رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
"حبيبي نزل إلى جنته إلى خمائل الطيب" (نش 6: 2 ) نفهم من كلام العريس لعروسه (نش 4: 12 ) أن عروسه بالنسبة له هي "جنته"، فهي موضوع محبته ومسرته. والعروس في صدى لهذه المحبة غرست بيدها الرقيقة "جنة له" عرف هو مكانها، بل كل أنواع غرسها (نش 4: 12 ، 14). فالجنة له هو، وفى نشوة فرحها بأثمار غرس محبتها دعته قائلة "ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس". فقد غرست وها هي الأثمار، لكنها تدعوها "ثمره". ألا نرى ذلك في قول الرسول يوماً "أنا غرست وأبلوس سقى. لكن الله كان يُنمى". فما هو تقدير النفس المتضعة لِما تعمله؟ "إذاً ليس الغارس شيئاً ولا الساقي، بل الله الذي ينمّى" (نش 4: 12 ، 7). لذلك قالت "ويأكل" - أي يتمتع حبيبها بهذا الثمر النفيس. إلا أن تلك القلوب الـمُحبة قد تنام، والأيدي المجتهدة قد تسترخي (نش 5: 2 ) ، وتستلقي النفس على سرير طلب الراحة، مزهوّة ببرعم قد تفتح أو بكرم قد أزهر. وقد تظل النفس هكذا حتى يجيء الرب بمحبته قارعاً أبواب القلب، هامساً بكلمات اللطف والمحبة في رغبة منه لإنهاض النفس من غفوتها، فتبدأ نفوسنا بالإعلان عن أحوالها ولو في خجل مُستترة من وراء الباب. وحيث أن محبته تعمل ما هو فوق الواجب، نجده يَمُد يده من الكوة ليعلن عن وجوده. فقد سمعت منذ قليل صوت المحبة، والآن ترى يد المحبة تلوح من جديد فتُحرك أحشاءها نحوه فتنهض بعزمٍ وإيمان لتفتح له الباب. آه. لقد غادر حبيبها المكان. فأين ذهب؟ هذا هو سؤال بنات أورشليم (نش 6: 1 ) . لقد عرفت تلك الجميلة، أين ذهب حبيبها. لقد ذهب إلى جنته - تلك الجنة التي تُذكّره بها وبنشاط محبتها الأولى. لقد توجه إلى هناك لينعش نفسه من جديد بأثمار محبتها حتى لو لم تكن أحوال محبوبته في ذلك الوقت مُفرحة. ألا نرى في هذا أنه في يوم استرخائنا الروحي نجده يذهب لينعش نفسه بأثمار خدمة أمينة تاعبة قُدمت يوماً. أوَلا يذكّرنا هذا بقوله على لسان إرميا "قد ذكرت لكِ غيرة صباك، محبة خطبتك. ذهابك ورائي في البرية في أرض غير مزروعة". إلا أن الأعجب هو محبته. فها هو يعود لمحبوبته مادحاً إياها. |
|