رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل الألم شر حقيقى؟!! الاثنين 21 يناير 2013 بقلم القمص داود لمعى كاهن كنيسة مارمرقس - كليوباترا، بمصر الجديدة مما لا شك فيه أن الإنسان لا يحب الألم والوجع بأشكاله، ولكن ألا توجد أى قيمة إنسانية لهذه الآلآم... فى الحقيقة الألم.. ضرورة من ضرورات الحياة البشرية على الأرض.. ضرورة للنمو والتقدم والرقى. فالتعب.. هو نوع من الألم.. ولكنه ضرورى للنجاح والتفوق والتميز فى الدراسة والرياضة والعمل. والعقاب.. هو نوع من الألم.. ولكنه ضرورة للتربية والتقويم والإدارة والقيادة وتأديب الأطفال والمخطئين. والآلام (التجارب).. من الناحية الروحية.. أقوى دافع للجوء إلى الله .. والتفكير فى الحياة الأخرى.. والرجوع إلى الإستقامة. فقد يظل إنساناً بعيداً عن الله إلى أن يجرب.. فيشعر بعجزه وضعفه فيصرخ طالباً المعونة.. لا من إنسان.. ولكن ممن هو أقوى وأقدر من الكل. · وإن كان الإنسان تقياً.. حين يأتيه الألم.. فإنه يدفعه لمزيد من التقوى والصلاة والاقتراب من الله. الألم.. عامة .. هو أقوى محرك للتغيير الذي هو سمة الحياة وأجمل ما فيها.. وعادة يكون التغيير للأفضل. والألم.. يحول الإنسان من أنانيته وسطحيته وطمعه.. إلى الحب والعمق والعطاء. · والألم.. يضيف للإنسان الكثير من الفضائل والمثاليات.. الصبر.. الحكمة.. الرجاء.. الإحساس بالآخرين.. التدقيق مع النفس.. كل أعمال الخير فى هذه الحياة ولدت من رحم الألم.. فكل الهيئات والمؤسسات والمراكز المنشغلة بالرحمة هى موجهة إلى آلام المرضى والفقراء والمسنين والمعوقين وغيرهم من المعوزين. ثم أن الألم.. فى هذه الحياة الأرضية.. يستدعى دائماً التفكير فى حياة أخرى بلا ألم، ويجعل قضية الحياة الأبدية نصب العين والتأمل والرجاء. وهنا قد ينشأ سؤال أخر.. - ماذا لو تسبب الألم فى إلحاد الإنسان وتركه لله كنوع من الإعتراض والحيرة أو اليأس أو التجديف؟! يحدث هذا أحياناً.. أن التجارب الثقيلة تتسبب فى رفض الإنسان لما يحدث.. ورفضه لله وإتهامة بالقسوة. لكن عادة ما يكون هذا الرفض هو رد فعل أولي.. مباشر للألم.. ولكن- مع الوقت- كثيراً ما يتراجع الإنسان ويبحث عن السند والعزاء والإيمان الذى يعطيه الصبر والإحتمال. ولكن حتى لو استمر الرفض، فهذا لا يعنى بالضرورة أن الألم أضر بالإنسان.. بقدر اختيار الإنسان لموقفه.. فموقفه يكون هو الذى تسبب فى ضرر بالأكثر بإرادته الإنسانية الحرة، والذين يحاولون أن يحتملوا الآمهم بدون الله يسقطون تحت ثقلها، أما الذين بإيمان أتوا بأحمالهم الثقيلة إلى الله.. فإنهم يجدوا راحة لنفوسهم "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيرى عليكم وتعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11: 28- 29) وهنا نتذكر نوعين من الحزن.. ونوعين من التجارب "لان الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة و اما حزن العالم فينشئ موتا (2كو 7 : 10) إذاً هناك حزن- بحسب مشيئة الله- مفيد وضروري للخلاص.. وهناك حزن- بحسب مشيئة الإنسان- برفض الإنسان لمشيئة الله.. وهو ينشئ موتاً. وهنا يظهر الإيمان.. فإن صَدَق الإنسان وعد الله.."أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28).. فإنه يتمتع بهذا الخير النهائى رغم كل المتاعب، وإن رَفض الإنسان الإيمان بإرادتة وبقساوة قلبه فإنه يقع فى الحزن الردئ المؤدى للهلاك. أما نوعى التجربة فيذكرهما معلمنا يعقوب فى الإصحاح الأول من رسالته: تجربة من يد الله "احسبوه كل فرح يا إخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً. وأما الصبر فليكن له عمل تام، لكى تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين فى شئ، وإنما إن كان أحدكم تغوزه حكمة فليطلب من الله الذى يعطى الجميع بسخاء ولا يعير، فسيعطى له. ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وترفعه. فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب. رجل ذو رأيين هو متقلقل فى جميع طرقه. وليفتخر الأخ المتضع بارتفاعه، وأما الغنى فباتضاعه، لأنه كزهر العشب يزول. لأن الشمس أشرقت بالحر، فيبست العشب، فسقط زهره وفنى جمال منظره. هكذا يذبل الغنى أيضاً فى طرقه. طوبى للرجل الذى يحتمل التجربة، لأنه إذا تزكى ينال "إكليل الحياة" الذى وعد به الرب للذين يحبونه". (يع 1: 2- 12) وتجربة بخداع إبليس "لا يقل أحد إذا جرب إنى أجرب من قبل الله، لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً (بهذا النوع). ولكن كل واحد يُجَرَب إذا إنجذب وإنخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذا كملت تنتج موتاً. لا تضلوا يا إخوتى الأحباء. كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى من فوق، نازلة من عند أبى الأنوار، الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران. شاء فولدنا بكلمة الحق لكى نكون باكورة من خلائقة" (يع 1: 13- 18). التجربة من الله.. نقبلها بإيمان وتواضع وصبر ورجاء.. فتتحول إلى تزكية وإكليل وفرح أبدى. والتجربة من الشيطان.. نقع فيها بشهادتنا وإرادتنا وعناد قلوبنا.. تتسبب فى مزيد من الخطايا التى تنتج موتاً أبدياً. لكن هل الألم هو رفض من الله.. أم.. عقاب.. أم.. تأديب؟! حين يضطر جراح ماهر أن يتعامل مع ورم خبيث.. فإنه لا يستطيع أن يشرح كل تفاصيل العملية الجراحية للمريض، ولكنه يأخذ منه إقراراً يعطيه فرصة التدخل وعمل اللازم أثناء الجراحة. إن كنا لا نفهم منهج علاجنا على الأرض.. الذى هو علاج أجسادنا أو أمراضنا، فكيف نفهم علاج أرواحنا وما نحتاجة؟ إن عدم الفهم الكامل لسر الألم لا يعنى عشوائية الألم، أو أن الله يتخبط فيما يصنع، أو أنه لا معنى لما يحدث، ولكنه ببساطة "كما علت السماوات عن الأرض هكذا علت طرقى عن طرقكم وأفكارى عن أفكاركم" (اش 55: 9). وهناك آلآم تنطبق على الكل.. مثل آلآم الشيخوخة، فالذين لم يتعرضوا لأمراض قاتلة أو حوادث فى منتصف عمرهم، فإنهم لابد أن يدخلوا الشيخوخة وهى أحد أشكال الألم النسبى. ويفسر لنا الحكيم سليمان هذا النوع من الألم.. "فأذكر خالقك فى أيام شبابك قبل أن تأتى أيام الشر أو تجيء السنين إذ تقول: ليس لى فيها سرور ... لأن الإنسان ذاهب إلى بيته الأبدى" (جا 12 : 1-5). بمعنى أن الشيخوخة تجعل الإنسان يترقب حياة أخرى ليس فيها عجز ولا تعب ولا ألم ولا وحدة ولا مرض ولا شيخوخة ولا خوف ولا موت ولا حزن ولا ضعف.. فيزداد تعلقة وإيمانه ورجاؤه بالحياة الأبدية. - هل يرتاح الله حين يرى الإنسان معذباً؟! بالتأكيد لا.. لأن الكتاب المقدس يقول "فى كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم. بمحبته ورأفته هو فكهم ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة (اش 63: 9)، وإن لم يعط الله إجابة شافية وافية – اليوم- فى لغز الألم.. إلا أنه بصليبه يعطى ما هو أهم من الإجابة.. يعطى العزاء، ويعطى المشاركة والمعونة. فصليب المسيح.. حسب إيماننا المسيحى.. هو اختيار من الله أن يتألم مع الإنسان .. وهو أصعب أنواع الألم.. لكى يريه فرح قيامته.. ويرفعه من حزنه وألمه إلى الثقة فى القيامة والنصرة والحياة الأخرى وعلى العكس.. إن إنكار وجود الله.. يجعل قضية الألم مخيفة بالأكثر، فليس هناك ضوابط ولا حدود ولا رجاء ولا عزاء. وإذا صدقنا من يقول إن البقاء للأصلح والأقوى.. وكأنه لا يوجد ضابط للكل.. وليس هناك تفسير للألم.. لتحولت حياتنا إلى رعب قات. فاليوم أنا أضعف ممن حولى فلابد أن أنتهى وأضمحل وأتلاشى ليبقى الأقوياء.. وأقوياء اليوم هم ضعفاء غداً.. وتكون الحياة بدون إيمان هى جحيم لا يطاق. - الألم.. فرصة لقاء مع الله هكذا اعترف أيوب.. أخيراً.. "بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن (بعد التجربة) رأتك عيناي" (اى42: 5). قد يشك الطفل فى حب والديه.. أثناء تربيتهما له.. ولكن حين يمرض ويجدهما ساهرين ومتألمين معه.. يدرك ما فيهما من حب خفى. سأل التلاميذ المسيح- له المجد- "يا معلم من أخطأ: هذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟" (يو9: 2) "وكانت الإجابة "لا هذا أخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمل الله فيه" (يو9: 3). قد لا نرى الله سنين ثم نراه واضحاً فى أثناء التجارب والآلام.. "ادعنى فى يوم الضيق أنقذك فتمجدنى" (مز 50: 15) فيصير وقت الضيق سبب مجد لله ولأولاده. |
22 - 01 - 2013, 11:18 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هل الألم شر حقيقى؟!!
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
|