلْحَمَلُ ٱلْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ ٱلْقُدْرَةَ وَٱلْغِنَى وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلْقُوَّةَ وَٱلْكَرَامَةَ وَٱلْمَجْدَ وَٱلْبَرَكَةَ.. لِلْجَالِسِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ ٱلْبَرَكَةُ وَٱلْكَرَامَةُ وَٱلْمَجْدُ وَٱلسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (الرؤيا 5: 12، 13).

لقد شدد الرسول بولس على عقيدة الربوبية في بداية كل رسالة كتبها، وهو دائماً يذكر الاسمين «ابن اللّه» و«الرب يسوع المسيح» بطريقة عفوية على أساس كونهما متساويين في إشارتهما لألوهية المسيح. فإن الرب يسوع المسيح ابن اللّه هو الذي يهب النعمة والسلام. ومع ذلك فإن بولس لم يدع مجالاً للشك في أنه كان متمسكاً بوحدانية اللّه، فهو يقول: «لَيْسَ إِلٰهٌ آخَرُ إِلا وَاحِد»، (1 كورنثوس 8: 4-6). وهذا هو الإله الوحيد الذي قدّم بركته للمؤمنين بواسطة ما يُعرَف بالبركة الرسولية التي تقول: «نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ» (2 كورنثوس 13: 14). وما هذه سوى صلاة موجهة إلى المسيح لأجل نعمته، وإلى الآب لأجل محبته، وإلى الروح القدس لأجل شركته المقدسة.



هذه الحقائق التي يضعها الوحي الإلهي بين أيدينا لا يوجد تفسير مفهوم لها سوى ذلك الذي تمسكت به الكنيسة المسيحية عبر العصور، أي أن اللّه هو في ثلاثة أقانيم، هم جميعاً واحد في الجوهر، ومتساوون في القدرة والمجد.



لكننا إذا قارنا تلك التعبيرات الإنجيلية التي تنسب الصلاة والعبادة للمسيح، مع الأخرى التي تُبرِز وحدة اللّه وجلاله، والمجد الذي ينفرد به دون سواه، لا يكون أمامنا مفر من التسليم بأن الوحي الإلهي إنما يكشف عن أن العبادة هي لإله واحد، وأن المسيح هو في نفس الوقت مَن يعبده المؤمنون. فكلمة اللّه تقول: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَٱخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي ٱلأَرْضِ لأنِّي أَنَا ٱللّٰهُ وَلَيْسَ آخَرَ» (إشعياء 45: 22)، وجاء أيضاً في نبوة إرميا 17: 5 «مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى ٱلإِنْسَانِ وَيَجْعَلُ ٱلْبَشَرَ ذِرَاعَهُ».



إضافة إلى ذلك هناك تصريحات الوحي الإلهي الكثيرة التي تدين الوثنية والتعبُّد لغير اللّه. من هنا كان الأمر بسيطاً للغاية. فهي واحدة من اثنتين: إمّا أن ألوهية المسيح التي يعلّمها الكتاب المقدس هي حق، أو أن الكتاب المقدس مضلّل وليس من اللّه.



تضع كلمة اللّه اعتراف الإِنسان بألوهية المسيح والارتكان له والإتكال عليه اتكالاً مطلقاً كالمخلّص الوحيد على مرتبة عالية جداً. وقد اعتبر هذا الاعتراف دليلاً على صدق انتماء الفرد للّه.



12 - ديّان كل البشر:

يشغل موضوع الدينونة النهائية مكاناً مهماً ضمن تعليم يسوع المسيح. فهو يشدد على أن دينونة البشر واقعة فحسب، بل أنه أكد على أن المسيح هو بالذات الذي سيقوم بدور الديان. فهو الذي سيصدر الأحكام النهائية على كل البشر، وهو الذي يقرر المصير الأبدي لكل منهم. فقد قال: «لأنَّ ٱلآبَ لا يَدِينُ أَحَداً، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلآبَ... تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ، حِينَ يَسْمَعُ ٱلأَمْوَاتُ صَوْتَ ٱبْنِ ٱللّٰهِ، وَٱلسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ... فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ» (يوحنا 5: 22-29).



ربما يكون الفصل الخامس والعشرون من الإنجيل حسب متى أهم نص في الوحي الإلهي فيما يخص التعليم عن نهاية العالم. وهو يوجه أنظارنا إلى كون المسيح الملك الديّان، فيقول: «وَمَتَى جَاءَ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ ٱلْمَلائِكَةِ ٱلْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ ٱلشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ ٱلرَّاعِي ٱلْخِرَافَ مِنَ ٱلْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ ٱلْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْجِدَاءَ عَنِ ٱلْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ... ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ ٱلْيَسَارِ: ٱذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاعِينُ إِلَى ٱلنَّارِ ٱلأَبَدِيَّةِ ٱلْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلائِكَتِهِ... فَيَمْضِي هٰؤُلاءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَٱلأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (عدد 31-46).



لقد أكد السيد المسيح على أنه الرب الديان، الذي بيده مصير البشر، منذ بداية خدمته الجمهورية. فعندما ألقى عظته الرسمية الافتتاحية لتلك الخدمة (المعروفة بالموعظة على الجبل) قال لجماهير مستمعيه: «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، يَدْخُلُ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ. بَلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي ٱلإِثْمِ» (متى 7: 21 - 23).



وأفادنا رسل المسيح بالحقيقة عينها، فالرسول بطرس قال عن يسوع: «هٰذَا هُوَ ٱلْمُعَيَّنُ مِنَ ٱللّٰهِ دَيَّاناً لِلأَحْيَاءِ وَٱلأَمْوَاتِ» (أعمال الرسل 10: 42). والرسول بولس قال: «لأنَّهُ لا بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعاً نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ ٱلْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِٱلْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْراً كَانَ أَمْ شَرّ» (2 كورنثوس 5: 10). وهذه لم تكن قناعات الرسل فحسب، بل أن الكنيسة المسيحية تمسكت بها، مضيفة إياها إلى لائحة معتقداتها الأساسية.



لم يتردد الربّ يسوع أبداً أن ينسب إلى نفسه أسمى امتيازات الألوهية. فهو لم يعمل ذلك فقط، بل رحّب بما نسبه له الآخرون من ميزات الربوبية وألقابها الجوهرية مثل: القداسة، الأزلية، السلطان على مغفرة الخطايا، القدرة على افتداء حياة الناس، الحق في أن يُصلَّى إليه ويُعبَد، وسلطان الحكم النهائى على مصير البشر.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:48 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


وجود المسيح الأزلي قبل التجسد


في سلسلة من البيانات المتتابعة والهامة جداً، يبلغنا السيد المسيح أموراً جوهرية عن نفسه. لقد حرص كل الحرص على أن يعرفنا أن وجوده لم يبدأ عند ولادته في بلدة بيت لحم، إنما هو «أتى» أو «نزل» من السماء إلى الأرض، وأنه «أُرسل من قِبَل الآب». فمن الواضح أنه كان موجوداً قبل ذلك. تلك البيانات التي نحن بصددها لا تمثل مجرد شهادة فريدة لمهمته الإلهية على الأرض، بل أنها تشهد أيضاً لأصله السماوي. إنها تقدم المسيح لنا ليس فقط كأعظم بني البشر، بل كمن سَبق وجودُه تجسدَه. إنها إشارات أزليته وسرمديته واضحة، وتؤكد أنه لم يكن لوجوده بداية ولن تكون له نهاية. إنه هو البداية والنهاية. وقد نبعث تصريحات السيد المسيح هذه عن وعيه وإدراكه لوجوده الأزلي. وهكذا فإن المسيح يضع نفسه في مكانة أعلى وأهم من مكانة أصله البشري والأرضي. وهذا ما يفسر لنا كلام المسيح للبشر عن الأمور الروحية السامية، طالباً إليهم أن يكيّفوا حياتهم بمقتضى تعاليمه الهامة. وهذه بعض النصوص الكتابية التي تدعم وجهة نظرنا:



«لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأنْقُضَ ٱلنَّامُوسَ أَوِ ٱلأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ».

«لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاماً عَلَى ٱلأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ ٱلإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَٱلابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَٱلْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ ٱلإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ». (متى 5: 17 و10: 34 - 36). ليس المقصود هنا تسبيب الخصام، بل أن حياة الإيمان الجديدة تتسبَّب في عداء ومعارضة لأصحابها، لدرجة أن ينبذهم أهلهم ومجتمعهم غير المؤمن.

«لِنَذْهَبْ إِلَى ٱلْقُرَى ٱلْمُجَاوِرَةِ لأكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضاً، لأنِّي لِهٰذَا خَرَجْتُ».

«لا يَحْتَاجُ ٱلأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ ٱلْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى ٱلتَّوْبَةِ».

«لأنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ». (مرقس 1: 38 و2: 17 و10: 45).

«لأنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا 19: 10).

ومن بشارة يوحنا النصوص الكتابية التالية:



«لَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ إِلا ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي هُوَ فِي ٱلسَّمَاءِ».

«اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ، وَٱلَّذِي مِنَ ٱلأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ ٱلأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ،... لأنَّ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ ٱللّٰهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلامِ ٱللّٰهِ».

«فَإِنْ رَأَيْتُمُ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ صَاعِداً إِلَى حَيْثُ كَانَ أَّوَلاً...».

«لأنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ... لأنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَٱلآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي».

«أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هٰذَا ٱلْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هٰذَا ٱلْعَالَمِ».

«خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ ٱلآبِ، وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَأَيْضاً أَتْرُكُ ٱلْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى ٱلآبِ» (3: 13، 3: 31 - 34، 6: 62، 8: 14 و16، 8: 23، 16: 28).

ولم يصرّح المسيح فقط بوجوده قبل مجيئه إلى العالم، بل أيضاً أنه كان موجوداً منذ الأزل. هذا ما نراه في النصوص الإنجيلية التالية كما رواها القديس يوحنا:



«قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ».

«وَٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ».

«لأنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ ٱلْعَالَمِ» (8: 58، 17: 5، 17: 24).

هنا نجد دلالة قاطعة أن علة وجوده هي من ذاته وليست من مصدر خارجي. هذا يذكّرنا بما ورد في التوراة في سفر الخروج 3: 14 «أهيه الذي أهيه» وهو تعبير يشير إلى عظمة اللّه وجلاله، وليس فقط إلى وجوده. «أهيه» أو «يهوه» هو الإسم العبري للّه، والمترجم في العربية ب «الرب». والترجمة الحرفية للتعبير «أهيه الذي أهيه» هي: «الكائن الذي هو كائن». وهو الاسم الذي يشدّد على كون اللّه هو وحده الكائن الأزلي، بمطلق ما في ذلك من تعبير. فهو وحده الذي يتصرّف بحرّية واستقلالية مطلقتين. هذا ما أراد اللّه أن يعرّف نفسه به لعبده موسى. ويسوع هنا ينسب لنفسه ذات الإسم «الكائن الذي هو كائن» أي اللّه الكائن بذاته منذ الأزل. ونجد نفس المعاني فيما ينسبه سفر الرؤيا للمسيح حيث يتكلّم يوحنا الرائي على لسان يسوع فيقول: «أَنَا ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ» (سفر الرؤيا 22: 13).



لم يكشف يسوع إذن عن وجوده السابق للتجسد فحسب، بل أيضاً كشف عن أن ذلك الوجود هو أزلي. هذا يطابق تماماً بيانات الآخرين عنه في الإنجيل (العهد الجديد)، فيوحنا المعمدان قال عن المسيح: «يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأنَّهُ كَانَ قَبْلِي» (يوحنا 1: 30). بالطبع لم يكن المقصود هنا أن يسوع وُلد قبل يوحنا المعمدان، لأن يوحنا كان قد وُلد قبل يسوع ببضعة أشهر، ولكن المقصود بالتعبير «صار قدّامي» الإشارة إلى رتبة المسيح الأسمى من رتبة يوحنا. فالمسيح هو الكلمة ذو الكيان السابق، المعادل للآب من جهة كل شيء، بما في ذلك عملية الخلق. يسوع المسيح هو الأساس الذي «صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّ» (يوحنا 1: 14).



أمّا بولس الرسول فيعطينا ما يمثّل قمة الحق الإلهي المكشوف للبشر فيقول: «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ» (1 تيموثاوس 1: 15)، ويكتب أيضاً إلى المؤمنين في كولوسي: «فِيهِ (أي في المسيح)خُلِقَ ٱلْكُلُّ: مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى ٱلأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لا يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاطِينَ. ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ ٱلْكُلُّ» (كولوسي 1: 16، 17) وكتب بولس أيضاً عن المسيح إلى تلميذه تيموثاوس قائلاً: «ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (1 تيموثاوس 3: 16).



أمّا كاتب الرسالة إلى العبرانيين فيقول: «يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَٱلْيَوْمَ وَإِلَى ٱلأَبَدِ» (عبرانيين 13: 8)، فالمسيح بقي «هو هو» دون تغيير، مع كل تغيير طرأ على غيره. «هو هو» في هذا الجيل الحاضر كما في الماضي القريب أو البعيد. «هو هو» في المستقبل أيضاً. وفي هذا المسيح الثابت، الذي لا يعتريه تغيير ولا ظل دوران، يجد المؤمن سنده وملجأه الأبدي الأكيد.



ولا تقتصر هذه البيانات على كتابات العهد الجديد (الإنجيل). فهناك نبؤات كتبها أنبياء العهد القديم بخصوص المسيح المنتظر والتي سبقت مجيئه بمئات السنين، ولم تتحدث عن مجرد ولادته المتوقعة كإنسان كامل، بل أنها أيضاً أكّدت حقيقة وجوده قبل مجيئه إلى الأرض، فأظهرت أن وجوده السابق يرجع إلى الأزل وقبل أن يوجد الزمن نفسه. هذا ما وضّحه النبي ميخا الذي كتب سفره حوالي سبعمائة عامٍ قبل مجيء المسيح. ففي معرض نبوته عن مكان مولد المسيح يقول: «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي ٱلَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (ميخا 5: 2). والنبي أشعياء الذي عاش في نفس الفترة التي عاش فيها النبي ميخا، وصف المسيح، بروح النبوة فقال إنه يكون «عَجِيباً، مُشِيراً، إِلَهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلامِ» (إشعياء 9: 6).



يبرز يسوع المسيح عبر كل التاريخ البشري كالمنتظَر مجيئُه قبل مئات السنين. لم تكن هناك نبؤات ولا توقُّعات بمجيء غيره من الشخصيات التاريخية لأنه لم يكن كالإسكندر الكبير أو نابليون أو غيرهما من القادة الذين لم ينتظرهم أحد في أوقات وأمكنة ظهورهم. وحتى قبل وجود الأنبياء أنفسهم قطع اللّه الوعد بمجيئه، فبمجرد أن وقع أبوانا الأولان آدم وحواء في خطية العصيان، وكسرا وصية اللّه، جاء الوعد بقدوم المخلّص، فقد أخبر اللّه إبليس المتمثل بالحية الخادعة بأن نسل حواء «هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ» (تكوين 3: 15). وهذا ما تحقق في عمل المسيح الكفاري وانتصاره التاريخي الساحق على إبليس. ولكن على مرّ الزمن توالت المواعيد والبيانات على فم أنبياء اللّه بمجيء المسيّا والمخلّص المنتظَر، حتى أنّه في عصر ولادة المسيح من مريم العذراء ومجيئه إلى العالم كان هناك شعور وتوقع عام بقرب مجيئه، وكان أسلوب وموضوع ولادته واضحين لمنتظري تحقيق مواعيد اللّه، فقد وُصف في الأسفار المقدسة كمَن «نزل» من السماء إلى الأرض. وكمَنْ شارك الآب في مجده منذ الأزل، لا بل وكمَنْ «خرج من عند الآبَ» (يوحنا 16: 28). أي كمَنْ هو في أوثق وأهم المعاني، واحد مع اللّه. كلماته ذاتها لا تترك مجالاً للشك في أنه يعتبر نفسه زائراً للأرض من عالم أسمى، وأنه جاء في مهمة سماوية خاصة على الأرض لخلاص البشر وفدائهم.



قال أحد كبار اللاهوتيين: «في دراستنا ليسوع المسيح، من المهم جداً أن نتفهم حياته على ضوء وجوده السابق لقدومه إلى عالم البشر، فتجسُّده لم يكن مجرد ولادة رجل عظيم، لأن تجسد المسيح يعني دخول اللّه إلى حيّز ومحيط الوجود البشريين. وهكذا نكون على إدراك مستمر أنه في يسوع المسيح نلتقي وجهاً لوجه مع الإله المتجسد. ومن جهة أخرى فإن إدراكنا لهذا الأمر يولّد فينا تقديراً لائقاً بالخدمة التي جاء للقيام بها من أجلنا. من باب المستحيلات أن يكون مفهومنا للمسيح يتفق مع عظمة ما قام به، ما لم ندرك أن ابن الإِنسان قد جاء لا ليُخدَم بل ليَخْدِم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين» (متى 20: 28).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:48 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


معجزات المسيح


معجزات السيد المسيح هي برهان قاطع على ألوهيته. إن تعريف المعجزة حسب مفهوم الوحي الإلهي هو عمل أو حدث علني أُجري بقوة اللّه المُباشرة، بقصد إثبات صحة رسالة الرسول. لكن المعجزات التي قام بها السيد المسيح تختلف من حيث طبيعتها ومداها وأسلوبها عن المعجزات التي جرت على أيدي الأنبياء والرسل. وأساس الاختلاف هذا هو أنه بخلاف الوضع مع الأنبياء والرسل، فإن المسيح حقق ما حققه من أعمال معجزية بقوته هو، لا بواسطة قوة خارجة عنه. عندما تحققت المعجزات على أيدي الرسل والأنبياء أصرّوا دائماً على أن ما عملوه لا يرجع إلى قوتهم الشخصية. مثلاً عندما انشطرت مياه البحر الأحمر وعبر بنو إسرائيل على اليابسة في قلب المياه، لم يتردد كليم اللّه موسى في أن ينسب العمل للّه (خروج 14: 13). وهذا أيضاً ينطبق على أيام العهد الجديد. فعندما شفى الرسولان بطرس ويوحنا الرجل الأعرج الواقف على بوابة الهيكل كان ردُّهما على تعجّب الجموع التي شاهدت المعجزة هكذا: «مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هٰذَا، وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هٰذَا يَمْشِي؟» (أعمال الرسل 3: 12). وعندما شفى بولس مريضاً في مقاطعة لسترة، وشرع الناس بتقديم ذبائحهم له ولزميله برنابا، سارع برفض ذلك، وبإعطاء المجد للّه قائلاً: «نَحْنُ أَيْضاً بَشَرٌ تَحْتَ آلامٍ مِثْلُكُمْ» (أعمال الرسل 14: 15). لكن عندما شفى المسيح المرضى وأخرج الأرواح النجسة أو أقام الموتى أو أوقف هيجان البحر، فإنه قام بكل ذلك بقوته غير المحدودة. وقد كشف عن تلك الحقيقة بدون تردد قائلاً: «... اَلأَعْمَالُ ٱلَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِٱسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي...» (يوحنا 10: 25)، «إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلا تُؤْمِنُوا بِي. وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِٱلأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ ٱلآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ» (يوحنا 10: 37، 38). لقد جاء تلميذا يوحنا المعمدان ليسألا المسيح إن كان هو المسيّا المنتظر أم لا، فأجابهما المسيح: «... ٱذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ: اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَٱلْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَٱلْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَٱلصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَٱلْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَٱلْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ...» (متى 11: 4 و5). اللّه هو الذي أقرّ ونظّم قوانين الطبيعة، وهو وحده يقدر أن يغيّرها أو يعطلها كما يشاء. لقد أبرز المسيح قوته وعظمته وجلاله في كل مرة أجرى فيها معجزة، مقدِّماً بذلك برهاناً ساطعاً على ألوهيته.



إن عدد المعجزات التي قام بها المسيح كان كبيراً جداً، وقد سجّل الإنجيل حوالي أربعين منها، كانت بمثابة أمثلة لإبراز قوة المسيح الشفائية، ومقدرته على إقامة الموتى والتسلُّط على قوى الطبيعة. وهناك إشارات في الإنجيل إلى أن الكثير من معجزات المسيح لم تُسجّل (راجع متى 4: 23، 24 ويوحنا 20: 30).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:49 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


أهمية الإيمان بألوهية المسيح


يعلّم الكتاب المقدس ألوهية المسيح بجلاء ووضوح. وهذا الأمر مفروغ منه بالنسبة لكل من يؤمن أن الكتاب هو كلمة اللّه. لا يوجد مجال للجدل في أنّ يسوع المسيح عرّف نفسه في الإنجيل على أنه اللّه المتجسد. ومن المؤكد أن البشر الذين اختارهم اللّه لتدوين سجلات العهد الجديد كانوا يتمسكون بهذه الحقيقة الهامة والسامية، ولم يترددوا في عبادة المسيح كاللّه. ثم أن الكنيسة المسيحية عبر العصور بكافة طوائفها تمسكت بألوهية المسيح الذي تتعبَّد له. هذا واضح من كافة السجلات العقائدية، من قوانين الإيمان إلى الترانيم الروحية والكتابات التعبُّدية. ففي كتابات وسجلات كل جيل وقرن نجد أن التمسّك بألوهية المسيح هو عقيدة كل من قرأوا سجلات الوحي الإلهي وتبنّوا تعاليمها.



إن إنكار ألوهية المسيح واعتباره مجرد معلّم أو نبي عظيم، يتناقض مع مضمون الوحي الإلهي. فإنكار تعاليم الوحي الإلهي يبعد الإِنسان عن منبع الحكمة والحق، ويدفعه إلى تفاسير عقلانية سطحية لأمور لا يمكن فهمها إلاّ بالحكمة الروحية التي أوحى بها اللّه. فالحياة كل الحياة تكمن في هذا الإدراك الروحي، والاعتراف المخلص بألوهية الفادي. هذه هي الحياة الأبدية أن يؤمن البشر بالمسيح المخلّص. إن عدم وجود هذا الإيمان الكتابي بالمسيح يقود إلى موت روحي أبدي. المسيح هو الحياة، ولذلك فإن «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ» (يوحنا 3: 36).



التمسُّك بألوهية المسيح حسب تعليم الكتاب المقدس أمر ضروري للغاية، بحيث يُعتبر المقياس الأساسي للتمييز بين الحق والباطل، وهذا ما يوجّه انتباهنا إليه الرسول يوحنا في قوله: «أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، لا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ ٱمْتَحِنُوا ٱلأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ؟ لأنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ... وَكُلُّ رُوحٍ لا يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ ٱللّٰهِ. وَهٰذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَٱلآنَ هُوَ فِي ٱلْعَالَمِ» (رسالة يوحنا الأولى 4: 1 - 3).



يشدد الرسول بولس على العقيدة الكتابية الصحيحة بقوله: «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (1 كورنثوس 12: 3). ومعنى هذا: إن الذي استنار من الروح القدس يعترف بالمسيح يسوع كربّ ومخلّص، لأنه آمن بألوهية المسيح. فالذي يتأمل يسوع بعينيه غير المستنيرتين من الروح القدس لا يرى فيه سوى إنسانيته. وقد يصل إلى الإقرار بأن المسيح كان رجلاً عظيماً، وبأن مبادئه سامية للغاية. هذا كل ما يمكن لإِنسان غير مستنير أن يراه في المسيح. لكن ذلك غير كاف، لأنه نصف الحقيقة. وحالما يجدّد الروح القدس الإِنسان، وينير بصيرته الروحية، يرى نفسه خاطئاً أمام اللّه، محكوماً عليه بالقصاص، ويرى في نفس الوقت بعين الإيمان الجديدة أن يسوع المسيح هو حقاً ابن اللّه المتجسد الذي صُلب لأجل خطاياه، وقام من الأموات، وهو جالس الآن عن يمين اللّه الآب بكل سلطان وعظمة. كتب أحد كبار لاهوتيي القرن التاسع عشر عن هذه الحقيقة قائلاً: «كل من يؤمن أن يسوع الناصري هو اللّه الذي ظهر في الجسد، ويحبه ويطيعه، يكون قد وُلد من اللّه. أما الذي ينكر هذا الحق فهو ليس إلاّ عدو المسيح. من ينكر الابن ينكر الآب أيضاً. فنكران الواحد هو نكران للآخر». وهذا ينطبق تماماً على ما أورده الوحي الإلهي على لسان الرسول بولس عندما كتب قائلاً: «... إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي ٱلْهَالِكِينَ، ٱلَّذِينَ فِيهِمْ إِلٰهُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، لِئَلا تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللّٰهِ» (2 كورنثوس 4: 3، 4). وبناء على هذا التعليم فإن الهالكين هم الذين لا يرون ولا يؤمنون أن يسوع هو اللّه المتجسد، لأن معرفة المسيح والإيمان به واضحة وجليّة. ففي الحياة مع المسيح المجد والبركة والهناء والحيوية. من المحال أن تكون الحياة هنيئة بمعزل عن مصدرها وبارئها. فالذي يؤمن بالمسيح يحيا إلى الأبد، لأن الإِنسان لا يحيا من ذاته، بل المسيح هو الذي يحيا فيه. لهذا فإن حياتنا مستترة مع المسيح في اللّه، وبذلك أصبحنا كاملين فيه لا ينقصنا شيء. فإننا بواسطة الإيمان به فقط نحصل على الفرح الحقيقي بسبب محبته وافتدائه لنا. ويشرح الرسول بولس أهمية محبتنا للّه فيقول: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يُحِبُّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَ» (أي مرذولاً ومخذولاً) (1 كورنثوس 16: 22)، الكتاب المقدس يشدد على أن نكران ألوهية المسيح ورفض قبوله وعدم محبته والثقة به وعبادته وخدمته كإله، هي سبب دينونة اللّه على كل الذين يسمعون الإنجيل ويرفضونه.



إن ألوهية المسيح هي واقع أرسخ من أن يُرفَض، وهي حق أخطر من أن يُنبذ بدون عقاب، لأن الذين يؤمنون بذلك يخلصون، والذين ليس لهم عيون ليبصروا ويؤمنوا فهم بعدم إيمانهم قد أهلكوا أنفسهم. «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ» (يوحنا 3: 36).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:49 AM   رقم المشاركة : ( 9 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


دلائل بشريّة المسيح


في الجواب على السؤال: «من هو فادي مختاري اللّه؟» يقول كتاب أصول الإِيمان: «إن الفادي الوحيد لمختاري اللّه هو الرب يسوع، الذي وهو منذ الأزل ابن اللّه، صار إنساناً، وهكذا كان ولا يزال إلهاً وإنساناً معاً، ذا طبيعتين متميزتين وأقنوم واحد إلى الأبد» وفي الجواب على السؤال: «كيف صار المسيح إنساناً وهو ابن اللّه؟» يجيب: «إن المسيح ابن اللّه صار إنساناً باتخاذه لنفسه جسداً حقيقياً ونفساً ناطقة، إذ حُبل به بقوة الروح القدس في رحم مريم العذراء، ووُلد منها بدون خطية».



كما رأينا في الفصول السابقة أن المسيح يتمتع بطبيعة إلهية، وله كل صفات وألقاب اللّه. ومع هذا كلّه علينا ألاّ ننسى أنه، وهو على الأرض، قد تمتع بطبيعة بشرية حقيقية وكاملة. فقد كان عظماً من عظامنا، ولحماً من لحمنا، عاش أثناء وجوده على الأرض كأي إنسان آخر، عُرضة لكل الصعوبات والتجارب والآلام. فمن جهة ناسوته أو طبيعته البشرية، هو واحد منّا تماماً، كما كان متحداً باللّه من جهة لاهوته أو طبيعته الإِلهية. فعندما كان طفلاً كانت له مشاعر ومزايا الأطفال، وعند نموه «تَقَدَّمَ فِي ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْقَامَةِ وَٱلنِّعْمَةِ، عِنْدَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ» (لوقا 2: 52).



من فم أمه تعلم أولاً أمور اللّه الطاهرة، وعند ركبتيها كان يركع مراراً كثيرة ليصلي. لقد نما في بلدة الناصرة التي لم تكن لها مكانة معتبرة ولا شهرة ذائعة. أمّا يوسف ومريم فقد احتفظا بتلك العجائب التي رافقت طفولة يسوع. ومن المرجح أنّ أمّه لم تخبر بها إلاّ الفريق المقرّب من تلاميذه بعد قيامة المسيح. أمّا رفقاء وأقرباء ومعاصرو المسيح فلم يلاحظوا على الأغلب أنه خلال نموه كان يتمتع بمزايا فائقة للطبيعة. ومن المرجح أن يوسف الذي كان خطيب أمّه مات قبل أن يشرع يسوع في خدمته الجهارية. وبما أن يسوع كان الابن البكر، فإن مسؤولية إعالة أمّه وبقية أسرته وقعت على عاتقه، وكنجّار كان يعرف معنى الكدّ اليومي. ومع أن الكتاب المقدس يسمّي المسيح «آدم الثاني» فإنه لم يأت إلى عالم البشر كإنسان بالغ، بل مرّ بكل مراحل الاختبارات البشرية من طفولته حتى رجولته. لقد عاش يسوع المسيح حياة بشرية في كل لحظة وساعة ويوم من وجوده في عالم البشر.



تمتع يسوع المسيح بطبيعة بشرية أصيلة، وعاش حياة بشرية إعتيادية. ولقد تضمَّن أول مواعيد الوحي الإِلهي بمجيء المخلّص حقيقة ناسوت المسيح، للتأكيد على أنه سيكون «نسل المرأة» الذي يسحق رأس الحية (تكوين 3: 15). هناك إذن في مطلع سجلات الوحي الإِلهي دلالة قاطعة على أن اللّه قصد أن يستخدم نائباً بشرياً للقيام بمهمة الفداء. أما الوعد المعطى لإبراهيم فيدل أيضاً على أن العهد الأبدي المقام معه من اللّه سيتحقق في نسله (تكوين 17: 19 و22: 18). ذلك هو الوعد الذي تحدث عنه الوحي الإِلهي على لسان الرسول بولس، عندما قال إنه لم يتم في الشعب اليهودي عامة بل في المسيح بالذات (غلاطية 3: 16 و17). أما داود فكان قد تلقَّى وعداً أن نسله سيجلس على عرشه من بعده إلى الأبد (2 صموئيل 7: 2 - 16) و(أخبار الأيام الثاني 6: 16)، هذا ما ورد في قول المزمور 132: 11 «مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ». أما النبي إشعياء الذي تحدث في نبوته عن مجيء الفادي بتفصيل عجيب، فتنبّأ أن المسيح سيُولد من عذراء بطريقة معجزية (إشعياء 7: 14)، والنبي ميخا ذكر أن المخلص سيُولد في بيت لحم (ميخا 5: 2).



وينسب العهد الجديد إلى المسيح مشاعر واختبارات بشرية حقيقية. فيما يلي بعضها:

1 - الولادة:

«وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ...» (متى 2: 1).

«أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ...» (لوقا 2: 11).

2 - النمو:

«وَكَانَ ٱلصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِٱلرُّوحِ، مُمْتَلِئاً حِكْمَةً...».

«وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْقَامَةِ وَٱلنِّعْمَةِ، عِنْدَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ» (لوقا 2: 40 و52).

3 - التعب:

«فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ ٱلسَّفَرِ، جَلَسَ هٰكَذَا عَلَى ٱلْبِئْرِ...» (يوحنا 4: 6).

4 - النوم:

«غَطَّتِ ٱلأَمْوَاجُ ٱلسَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِم» (متى 8: 24).

«وَكَانَ هُوَ فِي ٱلْمُؤَخَّرِ نَائِماً. فَأَيْقَظُوهُ..» (مرقس 4: 38).

5 - الجوع:

«فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِير». «وَفِي ٱلصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى ٱلْمَدِينَةِ جَاعَ» (متى 4: 2 و21: 18).

6 - العطش:

«يَسُوعُ... قَالَ: أَنَا عَطْشَانُ» (يوحنا 19: 28).

7 - الغيظ:

«فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذٰلِكَ ٱغْتَاظَ» (مرقس 10: 14). «فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِيناً عَلَى غِلاظَةِ قُلُوبِهِمْ» (مرقس 3: 5).

8 - الحنو والعطف:

«وَلَمَّا رَأَى ٱلْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ» (متى 9: 36). «فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ (على الأبرص) وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ» (مرقس 1: 41).

9 - المحبة:

«فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ» (مرقس 10: 21). «وَاحِدٌ مِنْ تَلامِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ...» (يوحنا 13: 23).

10 - الفرح:

«كَلَّمْتُكُمْ بِهٰذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ» (يوحنا 15: 11).

11 - الحزن والهمّ:

«وَٱبْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ» (متى 26: 37). «بَكَى يَسُوعُ...» (يوحنا 11: 35). «اَلآنَ نَفْسِي قَدِ ٱضْطَرَبَتْ» (يوحنا 12: 27).

12 - التجربة:

«ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ مِنَ ٱلرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ» (متى 4: 1»). «لأنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ ٱلْمُجَرَّبِينَ» (عبرانيين 2: 18). «لأنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلا خَطِيَّةٍ» (عبرانيين 4: 15).

13 - الصلاة:

«صَعِدَ إِلَى ٱلْجَبَلِ مُنْفَرِداً لِيُصَلِّيَ» (متى 14: 23). «وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى ٱلأَرْضِ» (لوقا 22: 44). «ٱلَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ» (عبرانيين 5: 7).

14 - التألُّم:

«هُوَ مَجْرُوحٌ لأجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَ» (إشعياء 53: 5). «هٰكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ... أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ» (لوقا 24: 46). «مَعَ كَوْنِهِ ٱبْناً تَعَلَّمَ ٱلطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ» (عبرانيين 5: 8).

15 - الموت:

«فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ ٱلرُّوحَ» (متى 27: 50). «أَنَّ ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ ٱلْكُتُبِ» (1 كورنثوس 15: 3). كانت للمسيح طبيعة بشرية حقيقية، بما فيها من مزايا البشر الإعتيادية، كما كان أيضاً عرضة لنفس الميول البشرية الطبيعية. أمّا كون طبيعة الربّ يسوع المسيح البشرية تامة فهو واضح من قول الوحي الإلهي: «يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ (أي البشر) فِي كُلِّ شَيْءٍ» (عبرانيين 2: 17) إن يسوع المسيح بكل وعي وعن قصد سابق دعا نفسه «إنسان» قائلاً: «تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِٱلْحَقِّ» (يوحنا 8: 40). وقد دعاه البعض من معاصريه «إنسان» هذا ما قاله بيلاطس عنه: «هُوَذَا ٱلإِنْسَانُ» (يوحنا 19: 5). «يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللّٰهِ» (أعمال الرسل 2: 22). «يُوجَدُ إِلٰهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ: ٱلإِنْسَانُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ» (1تيموثاوس 2: 5).

أمّا سلسلة الأنساب التي تدل على سلالة يسوع المسيح البشرية فلها دلالاتها القاطعة على ناسوته (راجع متى 1: 1 - 17 ولوقا 3: 23 - 38). تلك اللوائح من شأنها الدلالة ليس فقط على ناسوت المسيح، بل أيضاً على كونه الوريث الملوكي والشرعي لداود. ثم أن لقب «ابن الإِنسان» بغضّ النظر عمّا يحويه من معنى شاسع وعميق، هو في معناه الأساسي يشير إلى طبيعة المسيح البشرية. هذا وإن الكنيسة المسيحية على مدى العصور والأجيال كانت دائماً تعتقد أن مسيحها لم يكن إلهاً فحسب، بل إنساناً أيضاً.



إن محدوديات يسوع في مجالات المعرفة تكوِّن موضوعاً شيقاً للدراسة، فكما لاحظنا أنه «كان يتقدم في الحكمة وفي القامة والنعمة عند اللّه والناس»، وكإنسان لم يكن عليماً بكل شيء، فإن الطبيعة البشرية تتصف بالمحدودية، وإذ تمتع بها يسوع فقد أُلحقت به المحدودية التي للبشر. من نتائج هذه المحدودية نرى أنه تعجّب من إيمان قائد المئة (لوقا 7: 9)، كما أنه أبدى عدم معرفته وقت انقضاء العالم. ففي إحدى عظاته قُبَيل صلبه بأيام أخبر تلاميذه عن وعي وقصد أنه لم يكن يعرف وقت انقضاء العالم: «وَأَمَّا ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ وَتِلْكَ ٱلسَّاعَةُ فَلا يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلا مَلائِكَةُ ٱلسَّمَاوَاتِ، إِلا أَبِي وَحْدَهُ» (متى 24: 36). راجع أيضاً (مرقس 13: 32).



كان يسوع يستعمل قوة معجزية فوق الطبيعة عندما كان يعالج حالات طالبي الشفاء. فعندما لمست ثوبه امرأة مصابة بنزيف دم مزمن، سأل وهو بين الجموع عن الذي لمسه، لأنه شعر أن قوة خرجت منه (لوقا 8: 45. راجع أيضاً مرقس 5: 25 - 34). كذلك عندما أخبره مبعوث أسرة لعازر أنه مريض، عرف يسوع على الفور أن لعازر قد مات. وكان يعرف كذلك أن القصد من المرض «لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأجْلِ مَجْدِ ٱللّٰهِ، لِيَتَمَجَّدَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ بِهِ» (يوحنا 11: 4). ورغم معرفة يسوع على التّو أن لعازر مات سأل: أين وضعوه، وبكى مع الأختين الثاكلتين. لكنه ما برح أن أظهر قوته الفائقة للطبيعة بإقامة لعازر من الأموات بعد موته بأربعة أيام. (راجع يوحنا 11: 1 - 44). وعند عودته من بيت عنيا جاع ورأى من بعيد شجرة تين عليها ورق، وعندما اقترب إليها لم يجد فيها ثمراً، فأيبسها بمجرد أمر منه. (راجع مرقس 11: 12 - 14 و11: 20).



كتب عن موضوع ناسوت المسيح أحد كبار علماء اللاهوت يقول: (أخبرنا يسوع استناداً إلى البشير مرقس 13: 32، أنه كان يجهل وقت يوم الدينونة، كما وأنه أظهر لنا مراراً رغبته في الحصول على معلومات من البشر. لقد كان بالفعل محدوداً في طبيعته البشرية، ولكن بدون أي نقص في صفاته. وكان أيضاً عُرضة للتجارب، كما يشعر دائماً بحاجته للاعتماد على اللّه. وهو رجل صلاة مُلِمٌ بالفرق بين ما يتعارض مع مشيئة اللّه وشريعته، وما ينسجم ويتفق معها. لم يكن يتمتع بعقل إنسان فقط، بل بقلب إنسان أيضاً، وأكثر من ذلك إنسان بدون خطية. ومن الضروري أن ندرك أنه قد نما تماماً كما ينمو البشر، وهذا لا ينطبق على أيام حداثته فحسب، بل أيضاً على كل مرحلة من مراحل حياته البشرية على الأرض. فقد تمّ نموّه في المعرفة والحكمة والإحترام والإحسان والقوة الأخلاقية والطهارة والقداسة. لقد كان من الطبيعي أن ينمو يسوع المسيح نموّاً عادياً، تماماً كما ينمو البشر في كافة جوانب الطبيعة البشرية).



كان من الضروري للمسيح أن يختبر كل ما هو للإِنسان. ولكن مع كل هذا التشديد الضروري على الدلائل المؤكدة لصحة وحقيقة وأصالة ناسوت المسيح، فإنه من الواجب التشديد على الأدلة المؤكدة لأصالة وكمال طبيعته الإلهية. ففي نفس الوقت الذي يبدو فيه المسيح غير عالم بقضية معيَّنة (راجع مرقس 13: 32) فإنه يَظهَر كمَنْ هو عالم بكل شيء. (يوحنا 16: 30 و21: 17). وفي نفس الوقت الذي نرى فيه أنه رغب في الحصول على معلومات من مصادر خارجية، وسأل عن أمور لا يعرفها، وتعجّب من أمور، فإنه أظهر أيضاً أنه كان ملمّاً بكل ما يحدث أو ما قد حدث دون أن يخبره أحد. لقد علم بتفاصيل حياة نثنائيل السرية (يوحنا 1: 47)، كما أنه كان على علم بخفايا حياة السامرية (يوحنا 4: 29)، ثم أنه كان يعرف حتى أفكار أعدائه بالتمام (متى 9: 4). نعم لقد كان على علم بكل ما في الإِنسان (يوحنا 2: 25). وهذا الواقع المزدوج لم يكن بالأمر المشوش أو المزعج، بل أنه كان يمثل أعظم انسجام وأعمق تضامن. صحيح أن المبعوث أخبره بمرض لعازر، ولكنه لم يكن في حاجة لمن يخبره أن لعازر قد مات. وعلى نفس المنوال نرى كيف أنه في الوقت الذي عبّر فيه عن ناسوته ومشاعره في بكائه على لعازر وحزنه عليه، فإنه عبّر عن ألوهيته بإقامة لعازر من الموت بمجرد أمر نطق به.



إيجازاً لما سبق، فإننا في كل مكان نرى هذه الحقيقة المزدوجة العجيبة في حياة يسوع المسيح، أي أنه، له المجد، كان يتمتع بطبيعة إلهية وبشرية في آن واحد. والذين يَصِلون إلى معرفة يسوع المسيح من العهد الجديد، يجدون أنه لم يكن إنساناً فحسب، بل إنه كان أعظم، وكان يشعر مع من يقترب إليه من البشر. لقد تقبَّل بصدر مفتوح إحضار الأمهات أطفالهن إليه، كما فتح قلبه للسامرية مصغياً لها بصدق واهتمام عند لقائه بها. إنه الإِنسان الذي شعر بعمق مع مريم ومرثا وشاركهما البكاء على أخيهما لعازر. لقد صادق صيادي الجليل الفقراء والذين كانت مظاهرهم الخارجية تدعو للنفور وثقافتهم المحدودة تبعدهم عن الناس.



أما نحن فنجد أنفسنا مرتبطين به بأقوى وأوثق الروابط الشخصية من المحبة والصداقة. فلنا تماماً، كما كان للمسيحيين الأوّلين، يقول: «أنتم أحبائي» مع أنه خالقنا وربنا. ونحن بالفعل نتكل عليه ونطيعه، ولكننا ندعوه صديقاً لنا. فالحقيقة هي أننا لا نكون قد دخلنا بالفعل إلى حياة الشركة معه ما لم نتعرف عليه، ليس فقط كربنا وخالقنا، بل أيضاً كصديقنا الحميم. لقد قال لتلاميذه: «لا أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً، لأنَّ ٱلْعَبْدَ لا يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لٰكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي» (يوحنا 15: 15). وعبر العصور والأجيال لا زال صوته يدوي قائلاً: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 28).



كل مسيحي يشعر بما قد قام به يسوع من أجله، يجب أن يشعر كما اختبر التلميذ يوحنا أنه «التلميذ الذي كان يسوع يحبه». وياله من خطأ فادح أن يلجأ البعض لشفاعة البشر ووساطتهم، أحياء كانوا أم أمواتاً، كواسطة للوصول إلى المخلّص. إننا بتصرّف كهذا نكون قد أبعدنا المسيح عن المؤمنين الذين أحبهم ومات عنهم، مكفراً عن خطاياهم، وقام في اليوم الثالث لتبريرهم (رومية 4: 25).

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 01 - 2013, 09:50 AM   رقم المشاركة : ( 10 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل تجسد المسيح إبن الله


التجسّد


جواباً على السؤال: «كيف صار المسيح إنساناً وهو ابن اللّه؟» يجيب الكتاب المختصر لأصول الإِيمان: «إن المسيح ابن اللّه صار إنساناً باتّخاذه لنفسه جسداً حقيقياً ونفساً عاقلة، إذ حُبل به بقوة الروح القدس في رحم مريم العذراء، ووُلد منها ولكن دون خطية».



خُلق الإِنسان، خلافاً لكل الحيوانات، على صورة اللّه، وأُعطي طبيعة روحية وعقلية ونفساً حية. يقول الرسول بولس إن اللّه « لَيْسَ بَعِيداً. لأنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ» (أعمال الرسل 17: 27، 28). ومع أنّ العنصرين الإلهي والبشري متميزان واحدهما عن الآخر، ليسا أجنبييْن أحدهما عن الآخر، وليسا أيضاً متضادّين أو متعارضين. فالإِنسان هو شرارة من نار عظيمة، أو إناء فارغ بحاجة لأن يمتلئ من النبع غير المحدود، لذلك فلا معنى لوجوده سوى في صلته باللّه. وبما أنّ الإِنسان مخلوق على صورة اللّه، أُعطي سلطة على مخلوقات وموجودات الأرض (راجع سفر التكوين 1: 28) إنه في الواقع يتمتع بمركز إلهي مصغَّر ومحدود. ويقول الوحي الإِلهي عن البشر: «أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو ٱلْعَلِيِّ كُلُّكُمْ» (مزمور 82: 6)، وهذا ما اقتبسه المسيح عندما وجّه كلامه لليهود قائلاً: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ» (يوحنا 10: 34). إذن الترابط بين العنصرين الإِلهي والبشري هو من متضمَّنات ونتائج خَلْق اللّه للإِنسان. وبما أنّ الإِنسان خُلق على صورة اللّه، فإن كلمة اللّه الأزلي أمكنه وهو كامل الألوهية أن يصبح ابن الإِنسان، ذلك لأن الإِنسان هو بالطبيعة ابن اللّه.



لم تكن عملية التجسُّد غاية في حد ذاتها، بل كانت وسيلة للغاية، وهي خلاص البشر، لأن الإِنسان بسقوطه في خطية العصيان وعدم الثقة في قول اللّه قد فصل نفسه عن اللّه، وأفقد نفسه كل القدرة على تدبير خلاصه بنفسه. لهذا السبب أخذ اللّه على نفسه مسؤولية خلاص الإِنسان. ومن أجل ذلك حدث التجسّد. فاللّه الذي تجسّد في جسم بشري أخذ مكان الإِنسان تجاه متطلبات الشريعة والعدالة الإلهيتين. ولأنه إله يمكنه أن يعطي قيمة غير محدودة لذلك الألم والموت. «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلأَوْلادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذٰلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ... إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَوْفاً مِنَ ٱلْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ ٱلْعُبُودِيَّةِ... مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلّٰهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ» (عبرانيين 2: 14 - 17).



وبما أن النص الذي أورده الوحي الإلهي في رسالة الرسول بولس إلى فيلبي 2: 5 - 11 هو الأكثر وضوحاً في عقيدة التجسد، يشير هذا النص أنّ المسيح «كَانَ فِي صُورَةِ ٱللّٰهِ... لٰكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ». وقد وردت في رسائل الرسول بولس الموحى بها من الروح القدس إشارات أخرى لموضوع التجسد، (2 كورنثوس 8: 9): «رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ ٱفْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ». وفي غلاطية 4: 4 و5 يقول: «لَمَّا جَاءَ مِلْءُ ٱلّزَمَانِ، أَرْسَلَ ٱللّٰهُ ٱبْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ ٱمْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ ٱلَّذِينَ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ، لِنَنَالَ ٱلتَّبَنِّيَ». وفي كولوسي 1: 19 يقول الوحي الإلهي عن المسيح: «... فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ ٱلْمِلْءِ». وفي 2: 9 من نفس الرسالة يقول: «فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاهُوتِ جَسَدِيّ».



المسيح إذن، في ولادته من امرأة أخذ لنفسه طبيعة بشرية. ومع أنه بقي على سموّه الإلهي إلاّ أنه صار إنساناً حقاً، فإن حلول «كل ملء اللاهوت» في جسد المسيح يعني أن اللّه لبس لباساً جسدياً... وكل من يتطلّع إلى يسوع المسيح يرى بدون شك جسداً وإنساناً، ولكن في المسيح نرى اللّه بالذات، بكل كمال لاهوته في لباس إنساني. يسوع المسيح هو إذن «ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (تيموثاوس الأولى 3: 16).



لم تكن غاية اللّه من التجسّد أن يوفر الفداء لبني البشر فحسب، بل كانت الغاية أيضاً أن يعلن عن ذاته للبشر بصورة أكثر كمالاً مما أوضحه كل الأنبياء. ففي فترة العهد القديم كلّم اللّه البشر بواسطة الأنبياء، كاشفاً لهم شيئاً عن طبيعته وعن حالة الإِنسان الخاطئة التعيسة، وأيضاً عن مخططه الإلهي للخلاص. لكن فترة العهد الجديد التي نعيش فيها، تتميز بأنّه في المسيح جاء اللّه شخصياً، وفي شخص المسيح وعمله أعطى اللّه للبشر وحياً عن نفسه وعن مخطط الخلاص. فالإله الأكبر العظيم الذي خلق هذا العالم جاء فعلاً إلى العالم وعاش بينه. هذا هو سرّ التجسد أنّ البشر بأعينهم المجردة رأوا من هو في الحقيقة اللّه بالذات.



المسيح هو نهاية وكمال الوحي الإلهي للبشر، «اَللّٰهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ» (يوحنا 1: 18).لكن في المسيح، اللّه الذي هو الروح غير المحدود، كشف عن نفسه للبشر في كونه قد صار على هيئة البشر المحدودة، حتى أنه في استطاعة البشر المحدودين أن يدركوه في نطاق قدرتهم المحدودة. وعندما دخل المسيح في تلك العلاقة الحيوية الشخصية مع الطبيعة البشرية أضفى عليها بركة لا تُحصى، وذلك نتيجة لتداخل اللاهوت فيها عَبْر عملية التجسد. وبهذا فإن الطبيعة البشرية أصبحت ذات مكانة أسمى من مكانة الملائكة نفسها، لأن اللّه لم يختر أن يقترب بمثل هذه العلاقة الشخصية الحميمة مع أي من خلائقه سوى مع بني البشر. «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلأَوْلادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذٰلِكَ فِيهِمَا... لأنَّهُ حَقّاً لَيْسَ يُمْسِكُ ٱلْمَلائِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ» (عبرانيين 2: 14 - 16)، كما أن الطبيعة البشرية التي اتخذها المسيح لنفسه في التجسُّد ستبقى له إلى الأبد. لقد أحضرها معه حين قام من الموت وعاد بها إلى الآب. ففي السماء ظهر ليوحنا كشبه ابن إنسان في صورة بشرية (رؤيا 1: 13)، كذلك فإن إستفانوس وهو يستشهد رأى مجد اللّه، ويسوع قائماً عن يمين اللّه في مركز الإكرام والعظمة والقوة (أعمال الرسل 7: 56)، وهكذا فإنه بقيامة المسيح وصعوده وجلوسه على عرش العظمة رفع معه الطبيعة البشرية، وأوصلها فوق كل مكانة في الكون. إن الإقامة القصيرة التي قضاها على الأرض لم تكن مجرّد حضور إلهي أو ظهور وقتي للّه في صورة بشرية، بل كانت تجسّداً حقيقياً ودائماً. كان بعض شخصيات العهد القديم قد شاهدوا ظهورات إلهية، مثل إبراهيم (تكوين 18: 1 - 33) ويعقوب (تكوين 32: 24 - 30) وموسى (خروج 24: 9 - 11، 34: 5، 6) ويشوع (يشوع 5: 13 - 15) ووالدي شمشون (قضاة 13: 2 - 22) وإشعياء (إشعياء 6: 1 - 5) وأصدقاء دانيال الثلاثة: شدرخ وميشخ وعبدنغو (دانيال 3: 2 - 30). لكن تجسّد المسيح كان يختلف عن تلك الظهورات إختلافاً جوهرياً. ففي التجسُّد وُلد اللّه كطفل في بيت لحم، ولمدة ثلاث وثلاثين سنة استمر ذلك الوَصْل بين اللّه والطبيعة البشرية، بصورة بدت فيها الطبيعة البشرية واضحة جلية.



ولا يمكن المغالاة في تقدير أهمية عقيدة التجسد المسيحية، فإن صحة واستقامة المسيحية كالدين الفدائي والخلاصي الموحى به من اللّه تثبتان أو تسقطان مع هذه العقيدة بالذات. ولعلّ أوضح بيان لهذا الواقع هو ما ورد في رسالة يوحنا الأولى، والتي أوحي بها في وقت تزايد فيه عدد المرتدين وناكري الإِيمان، وقد كان القصد منها ترسيخ إيمان المؤمنين ضد الضلالات التي انتشرت بكثرة وشراسة. أما إحدى تلك الضلالات الرئيسية فكانت ضلالة نكران تجسّد المسيح، لذلك لم يصرّ يوحنا على الاعتراف بحقيقة أن يسوع قد أتى إلى العالم بالجسد فحسب، بل أنه جعل من هذه الحقيقة أساساً من أساسات الإنجيل إذ يقول: «كُلُّ رُوحٍ لا يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ ٱللّٰهِ. وَهٰذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَٱلآنَ هُوَ فِي ٱلْعَالَمِ» (1 يوحنا 4: 3)، ثم يضيف قائلاً: «كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ ٱللّٰهِ.. مَنْ لَهُ ٱلابْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ فَلَيْسَتْ لَهُ ٱلْحَيَاةُ... وَنَعْلَمُ أَنَّ ٱبْنَ ٱللّٰهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ ٱلْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقِّ فِي ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ ٱلإِلٰهُ ٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (رسالة يوحنا الأولى 5: 1 - 20).

  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إن كلمة الله التي يرسلها الله هي نبوة عن تجسد المسيح
المسيح الذي فيه كمال قوة الله تجسد ليخلصنا
ضياء الله على داود وكل البشرية كمل في تجسد المسيح
كتاب تجسد ربنا يسوع المسيح وتأريخ عيد الميلاد - الأنبا إبرام أسقف الفيوم
عبرانيين 1-2 hebrews المسيح كلمة الله وخطورة رفضه، تجسد المسيح


الساعة الآن 07:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024