الشك واليأس من حروب الشياطين
الشك:
يعمل الشيطان على زرع الشكوك فى كل مجالات الحياة. لأن الإنسان فى حالة الشك يكون ضعيفاً, فيتمكن الشيطان من الأنتصار عليه..
** وما أسهل عليه أن يغرس الشك فى كل العلاقات الأجتماعية: كالشك فى إخلاص الزوج أو الزوجة, أو فى علاقة الصديق بصديقه, أو الشريك بشريكه فى العمل. الشك فى صدق الناس وفى أمانتهم وفى حسن نواياهم. وفى نياتهم ومقاصدهم. كل ذلك لكى يزعزع صلة الناس ببعضهم البعض, ويحولها إلى إنقسامات ونزاع, ويضيّع الحب الذى هو عماد الحياة الروحية والإجتماعية كلها..
حتى الأمور التى يمكن أن تمر ببساطة, يعقدها الشيطان بشكوك عديدة, وقد يخلق منها مشاكل عويصة..
** إنه يشكك التلاميذ فى موسم الإمتحانات... الشك فى صعوبة الأسئلة, وفى القدرة على النجاح. وإن أمكن النجاح يثير الشك فى إمكانية التفوق والإلتحاق بكلية مرموقة. وإن نجح الطالب وتخرج, يقدّم له الشك فى إمكانية الحصول على وظيفة.
** كذلك الشك فى الأخبار سواء التى تنشر فى الصحف, أو التى ترد فى كل وسائل الإعلام: هل هى فعلاً حقيقية أم أن وراءها غرضاً معيناً يقصده الكاتب أو المذيع. ويزداد الشك كلما تضاربت الأخبار أو تنوعت أساليب عرضها..
** وقد يتطور الأمر فيشك الإنسان فى ذاته, وفى مدى قدرته. وربما يشك فى حالته الصحية, وهل هو مريض بالمرض الفلانى, أم أن الأطباء والأقرباء يخفون الأمر عنه أو يهونون عليه وقع الخبر..! وربما فتاة يأتى شاب ليخطبها فتشك فى قبوله لها. وهل سيمضى ثم لا يعود.؟!
** بل أن الشك قد يصل إلى الإيمان أيضاً والعقيدة. مثلما حدث فى نشر الشيوعية, وبعض الكتابات الإلحادية, أو فى قيام بعض البدع والملل والنحل. ويتساءل العقل فى حيرة وفى شك: اين الحقيقة؟
** وقد يكون الشك فى امكانية الحياة مع الله، وهل هى سهلة أم صعبة؟ والى أى مدى يمكن السلوك بالمبادئ السامية فى مجتمعات أنتشر فيها الفساد، وأصبحت الفضيلة فيها محاطة بعقبات وأشواك!
** والشك عموماً يحتاج الى علاج، والى بحث ورويّة واقتناع. وفى العلاقات الاجتماعية ربما يلزمه احياناً شئ من المواجهة أو من الصراحة، أو العقاب. وهنا ينبع شك آخر: هل المواجهة أو العتاب تأتى بنتيجة سليمة أم تؤول لها حالة أكثر سوءاً؟! وهل الذى ستواجهه أو تعاتب سيقبل ذلك. أم يغضب ويثور ويهدد؟!
اليأس
أخطر ما فى الشك أنه قد يزداد حتى يتحول الى يأس. على أن اليأس اذا زاد، واذا سيطر على مشاعر انسان، فقد يجعله ينحرف أحياناً ويلجأ الى حلول غير سليمة...
** فإنسان قد يقع فى مشكلة ويحاول أن يصل الى حلها فلا يعرف. وأخيراً إن طال الوقت ولم يجد للمشكلة حلاً، قد يلجأ الى وسائل لا يرضى عنها الضمير مثل الكذب أو الغش أو التحايل مركزّا على الرغبة فى الوصول أياً كانت الوسيلة خاطئة! وإن وبخه ضميره، يرد قائلاً: ماذا افعل! ليس أمامى طريق آخر، لقد يئست...
هذا الانسان ينقصه الصبر أو الحكمة، أو على الأقل المشورة...
** أو انسان آخر تواجهه مشكلة، فيصلى الى الله كثيراً أن ينقذه منها. وإذ يمرّ الوقت وتبقى المشكلة قائمة، ربما يدركه اليأس من حلها. ثم يوسوس له الشيطان أنه لا فائدة من الصلاة ولا منفعة، وأن الله لا يسمع أو لا يرحم... ويبدأ إيمانه أن يهتز ولا يعود يصلى من أجل هذه المشكلة ولا من أجل أى سبب آخر...
** شخص آخر تقابله فى متاعب فى حياته الزوجية، أو خلافات بينه وبين زوجته، ويحاول أن يقنعها بفكره فلا تقتنع، فتبدأ محبته لها أن أن تفتر، ويعمل على استعادة الحب القديم فلا يستطيع... وأخيراً ييأس من استمرار حياته معها، ويبدأ فى التفكير فى تطليقها. ويتم الطلاق نتيجة لليأس، ويكون مأساة للأسرة وللأولاد...
** شخص آخريزداد الخلاف بينه وبين بعض أصدقائه، ويصطدم بحقيقة تزعجه وهى خيانة من البعض، وعدم أمانة من البعض الآخر، فيشك فى الصداقة والأصدقاء، وتنحرف نفسيته، فييأس من كل هذه العلاقات، وينعزل بعيداً عن أى صديق خوفاً من أن تتكرر المأساة. ولا يعود يأتمن أحداً أو يتحدث بأسراره لأحد!!
** أو انسان كان طيب القلب متسامحاً مع الكل، فوجد أنهم يستغلون طيبته ويمتهنون كرامته. ويجد أن الوداعة والتواضع يعتبرهما البعض دليلاً على الضعف. ويتكرر هذا الأمر، فيدركه اليأس من حياة السمو والفضيلة والهدوء، وينقلب الى صورة عكسية تماماً فى معاملته مع الآخرين.. فلا يعود يغفر أية اساءة لأحد، بل يقابل السيئة بما هو اسوأ منها...
** وانسان آخر تكثر عليه المشاكل والضيقات، ويحتمل على قدر طاقته، ثم يضيق صدره أخيراً بكثرة الاحتمال. وإذ تزداد آلامه يوماً بعد يوم، ولا يجد معونة من أحد، ولا حلاً لكل ما يكابده، حينئذ يدركه اليأس ويعصره، ويفكر فى التخلص من هذه الحياة كلها بالانتحار، نتيجة ليأسه...
** أو شخص آخر يقع فى الخطيئة ثم يتوب أو يحاول التوبة، ولكنه يعود للخطيئة مرة اخرى وثانية وثالثة، فيدركه اليأس من حياة التوبة وينغمس فى الخطيئة.