منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 01 - 2013, 06:55 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,482

التعريف الشامل لمفهوم التوبة لـ الراهب سارافيم البرموسي
التعريف الشامل لمفهوم التوبة لـ الراهب سارافيم البرموسي

الحياة اليوم أصبحت وادي من القلق. وإنسان اليوم أصبح قَلِقَاً أكثر من أي وقتٍ مضى، فالتمدُّن والتحوُّل الذي طرأ على الحياة مُحوِّلاً إيّاها إلى مُجْتَمَع استهلاكي قد غيَّر من خصائص السلوك البشري بل وأثَّر بشكلٍ مباشر على تفكيره وقراراته وقناعته وأولوياته، مما جعل الإنسان مُمزَّقاً بين ما يراه وما يريده. حتى إرادة الإنسان نفسها قد طالتها ثقافة المدينة والإستهلاك فأصبحت إرادة هشة مُشوَّشة مُغيبة مُلتقية، وكل هذا قد آل في نهاية الأمر إلى التغرب الكياني الذي استوطن خرائب قلب الإنسان. حتى النهضة التي كانت تهدف إلى سعادة وراحة ورفاهية الإنسان أصبحت شوكة في كيانه لا يستطيع أن ينتزعها، وذلك لأن النهضة أعادت توزيع الأدوار الكونية، فجعلت من الإنسان مركزاً للوجود، عليه أن يُحقِّق بنفسه الإستقرار للكون وللطبيعة ولِذاته، وهو ما يفوق قدراته ويتعدى اختصاصاته في هذه الحياة. فتنامى القلق الوجداني وتسلَّل إلى الكيان وتحوَّل إلى قلق كياني لا يهدأ ولا يتوقف، يُحاصر الإنسان ليل نهار، يُبْعِده عن هويته الذاتية، ويُعمى بصيرته عن معرفة دوره في الحياة والوجود. والقلق بحسب تعريف كيركجارد (الفيلسوف الدنماركي) هو [التحديد الدقيق للخطيئة]. فالقلق هو تجذُّر للخطيئة في كياننا الإنساني وما يتبعه من تغرُّب الإنسان عن الله. فالخطيئة هو توتُّر إنساني ينشأ حينما ننحرف عن مسارنا، ونشوِّه خِلقتنا بالتحالف مع العالم والرضى بمدار الحياة الزمني والتمتُّع الوقتي بلذات الحواس المادية. وهذا التوتر يستمر طالما الإنسان قانع بمركزيته في الحياة رافضاً تسليم دفة القيادة لله مرة أخرى. وهذا عينه ما وصفه القديس مكاريوس الكبير بأنه السقوط في [فقر الخطيئة المُرعب].
إن مأساتنا المعاصرة هي أننا ابتعدنا عن كوننا صورة الله، محاولين أن نخلق أسطورتنا الشخصية ونرسم لوحتنا الفردية بمنأى عن الله. ولكن ما يغيب عن أذهاننا هو أنه لا مركزية مطلقة للإنسان في الحياة! إنها مركزية الشيطان المُتخفي وراء تطلعات وطموح الإنسان. فحينما نُقصي الله عن مركزية حياتنا فإننا ندعو الشيطان ليتسلّم القيادة بدلاً منه، متوهمين أنه يمكننا –بمفردنا- إمتلاك حق الإختيار والقرار في الحياة دون تدخل إلهي!
من هنا ندرك أن الحل الوحيد لنزع فتيل القلق من كياننا الإنساني هو أن نُسلِّم الله حق القيادة ونعيد تتويجه دُفعَة أخرى على الحياة برُمتها. وهذا هو التعريف الشامل لمفهوم التوبة.

مدخل كتاب [ نحو التوبة ] لـ الراهب سارافيم البرموسي

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القلق من الغد الراهب سارافيم البرموسي
سماؤنا الراهب سارافيم البرموسي
نصائح لسرّ التوبة والاعتراف الراهب سارافيم البرموسي
وجهٌ من نور الراهب سارافيم البرموسي
كتاب نحو التوبة - الراهب سارافيم البرموسي


الساعة الآن 12:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024