الشركة مع الله
لا يستطيع أحد أن يخلص إنسانًا إلا عن طريق الله نفسه فتحريك القلوب وايقاظ الضمائر، هو من أعمال الله ذاته، الذي قال فليكن نور، فكان نور (تك 1: 3)، والذى قال " بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5).
لذلك فالعمل على خلاص النفس، لا يكون إلا بالشركة مع الله.
لذلك قال بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولس " نحن عاملان مع الله" (1كو 3: 9) " وأنتم فلاحة الله، بناء الله".
لابد أن يصل الإنسان إلى الله ليوصل الناس إليه. واضرب لك مثل الحديد والمغناطيس.
المغناطيس يقدر أن يجذب الحديد. وإذا ما تمغنط الحديد، يمكنه أن يجذب إليه حديدًا آخر. وإذا تلاقت معهما قطعة حديد ثالثة، تنجذب أيضًا.. إذن الحديد المتلامس مع المغناطيس يمكنه ذلك.
قطعة حديد وزنها طن لا يمكنها أن تجذب مسمارًا، إن كانت غير ممغنطه. ولكن مسمارًا ينجذب اليه.
مثال آخر هو لمبة الكهرباء، وتيار الكهرباء:
هناك لمبات كهرباء، جميلة جدًا، وقوية جدًا، ومن نوع ممتاز، تضئ فيفرح الناس جدًا بضوئها. ولكنها في الواقع لا تستطيع أن تعطى ضوءًا مالم تكن متصلة بتيار الكهرباء. فإن انقطع عنها تيار الكهرباء، فحينئذ باطل هو عملها، ولا فائدة من صنفها وجمالها وقوتها..
وهكذا باطلة كل غيرتك، وإن كانت بعيدة عن الله، الذي هو مصدر القوة..
وهكذا مع غيرة التلاميذ في نشر الملكوت، قال لهم الرب: "لا تبرحوا أورشليم حتى تلبسوا قوة من العالى (لو 24: 49). وأكمل ذلك بقوله " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع 1: 8). وهكذا كان. ولم يبدأ الرسل خدمتهم إلا بعد حلول الروح القدس عليهم.
أترى كانت غيرة الرسل تكفى لنجاح الخدمة، بدون حلول الروح القدسعليهم؟!
كلا بلاشك. فالخدمة كلها عبارة عن الشركة مع الله، العامل فينا، والعامل معنا، والعامل بنا. " وإن لم بين الرب البيت، فباطلًا يتعب البناءون" (مز 127: 1) إن بولس كان يغرس وأبولس كان يسقى. لكن الله كان ينمى" (1كو 3: 6).
ويعلق بولس الرسول على هذا الأمر فيقول " إذن ليس الغارس شيئًا، ولا الساقى، بل الله الذي ينمى" (1كو 3: 7).
افحص إذن غيرتك. هل هى عاملة مع الله؟
إن فقدت الصلة بالله، فلن تستطيع أن توصل أحدًا إليه، مهما كانت غيرتك. لأن " فاقد الشئ لا يعطيه".
لابد إذن أن نحب الله، لكي نجعل الناس يحبونه.
ولابد أن نطيع وصاياه، حتى نقدر أن نشرح لهم عمليًا كيف تطاع الوصايا .
حقًا أنه تواضع من الله أن يشركنا معه في عمله. ومع ذلك نحن نتكاسل!
الله قادر أن يخلص العالم كله بدوننا. ولكنه من تواضعه اشركنا معه نحن الضعفاء ونحن الخطاة! فهل نتجاهل نعمته هذه ونتكاسل في عمله. ولا تكون لنا غيرة متقدة، مثله..!
هذا عجيب حقا. والأعجب منه، أننا أحيانًا نعرقل الملكوت!
بسلبياتنا، وبصراعاتنا في الخدمة، وبفتورنا، وبأخذ المفاتيح، ولا ندخل، ولا نجعل الداخلين يدخلون، بمنافسات بشرية بعيدة عن روح الغيرة وروح الخدمة!!ه