العلامات الرمزية المختصّة بأيقونات
الإنجيليين الأربعة
إن الرموز في التصوير الكنسي مسموحة وشائعة الاستعمال ، منذ نشأة المسيحية في الدياميسوالمطامير وغيرها لغاية تاريخه . ومن هذه الرموز : رسم السمكة والكرمة والحملوألأسد والثور والمرساة وشجرة الزيتون والضفدعة والنجم والغزال وسواها ، وبالإضافة إلى ذلك نرى على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة ( متّىـ مرقس ـ لوقا ـ يوحنا ) رسوماً من بعض الرموز الآنفة الذكر التي لهادلالتها في تاريخ الكنيسة .
ولتعليل وجودها على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة ، نعود إلى رسالة الأنبياء في العهدالقديم ، فالأنبياء هم أفراد ممتازون اختارهم الله ليكونوا نوراً للعالم وبمثابةالسفراء السامين الذين تؤخذ من أفواههم الشريعة ، وقد دعاهم العهد القديم برجالالله والرقباء والنظّار . ومن هؤلاء الأنبياء وفي المنزلة الأولى : حزقيال وأشعياوأرميا ودانيال .
وبالرجوع إلىرسالة حزقيال ، نرى فيها الفيض الكثير عن السيد يسوع المسيح وأتقيائه وهو الذيلقّبه بداود والمقصود هنا بداود هو المسيح الذي جاء من نسله ، وداود سابق لحزقيالبسنوات والنبوءة أتت للمستقبل وليست للماضي .
ففي نبوءةحزقيال كلام واضح للرموز الموجودة على أركان أيقونات الإنجيليين الأربعة وسنذكرنصّها كما جاء في سفر حزقيال : ( 1 : 1 ـ 12 )
(( 1 كان في سنةالثلاثين في الشهر الرابع في الخامس من الشهر وأنا بين المسبيين عند نهر خابور أنّالسموات انفتحت فرأيت رؤى الله . 2 في الخامس من الشهر وهي السنة الخامسة من سبْي يوياكينالملك . 3 صار كلام الرب إلى حزقيال الكاهن ابن بوزي في أرضالكلدانيين عند نهر خابور . وكانت عليه هناك يد الرب . 4 فنظرتُ وإذا بريحٍ عاصفة جاءت من الشمال . سحابة عظيمةونارٌ متواصلة وحولها لمعان ومن وسطها كمنظر النحاس اللاّمع من وسط النار . 5 ومن وسطها شبه أربعة حيوانات وهذا منظرها . لها شبهإنسان . 6 ولكلِّ واحد أربعة أوجه ولكلِّ واحد أربعة أجنحة . 7 وأرجلها أرجلٌ قائمة وأقدام أرجلها كقدم رجل العجلوبارقة كمنظر النحاس المصقول . 8 وأيدي إنسانتحت أجنحتها على جوانبها الأربعة . ووجوهها وأجنحتها لجوانبها الأربعة . 9 وأجنحتها متصلة الواحد بأخيه . لم تَدُرْ عند سيرها .كلُّ واحد يسير إلى جهة وجهه . 10 أما شبْهُوجوهها فوجه إنسان ووجه أسد لليمين لأربعتها ووجه ثور من الشمال لأربعتها ووجه نسرلأربعتها . 11 فهذه أوجهها . أما أجنحتها فمبسوطة من فوق . لكل واحداثنان متّصلان أحدهما بأخيه واثنان يُغَطّيان أجسامها . 12 وكلُ واحدٍ كان يسير إلى جهة وجهه . إلى حيث تكون الروحلِتَسيرَ تَسيرُ . لم تَدُرْ عند سيرها . ...... ))
هذه الرموز الأربعة : ( إنسان ـ أسد ـ ثور ـ نسر ) تُعَبِّر عن صفات المسيح كما وردت فيالأناجيل الأربعة على لسان واضعيها : متّى ـ مرقس ـ لوقا ـ يوحنا .
(1) ـ القديس متّى :كتب إنجيله إلى اليهود ليبيّن لهم أن يسوع هو المسيح ، ومولود كبشر ـ كإنسان ـ مننسل داود بن إبراهيم ، كما جاء ذلك في بدء إنجيله : كتاب ميلاد يسوع المسيح ابنداود ابن إبراهيم ، إبراهيم ولد اسحق ........ ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولدمنها يسوع الذي يُدعَى المسيح ( متى 1 : 1 ـ 16 ) . فصورة الإنسان هي العلاماتالرمزية الأولى التي تخص أيقونة القديس متّى .
(2) ـ القديس مرقس :لأن بشارته تبتدئ بالتكلّم عن حياة يوحنا المعمدان في البرية حيث تقطن الأسود (مرقس 1 : 1 ـ 7 ) وأيضاً كتب إنجيله بأسلوب موافق لقرّائه الرومانيين ، ويظهرفيه المسيح كالنهار وعامل العجائب وأسدسبط يهوذا ، وكانت أعماله تظهر قوّته بحيث امتلأ الشعب عجباً ودهشة ، وهذه القوةخاصّة بأسد سبط يهوذا . وقال آخرون لأن سيماء بشارته الخاصة هي مملكة المسيحوالأسد المُشار إليه هو ملكي . فصورة الأسد هي العلامة الرمزية الثانية التي تخصأيقونة القديس مرقس .
(3) ـ القديس لوقـا :حيث تكلّم في بشارته عن العبادة في الشريعة القديمة وأشار إلى بعض خصائص المسيح منناحية الخدمة الكهنوتية . ومن أهم واجبات الكهنة الذبائح والقرابين التي كانتالثيران أغلب ما يُضَحّى من الحيوانات . فصورة الثور هي العلامة الرمزية الثالثةالتي تخص أيقونة القديس لوقـا .
(4) ـ القديس يوحنا :لقد بدأ بشارته بعبارات سامية تفوق كل سموّ : في البدء كان الكلمة ، والكلمة كانعند الله وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله ( يوحنا 1 : 1 ـ 2 ) ويشيرفي بشارته إلى وظيفة المسيح الروحية ، ورسالته السامية ، مما يتّفق مع سمو طيرانالنسر في الفضاء . فصورة النسر هي العلامة الرمزية الرابعة التي تخص أيقونة القديسيوحنا .
لقد اعتاد بعض الرسامين الكنسيين أن يرسموا الإنجيليين الأربعة برسم هذهالرموز : إنسان ـ أسد ـ ثور ـ نسر دون غير ذلك ، بيد إن الكنيسةمنعت ذلك بالقرار رقم 82 الصادر عن المجمع المسكوني السادس (1) حيث لا يجوز أن يُرسَمالرمز وحده دون أن يُرسَم ما يُمثّله هذا الرمز . فإن رسوم الرموز في الكنيسةمقبولة شرط أن يُرسَم معها ما يُمَثِّلها .
11/11/2011المهندس جورج فارس رباحية
المفـــردات :
(1) ـ المجمع المسكوني السادس عقد في عهد الإمبراطور قسطنطينالرابع سنة 681م
وتكملة السادس في عهد الإمبراطورجوستينيان السادس سنة 692 م.
المصادر والمراجع :
ـ السواعي الكبير : القدس 1886
ـ الكتاب المقدس : دار الكتاب المقدس فيالعالم العربي 1981
ـ مجلة النعمة : السنة 2 العدد 15
ـ تقويم مجلة النعمة : 1964