منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 01 - 2013, 08:51 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,123

مقال جريدة الوطن | بنات أندراوس

مقال جريدة الوطن | بنات أندراوس
تاريخ مصر الممتد يحتفظ فى ذاكرته بأفضال للقبط على المحروسة لا تُحصى، ولا تُحد، ويوغل الزمن ويمضى، ويبقى لهذا الجنس من البشر محبة واعتزاز.
وعائلة «توفيق باشا أندراوس» المبجلة علامة، وشاهدة وحقيقة وجود، على ما قدمته من أفضال لوطنها الأم، ولبلدها الأقصر. «توفيق باشا أندراوس» له الشكر، والسيرة الحسنة، الوفدى العتيد، صاحب الولاءات للحزب الذى يقدسه بعد سيده المسيح، له المجد، وهو الذى أعطى ومضى بوفرة من ماله، ومواقفه الخيرة. منع الملك «فؤاد» «سعد باشا زغلول» من السفر إلى الأقصر، بسبب خلافات سياسية، وحاصر الكورنيش، فأقام «أندراوس» جسراً علوياً من النيل حتى حديقة بيته ليعبر الزعيم فى أمان، ويدخل القصر الكبير الذى ترفرف على سواريه ثلاثة أعلام لدول عظمى. بنى المدارس، وأقام المساجد، وأعطى لأهل الأقصر فرص العمل فى وسيته، وحين احتاج الوفد الدعم فى أزمة ماليه باع من أجود أراضيه 700 فدان من أخصب أراضى الصعيد. ورحل الرجل من زمان، وترك لنا نحن المصريين أمانة. ثلاث من البنات وولد وحيد. «جميلة» و«صوفى» و«لودى» اخترن العيش فى الأقصر بلد الجدود، المنفتحة على التاريخ، ومأوى كنوز مصر، عليها السلام. رحلت «جميلة» بدرى، ورحل «جميل بك» الوريث، الذى كان يشاهده أهل الأقصر يقود سيارته على الكورنيش فيضوى شكلها الذهبى!! تباشر البنتان أملاكهما بما يرضى الله، وسط فلاحين فى زمن آمن، ورضى بالقسمة الحلال بين من يملك، ومن يستأجر. كانتا تشاهدان فى زمن الخمسينيات شابتين فى بهاء العمر، والقصر الكبير قد ضوى بالكهارب، والزينة عقود من البهجة فيما تصدح بالغناء الست أم كلثوم، ومطرب الأمراء محمد عبدالوهاب، والعائلات الأرستقراطية تدرج على عشب حديقة مثمرة بالورد والفاكهة!! يتغير الزمان، وتختلف الأحوال، وتتواتر الحوادث، ويعم الوطن عبر السنين ذلك العنف الدموى، وتسود الغلظة والخشونة واستخدام القوة غير الشرعية المقرونة بفزع الإنسان وخوفه، والجرائد صباحية ومسائية تزدحم بحوادث القتل والاعتداء وتتابع الحروب بهزائمها والناس فيما يشاهدون حيارى!! أغلقت «صوفى» و«لودى» باب قصرهما، واختفتا عن الدنيا!! كان العمر قد ولى، لا خلفة، ولا رفيق للروح يرقق وحدة الكائن فى مكانه وزمانه.. غزا الشيب الرؤوس، وتهدل البدن، والذاكرة وهنت، ولم يعد باقياً إلا الصور القديمة مثل أزل، والقصر القديم خزينة من فضة وكريستال.. نجف من عصور سالفة.. ستائر مسدلة على نوافذ وشرفات.. سجاجيد كاشان وأصفهان وتبريز.. وصور أصلية من عصر النهضة معلقة على الجدران بألوانها الزاهية.. تماثيل لفراعنة بائدين.. وركن لتوفيق باشا وأجداده، تسمق طرابيشهم حتى السقف، وشواربهم تقف عليها الصقور. انغلقت الأبواب على الصمت، وغابت الكهلتان!! ما حدث بعد ذلك، لا يصدقه عقل!! ما جرى يطلب منك شحذ مخيلتك، والتحديق بالقلب والنظر، أنا فعلت ذلك، واقتربت من الحافة المظلمة للمأساة التى قبل حدوثها شاهد أهل الأقصر -بعد انقطاع وغياب طويل- «صوفى» و«لودى» يتمشيان على أرض الحديقة، بعد أن تناولتا فطورهما فى الشرفة مثل زمان، ويوزعان التحايا على البشر السائرين، ويتفقان مع الحوذى على إخراج الكارتة القديمة لتمضية الوقت على الكورنيش. بدت الكهلتان كأنهما فى عرس.. عرس أم وداع؟.. إلا أنه بالليل.. آخر الليل.. ومع سبق الإصرار، تسلل البعض من شيوخ المناسر ودخلوا القصر يمتشقون أسياخ الحديد، ويقبضون على قتلهم، لهم شكل الجزارين عند الذبح، ملثمين بتلافيعهم، يطاردون فى أرجاء القصر امرأتين فى عمر الخريف، تجاوزتا الثمانين، تشهقان من الخوف، وتصرخان بلا مغيث، بحثتا عن ملاذ، تنطرحان أرضاً، وتعمل الأسياخ شغلها، فتكسر الجمجمة، وتفقأ العين، ويُنتهك الجسدان، ويمعنون فى قتل امرأتين قادمتين من زمن جميل، وأنت واقف هناك تحدق فى رعب وتتساءل: كيف وصل الوطن الكريم إلى آخر حدود احتماله؟!.

المصدر : الوطن

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الإخوان يطلقون الشماريخ على جريدة «الوطن»
شاهد الصفحة الأولى وأهم ماجاء غدا فى جريدة"الوطن" الببلاوي لـ الوطن : الجيش لا يفرض رايه علي الحكومة
أهم ماجاء فى جريدة الوطن من عناوين
تعليق جبار من ابونا فيلوباتير جميل على مقال جريدة الوطن
الصفحة الأولى من جريدة الوطن ..


الساعة الآن 02:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024