الجمـــــــــــوع

[Mary Naeem]

الجمـــــــــــوع


ما قلت فى المقدمة عن صلب المسيح فى ايام عيد الفصح حيث كان يتوافد على اورشليم اعداد كثيرة من اليهود من كل انحاء العالم لحضور عيد الفصح فكانت اورشليم تغص بمن فيها . هؤلاء كلهم سمعوا بموضوع محاكمة يسوع والحكم بصلبه فرافقوه من اورشليم الى جبل الجلجثة بعد ان صاحوا امام بيلاطس بتحريض من رؤساء الكهنة قائلين " اصلبه ... اصلبه دمه علينا وعلى اولادنا " ( مت27: 5) .
رافقوه الى هناك حتى يمتعوا انظارهم بدق المسامير فى يديه ورجليه ورفعه على الخشبة وتثبيت الصليب على الارض وما صاحب ذلك من آلام مبرحة قاساها المخلص . وهم فى فرح وشماته يضحكون ويستهزئون كمن انتصر على عدو لدود ولم يعرفوا انه الرب يسوع المسيا المنتظر الذى جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله ، ويقول معلمنا لوقا البشير " وكان الشعب واقفين ينظرون والرؤساء ايضا معهم يسخرون به " ( لو 23: 35 )
ولما قال يسوع " انا عطشان " ( يو19 : 28 ) للوقت ركض واحد من الواقفين من هؤلاء الجموع المحتشدين واخذ اسفنجة وملأها خل وجعلها على قصبة وسقاه ( مت 27: 48 ) سقاه الخل الممزوج بالمرارة وهو الذى يروى الجميع من نبع محبته والذى يفتح يديه فيشبع كل حى رضى ( مز104:28) .
ولما صرخ المخلص قائلا :- " ايلى ايلى لما شبقتنى " اى " الهى الهى لماذا تركتنى " فقوم من الواقفين هناك اى من هذه الجموع الغفيرة الواقفةى حول الصليب ، لما سمعوا قالوا انه ينادى ايليا ، وفى شماتة واستهزاء قالوا " اترك لنرى هل يأتى ايليا ليخلصه " ( مت27: 49)
عجيب امر هذه الجموع التى بلا عقل يفكر ، نراهم عند دخول الرب يسوع الى اورشليم يقابلونه فى موكب ملكى عظيم وفى ايدهم سعف النخل واغصان الزيتون ويفرشون ثيابهم فى الطرق وهم يهللون باعلى اصواتهم وبفرح عظيم قائلين " مبارك الاتى باسم الرب " . ويصف معلمنا متىالرسول هذا الموكب العظيم قائلا " والجمع الاكثر فرشوا ثيابهم فى الطريق واخرين قطعوا اغصانا من الشجر وفرشوها فى الطريق .والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين اوصنا لابن داود مبارك الاتى باسم الرب اوصنا فى الاعالى .
ولما دخل اورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة من هذا فقالت الجموع هذا يسوع النبى الذى من ناصرة الجليل ( مت 21: 8-11) .
هذه الجموع بعينها وبتحريض من رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب هى التى صرخت فى وجه بيلاطس وبعد ايام قليلة " اصلبه اصلبه " وهى التى استهزأت به على جبل الجلجثة قائلين " اترك لنرى هل يأتى ايليا ليخلصه وهى التى سقته الخل وهو معلق على عود الصليب " حقا الجموع بلا عقل " .
وفى كل هذه الشرور التى صنعوها بيسوع انطبقت عليهم نبوة المزمور القائل " احاطت بى ثيران كثيرة اقوياء باشان اكتنفتنى فغروا على افواههم كأسد مفترس مزمجر . كالماء انسكبت . انفصلت كل عظامى. صار قلبى كالشمع قد ذاب فى وسط امعائى . يبست مثل شقفة قوتى . ولصق لسانى بحنكى والى تراب الموت تضعنى لانه قد احاطت بى الكلاب . جماعة من الاشرار اكتنفتنى ثقبوا يدى ورجلى واحصى كل عظامى وهم ينظرون ويتفرسون فى ( مز22: 12-17) .