عيد الغطاس، عيد الانوار
الغطاس، الانوار
عيد الغطاس، عيد الانوار
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوي
عيد الغطاس المجيد ...
اهنئكم احبائي بعيد الغطاس المجيد، عيد الظهور الإلهي الذى فيه انفتحت السماء على على الارض لتعلن رضا الآب القدوس ومسرته بالبشرية المتمثلة فى الابن الكلمة المتجسد ومن خلاله فى المؤمنين باسمه { و من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت }(مت 3 :17). لقد سمى العيد بعيد الغطاس لان السيد المسيح فيه غطس فى ماء الاردن معتمدا من يوحنا المعمدان { فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذا السماوات قد انفتحت له فراى روح الله نازلا مثل حمامة واتيا عليه} (مت 3 : 16). وهو القدوس الذى بلا خطية ولهذا رفض يوحنا المعمدان اولا بلباقة ان يعمده { ولكن يوحنا منعه قائلا انا محتاج ان اعتمد منك وانت تاتي الي} (مت3:14). لقد أكمل السيد المسيح فى تواضع ووداعة كل بر واتى ليعتمد معمودية التوبة نائبا عن البشرية الخاطئة وممثل لها ولكي يرسم لنا طريق الخلاص كحامل لخطايا العالم، لهذا اجاب السيد يوحنا المعمدان { اسمح الان لانه هكذا يليق بنا ان نكمل كل بر حينئذ سمح له } (مت3:15).
لقد جاء يوحنا المعمدان الذى عاش ناسكا فى الصحراء ليعمد ويدعو الى التوبة وغايته القصوى اعلان مجئ ابن الله الذى سيعمد بالروح القدس ويحمل خطايا العالم { وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لَكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذَلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ» وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائِلاً: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ»} (يو 29:1-34). لقد اشتهى الانبياء مجي الله متجسدا لخلاص البشرية {ليتك تشق السماوات وتنزل من حضرتك تتزلزل الجبال} (اش 64 : 1). وها السموات تنشق ويعلن لنا الروح القدس عمله فينا من خلال ابن الله الكلمة المتجسد { وللوقت وهو صاعد من الماء راى السماوات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلا عليه } (مر1 :10).
عيد الانوار...
فى عيد الظهور الإلهي استعلن لنا النور يقي الذى ينير لكل انسان يقبل للنور ويؤمن به ويسير فيه { فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه. كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور. كان النور يقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم. كان في العالم وكون العالم به ولم يعرفه العالم}( يو 4:4-10). ان الظلمة المقصودة هنا، هي ظلمة الروح بالسقوط والخطية، وظلمة العقل بالجهل وعدم معرفة الله التى تقود للهلاك { قد هلك شعبي من عدم المعرفة }(هو 4 : 6) ألم يقل الكتاب { لانكم كنتم قبلا ظلمة واما الان فنور في الرب اسلكوا كاولاد نور }(اف 5 : 8). ولهذا نرى السيد المسيح يرد على مقاوميه عند ما فتح عيني المولود اعمي عندما قاوموا عمله الخلاصي واغلقوا عقولهم واعينهم وادعوا المعرفة والبصر { فقال يسوع لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون. فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين وقالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون اننا نبصر فخطيتكم باقية} (يو39:9-41).
ان الله لا يترك نفسه بلا شاهد حتى في أحلك الأوقات {والنور يضيء في الظلمة} ليضيء للذين يريدون أن يروا، وليدين الذين اختاروا العمى الروحي لنفسهم. فى عدم اكتراث لوجود النور أو عدم فهم سره. نعم يا احبائي يوجد من احبوا الظلمة اكثر من النور { وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة }(يو 3 : 19). لقد استنارت قلوب المؤمنين فى عيد الانوار باستعلان الثالوث القدوس الاله الواحد فالاب من السماء يعلن مسرته بالابن الكلمة المتجسد والابن يعتمد فى نهر الاردن والروح القدس مثل حمامة مستقرا عليه. وهذا ما علمه الرب يسوع المسيح لتلاميذه وبشروا به فى كل مكان وأمنا به ونعيشه بالروح و كخبرة إيمانيه يوميه وبه نثق اننا نخلص { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 19:28-20) وهؤلاء الثلاثة هم واحد { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد } (1يو 5 : 7).
بنوة المسيح يسوع لله الآب هي بنوة روحية أزليه أبدية كولادة النور من النور { ايها الاب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم} ( يو 17 : 24). واعلنت من قبل الملاك لنا قبل الحبل به فى بطن القديسة مريم { فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو 1 : 35). واعلنا السيد المسيح فى طفولته فى الهيكل{ الم تعلما انه ينبغي ان اكون فيما لابي } (لو 2 : 49). واعلنا السيد المسيح بوضوح فى بشارته { انا والاب واحد } (يو 10 : 30). اما انه المسيح قد لقب ايضا "ابن الانسان" فلانه تجسد وتأنس فى ملء الزمان من القديسة مريم البتول { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} (يو 1 : 14). لقد صار مسيح العالم كله ولكل انسان ليحتضن البشرية بالمحبة والتواضع ويعلن لها محبة ومعرفة الآب وغفرانه ويقودها للخلاص والحياة الابدية { عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} (يو 17 : 26). ولهذا اوصى السيد تلاميذه باعلان بشري الخلاص للخلقة كلها{ وقال لهم اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن}( مر15:16-16).
+ بركات فى عيد الغطاس.. بعماد السيد المسيح رسم لنا طريق الخلاص كما اعلن لنا السيد المسيح فى حديثه مع نيقوديموس بالولادة من فوق لنصير ابناء الله ومن ننال الخلاص والدخول الي ملكوت السموات { اجاب يسوع وقال له اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله} (يو 3 : 3). وعندما تعجب نيقوديموس قائلا { كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية ويولد} (يوحنا 4:3) اوضح له الرب يسوع المسيح كيفيه الولادة من فوق { اجاب يسوع اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح} (يو5:3-6).
{ واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله} ( يو 11:1-13).
ويحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا { لان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح }(غل 3 : 27). اننا فى هذا العيد نجدد عهودنا مع الله ان نسلك فى النور كابناء الله لنموت عن شهوات وخطايا العالم ونحيا مع المسيح فى جدة الحياة المقامة {فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما اقيم المسيح من الاموات بمجد الاب هكذا نسلك نحن ايضا في جدة الحياة }(رو 6 : 4) {مدفونين معه في المعمودية التي فيها اقمتم ايضا معه بايمان عمل الله } (كو 2 : 12). ونسهر على خلاص انفسنا بضمير صالح فى توبة عن الخطية التى تدنس الفكر والجسد والروح {الذي مثاله يخلصنا نحن الان اي المعمودية لا ازالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح } (1بط 3 : 21). اننا نصلى طالبين من الرب غفرانا لخطايانا وأثامنا ليقودنا بروحه القدوس لنحيا حياة التوبة المقدسة ونثمر ثمر الروح.
ونفرح مع الشاهد يوحنا المعمدان بسماع عريس نفوسنا ونحيا معه فى فرح روحى { من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل العريس اذا فرحي هذا قد كمل} (يو 3 : 29). ونشهد لمن دعانا من عالم الظلمة الى نوره العجيب، فالشاهد إذا هو من يرى رؤيا واضحة، ويقتدر على الإفصاح عما رأى بكل دقة وأمانة، بلسانه وبحياته وإن لزم الأمر بموته أيضا. لأن الشهادة والاستشهاد مشتقان من مصدر واحد. كما شهد يوحنا بلسانه الفصيح، وحياته النقية الجريئة، فأضحى شاهداً وشهيداً.
عندما نحيا إيماننا ونمتلي بالروح القدس يكون لنا الثمار والمواهب الروحية لنشهد للنور. ولكن هل من حاجة للنور إلى الشهادة؟ أليس النور خير شاهد لنفسه؟ نعم. ولكن الناس يحتاجون إلى الشهادة عن نور المسيح العجيب وسمو تعاليمة وقيمة الروحية الفاضلة لأن السيد المسيح فى تواضعه واخلائه لذاته من المجد لم يأتنا في شكل ممجد بل أتانا في "شبه الناس". وان كان له سلطان واعمال الآب { صدقوني اني في الاب والاب في والا فصدقوني لسبب الاعمال نفسها}(يو 14:11) ويحتاج الناس إلى من يوجه نظرهم إلي عريس النفس البشرية وسيدها لاسيما من يعيشوا في وادي الظلمات ويحتاجوا لمن يعلن لهم نور المسيح العجيب على مستوى شهادة يوحنا المعمدان فى حياة مقدسة حصلنا على كل الامكانيات اللازمة لها وينبغى ان نختبرها بالحياة بالروح و، أمين.