يروى أنه كان في القرن الثالث وثني يدعى كريستوف ذو قامة جبارة.
فعنّ له أن يفتش عن أقدر سيد في العالم ليضع نفسه في خدمته. فقيل له: إن السيد الأعظم سطوة في العالم هو الملك.
فذهب كريستوف والتحق بخدمته. وفي أحد الأعياد إذ كان الطرب في بلاط الملك قد بلغ أوجه وقّع أحد الموسيقيين على آلته لحناً يمتدح به الشيطان.
فرأى كريستوف الملك يصفرّ من رعبه، فقال لا بدّ من أن الشيطان أقوى من الملك. وذهب لينتظم في عداد جنوده.
ويوماً ما اضطر الشيطان إلى المرور أمام صليب منصوب على حافة الطريق فأخذ يرتعش خوفاً وارتد عنه بجبانة. فقال كريستوف في نفسه: إن هذا المصلوب أقوى من الشيطان. وسأل الراهب الجاثي عند أقدامه: يا أخي كيف يمكنني أن أخدم هذا المصلوب؟ أجابه الراهب: بالإكثار من الصلاة.
فاعترف كريستوف: إني لا أعرف كيف أصلي. قال الراهب: إذن فصُم. أجاب كريستوف: كيف يمكنني أن أصوم ولي مثل هذا الجثمان الذي يتطلب الأكل الكثير؟ قال الراهب: إذاً فقف هنا إلى النهر وإذا أراد أحد أن يجتازه فاحمله على منكبيك، فهذا العمل يوافق تماماً خلقتك.
وهكذا ظل كريستوف أعواماً مديدة ينقل على كتفيه من أراد اجتياز النهر إلى أن تقدم منه يوماً طفل صغير وطلب منه أن يحمله إلى الضفة المقابلة.
فرفعه بطيبة خاطر إلى كتفه ودخل الماء ليعبر به، فإذا هو يشعر بثقل حمل لم يعهد مثله من قبل.
وما أن بلغ منتصف النهر حتى كاد ييأس من الوصول إلى الضفة الأخرى. ولما تمكن من بلوغها أنزل الطفل الأشقر وقال له وهو يلهث: ما أعظم وزنك يا صديقي، لقد كنت أظن أنني أحمل الأرض كلها على كتفي. فأجاب الطفل ب كرنين الأجراس: لا عجب في ذلك فقد حملت على كتفك خالق العالم بأسره.
مغزاه: حين نحسن على قريبنا فهو يسوع الذي يتقبل في شخصه ذلك الإحسان.