رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شقيق «جرجس» «فى عهد مرسى مفيش حقوق هترجع» مكالمة هاتفية تلقاها أردته على وجهه مُنكباً من أعلى «الموتوسيكل» الذى كان يقوده: «جرجس مات يا سامح»، دقائق غاب عن الوعى فيها، قبل أن يفيق ليجد مجموعة من الأهالى قد أحاطوه: «انت كويس؟»، بينما توقف عقله وشُلّ لسانه عن التحدث ببنت شفة، فى الوقت الذى «تنهمر الدموع من عينيه كالسيل، صوب المستشفى القبطى، توجه مُسرعاً، هاتف كل من يعرفه حتى يستطيعوا اللحاق به.. الزحام على أشده فى منطقة غمرة، دخل «جرجس» بجسده النحيل بصعوبة إلى داخل المستشفى.. الدماء تُغرق المكان، لا صوت يعلو فوق صوت النحيب والصرخات، الكهنة ينتشرون فى أرجاء المكان، يحاولون القيام بدورهم فى تهدئة ذوى الضحايا، بينما انغمس الشاب الثلاثينى فى البحث عن شقيقه الأصغر «جرجس».. أجساد متراصة بجوار بعضها البعض، تنزف دماء غزيرة، جماجم مدهوسة، وصور «العدرا» مبثوثة.. الكل يرفع تلك الملاءات البيضاء، وما هى إلا لحظات حتى انكشف وجه الأخ الأصغر، صاحب الشارب القصير، والبنية المتوسطة، تظهر على وجهه آثار ضربة قوية بآلة حادة، تحسس «سامح» صدر أخيه المُعلق عليه لوحة رقم «10»، وجد أن عظام صدره مهروسة، الذهول يكتنفه من جميع جهاته: «مدرعة من بتوع الجيش مشيت عليه»، هكذا يقول، الجميع يحمل ألوح الثلج على أكتافه، من أجل حفظ الجثامين، فالمستشفى غير مُجهزة بالمرة، يتذكر الابن الأكبر فى أسرة «راوى» عندما كان يُداعب شقيقه، قبل مجزرة ماسبيرو بيوم واحد، فالشهيد ولد يوم تولى حسنى مبارك حكم مصر فى 14 أغسطس 81، وتزوج ليلة جمعة الغضب 28 يناير، ليقول له أخوه: «إيه يا عم جرجس.. أمال ابنك هيتولد إمتى؟». «زغردوا.. افرحوا.. خدى يا أمى جرجس ما متش.. جرجس عايش» كلمات خرجت من فم «سامح» عندما حمل المولود الأول الذى حمل اسم العائلة، والذى خرج إلى الحياة بعد 12 يوماً من استشهاد «جرجس»، الدموع اختلطت بالحزن والأسى والفرح، فى الوقت الذى حمل فيه الجميع الطفل «ديفيد جرجس»، تمعنوا النظر إليه، لكنهم لم يشبعوا منه بعد، أسفل مذبح كنيسة 6 أكتوبر يرقد الشهيد «جرجس» بأمان هو وباقى شهداء المجزرة. كان يرتدى زى الجيش، جاء إلى والدته صاحبة الـ 55 عاماً، قبّل يديها، قبل أن يوجه لها رسالة: «يا أمى ماتخافيش علىّ أنا كويس».. حلم راود والدة الشهيد جرجس؛ الذى أصبح حلماً يراود الجميع فى المنام واليقظة، بينما جفّ ريق شقيقه «سامح» من كثرة المطالبات.. سمع بأذنيه كما الجميع منطوق الحكم بإعدام 21 متهماً فى مذبحة استاد بورسعيد، فهو حكم عادل -من وجهة نظره- لكن غُصة فى القلب انتابته هو وأفراد عائلته: «أمّال حق شهداء ماسبيرو ماجاش ليه.. مفيش حد اتحاكم، جابلك عسكريين تلاتة وقالوا ده قتل خطأ»، فالقاتل الحقيقى -كما يقول- طليق: «المشير حسين طنطاوى وسامى عنان، والمجلس العسكرى كله متهمين فى القضية دى»، لا يطالب سوى بحق شقيقه: «عاوز حقى فى البلد بالحق والعدل، لكن الظاهر فى عهد مرسى مفيش أى حاجة هترجع، مرسى بيعمل ده كله عشان الإخوان يفضلوا فى الحكم مش عشان الإصلاح». المصدر : الوطن |
|