لأنى منه
جميل جداً أن يقول الابن عن نفسه أنه من الآب. أى أن له نفس طبيعة الآب وجوهره
وكما شرح قداسة البابا شنودة الثالث كمثال فإن العقل الذكى يلد فكراً ذكياً، والعقل القوى يلد فكراً قوياً، والعقل الحكيم يلد فكراً حكيماً، والعقل المقدس يلد فكراً مقدساً. أى أن العقل يلد فكراً له نفس جوهر العقل، أى أن جوهرهما واحد. والعقل يلد الفكر فى داخله دون أن ينفصل منه، وإن خرج الفكر منطوقاً به ككلمة فإنه أيضاً لا ينفصل من العقل بل هو كائن فيه على الدوام.
وفى حوار السيد المسيح مع اليهود الذين قالوا إنهم يعرفون من أين هو، استنكر هو ذلك لأن مصدره هو الآب، ولم يكن اليهود يفهمون ذلك. ورد السيد على كلامهم بقوله إنهم لا يعرفون الآب، أما هو فيعرفه بالتأكيد لأنه منه "ولستم تعرفونه وأما أنا فاعرفه" (يو8: 55)0
ونفس الشئ قاله معلمنا بولس الرسول عن الروح القدس "لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله" (1كو2: 10)0
فالابن لأنه من الآب بالولادة، فهو يعرف الآب معرفة كاملة مطلقة غير محدودة. وكذلك الروح القدس لأنه من الآب بالانبثاق، فهو يعرف الآب معرفة كاملة مطلقة غير محددة
واقتران كلام السيد المسيح عن معرفته للآب مع قوله عن ولادته من الآب "لأنى منه" يؤكد أنه كان يتحدث فى هذا الشطر من العبارة عن العلاقة الفائقة التى تربط الابن بالآب فى الجوهر الإلهى الواحد، أى عن أن الابن مولود من الآب بنفس جوهره وطبيعته