رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في دنيا الرهبان/ نازك الملائكة سِر بنا يا طريقُ نحو حِمى الدَّير فقد نلتقي الرِّضَى والأمنا فلعلّ الرّهبان قد أدركوا السّرّ المُعَمّى الخافي الذي نتمنّى هؤلاء الزّهّاد في القنّة الخضراء حيثُ الحياةُ صَمْتٌ مديدُ رُبّما كاشَفتْهُمُ الأنجمُ العُليا بأسرارها وباحَ الخلودُ مرحبًا يا رهبانُ هلْ في حِماكُمْ * مِن حديث عن كنزنا المفقودِ؟ هل لمستُمْ بَريقهُ وشَذاهُ؟ * هل نعمتُمْ بظلِّهِ الممدودِ؟ إنَّ في أفْقِكمْ جَلالًـا وشِعرًا * وسُكونًا مُطلسَمَ الأستارِ وصلاة لله تقطرُ حُبًّا * طهّرَتْها يدُ الدموع الغِزارِ فلِمَ الحُزنُ والشّحوبُ يطلّـان لديكُمْ مِن أعيُن وشِفاهِ؟ يلقيان الظلال فوق وُجُوهٍ * صامتات المرأى خواء الجباهِ؟ ووراء الأهداب أستارُ حُزن * وذهولٌ ووحشة لا تنامُ إنْ يكنْ ديرُكُمْ عَذابًا وهَمًّا * أيّها الرّاهبون فيمَ المُقامُ؟ لم أجدْ في الصّوامع الرّثة الحَيرى عُلُوًّا ولم أجدْ آفاقا إنّ هذا الجَناحَ يا ديرُ مقصوصٌ فلن يستطيع قطّ اٌنطلاقا أثقلتْهُ رَغائبٌ ثرّة حَرّى تبقَّتْ مِن أمسِهِ المدفونِ واٌشتياقٌ إلى الطّفولة والحُبّ إلى ضَمّةٍ وصَدر حنونِ أيّها الرّاهبُ الذي يقطع العُمرَ وحيدًا في غرفة منسيّهْ ليس يدري دفءَ الموّدة في عينين في قرّ ليلةٍ شِتْويّهْ حَدَّثوني عنكم فقالوا: قلوبٌ * نُسِجَتْ مِن وداعة ونقاءِ ونفوسٌ صِيغتْ من الضّوء والعطر وحامتْ على شفاه السماءِ وحكوا لي عنكم فقالوا: ضياءٌ * وكؤوسٌ مِن الشّذى رُوحيّهْ وسُمُوٌّ إلى الذّرى الطّاهرات البِيض فوق الرّغائب البَشَريّهْ عَجَبًا أين ما سمِعتُ؟ هنا شوقٌ ونارٌ وأعينٌ مفتونهْ وهوىً قيّدوهُ عطشان محرورًا فأين السّلامُ؟ أين السَّكينهْ؟ واٌسمُ (تاييسَ) لم يزلْ في شِفاه الرّيح يُتلى على الوجود اللاهي رمزَ قلبٍ ممزَّقٍ بين صَوتين: نداءِ الهوى وصوتِ اللهِ ما نسِينا غَواية الرّاهب المفتون في حُبّها وكيف هَداها يا لهُ بائسًا سَما باٌبنة الإثم إلى قمّة السماء وتاها أيّها الدّيرُ يا جَديبًا من الحبّ خواءً من النّدى والحَنانِ يا غريقًا في الصّمت والوحشة الصّماء يا مُقفِرَ الرؤى والأماني حان عن صَمْتِك الكئيب رحيلي * فدُروبُ الحياة خضراءُ حَيَّهْ وذراعُ الوجود يفرش لي دربًا مِن الخِصْب والظّلال الثّريّهْ وسألقى ربّي هناك بعيدًا * عن دياجيك إنّ ربّي ضياءُ وطريقي يمتدّ حيث يدُ الله جَمالٌ ورحمةٌ واٌرتواءُ والقصيدة كاملة على وزن بحر الخفيف، تمّت مراجعتها من جهتي إكرامًا لذِكر شاعرتنا الكبيرة، لأنّ في نسخ هذه القصيدة أخطاء في جميع المواقع الالكترونية التي نشرتها. عِلمًا أنّ نازك الملائكة هي الوحيدة في تاريخ الشّعر العربي التي تأثّرت بالحياة الرّهبانيّة المسيحيّة بشدّة، حتّى كتبت في الأقلّ أربع قصائد عن الرهبان والراهبات، تحت العناوين التالية- بالإضافة إلى ما تقدّم: (عند الرهبان، أنشودة الرهبان، أغنية تاييس) والتي اقتطفت عددًا من الأبيات منها جميعًا في ما مضى، وتحديدًا في مقالتي: آثار مسيحيَّة في شعر غير المسيحيّ، ج 5 الأخير. وقد انتهى المطاف بالشّاعرة إلى هجرة وطنها (العراق) واتخاذ سبيل العزلة والاعتكاف في بيتها، في العاصمة المِصريّة، حتّى وفاتها- رحمها الله * * * |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مستحيل يبقى في يوم ناسك |
ترنيمه أب الرهبان لفريق كورال أبو الرهبان |
من هو أوّل ناسك مسيحي؟ |
اب الرهبان القديس العظيم الأنباء انطونيوس أول الرهبان |
ترنيمة دنيا لكن دنيا |