" الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيسلمني"
(يوحنا ١٣: ٢١).
أحب يسوع يهوذا،
رغم علمه بنواياه الشريرة،
واحتمل مواقفه، المشبعة برائحة الخيانة.
وحذره من مغبة تصرفاته الخبيثة في أكثر من مناسبة.
وقصده، أن يقتاده إلى التوبة.
ولكن قلب يهوذا،
تحجر أكثر فأكثر.
ومع أنه رأى أعمال الله في المسيح،
وتمتع بمواهب الروح القدس،
إلا أن هذه الامتيازات لم تستطع تغيير قلبه الرديء.
بل ازداد قسوة على قسوة،
لأنه أحب نفسه،
ولم يرد أن يكون خادماً للآخرين.
لم يكن التلاميذ الآخرون كاملين في أنفسهم
لأنه حين صرخ المسيح أمامهم بأن واحداً سيخونه،
لم يكن أي منهم متأكداً أن الخيانة لن تصدر عنه.
هذه الحقيقة تظهر أننا جميعاً ناقصون،
وعرضة لأن نرتكب أعمالاً خبيثة.
مما يذكرنا بالقول الرسولي:
من ظن أنه قائم، فلينظر أن لا يسقط.
تأكد أن نعمة الله فقط،
هي التي تحفظك من ارتكاب الإثم،
لأن قلبك أخدع من كل شيء وهو نجيس.
في الليلةالتي أسلم فيها يسوع،
كان يوحنا،
كاتب الإنجيل متكئاً في حضن يسوع.
وإن كان لم يشأ أن يذكر اسمه تواضعاً،
فقد كان معروفاً أنه محبوب الرب.
فهذا التلميذ المحبوب عرف ما هو جار قبل رفقائه.
ولعل اطلاعه على أسرار سيده أتاح له في ما بعد أن يخبرنا بأمور مستقبلة كثيرة.
أي أن محبة المسيح
له كانت مفتاح الأسرار،
التي كشفها في رؤياه.
الواقع أن يسوع في أثناء العشاء،
همس في أذن يوحنا اسم الخائن.
ولعله لم يتفوه بالإسم علانية،
لكي يعطي فرصة أخيرة لمسلمه،
فيتوب.
يخبرنا الإنجيل أن يسوع،
في تلك الليلة الرهيبة،
رسم سر العشاء الرباني،
مشيراً بالخبز والخمراللذين قدمهما إلى جسده ودمه المزمع أن يبذلهما لأجل حياة العالم.
وفيما المؤمنون يدخلون هذين العنصرين في أجسادهم، دخل الشيطان يهوذا الخائن،
فانفصل نهائياً عن يسوع الفادي،
لأنه لم يشأ التوبة،
بل صمم على ارتكاب جريمته.
ستعرض تصرفات كل من يوحنا ويهوذا،
وقابل بين التلميذين، وعلى ضوء هذه المقابلة،
قرر ماذا يمكن أن تصبح في مدرسة المسيح؟
هل محبوب الرب أم حليف الشيطان؟
لنشكر الرب يسوع لأنه احتمل يهوذا وقتاً طويلاً.
ولنسأله أن يحتملنا ويحفظنا ويطهرنا من خطايانا.