رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محمد عبد المنعم الصاوي يكتب للوطن | ممثل الكنيسة ! نشأت فى عصر آخر: إذا مررت بمن يأكل «طعمية» أو «جمبرى» يقول لك: اتفضل! بعلو صوته، ويصل كرم بعضهم إلى أن يُقسم عليك بضرورة اقتسام اللقمة التى فى يده! أتذكّر كيف كنا نخاطب صاحب الحمل الثقيل: «خَلِّ عنك»، وتمتد الأيادى بالفعل للمساعدة. فى زماننا كثيراً ما كنت تجد سيارة بحاجة إلى «زقة»، وفى لمح البصر تختفى السيارة عن ناظريك من كثرة من يحاولون المساعدة. قبل أن تتغير الدنيا كان الجار يترك مفتاح شقته مع الجيران، فربما عاد أحد الأبناء فجأة، أو ضاع المفتاح، أو وقع مكروه كنشوب حريق أو انفجار ماسورة مياه.. على أيامنا كانت معدلات الثقة فى أعلى مستوياتها؛ لم يكن أحد يشك فى صدق صاحبه الذى يستأذنه بأدب فى سُلفة مالية، فيبادر بتوصيلها إليه دون سؤال عن سبب احتياجه لها، أو حتى موعد ردها. وكان العشم، نعم.. كان العشم الذى ترسخ فى تكوينى، وجاء الوقت لأدفع ثمنه! أيها السادة الكرام، ما قلته عن تمثيل الكنيسة وكل المنسحبين من الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور لم يكن إلا انعكاساً لما بقى داخلى من مسئولية وأمانة وما يدخل فى باب العشم. تصورت -وأنا أقول ذلك- أنى أؤدى واجبى نحو الغائبين، وليس كما تصور البعض -وبحسن نية- أنى أتحايل على قانون أو قاعدة، أو أنتحل صفة، أو أدّعى تفويضاً لم أحصل عليه؛ كبرت المسألة، وأصبحت مدخلاً ميسراً لمهاجمتى من المسيحيين والمسلمين معاً. فى اليوم التالى أوضحت الأمر فى تسجيل لنفس القناة التليفزيونية، وحرصت على تقديم اعتذارى لكل من التبس عليه الأمر، وتسبب فى انزعاجه، وكررت ذلك فى آخر المؤتمرات الصحفية للجمعية التى اختلف معى الكثيرون بسبب استمرارى فيها، مع أنى -وفقاً لتقديراتى المتواضعة- كنت مقتنعاً بأهمية إنجاز عملها الذى تفانى فيه الكثيرون، ومنهم بالطبع من انسحبوا قبل المحطة الأخيرة. آلمنى ضياع العشم والثقة وحسن الظن، وتصورت أن المشكلة ستنتهى بمجرد إدراك الناس لحقيقة القواعد التى تحكم عمليات التصويت داخل الجمعية؛ ألم تلاحظوا أنه لا يوجد من يصوت باسم جهة ما؟!! عند التصويت -وهى قاعدة لا ذنب لى فيها ولا فضل- لا يوجد ممثل للكنيسة أو ممثل للأزهر الشريف أو ممثل للفلاحين وآخر للعمال أو غير ذلك.. كل هذا انتهى بمجرد تكوّن الجمعية فى يونيو الماضى. على الرغم مما أصابنى من كآبة وأسى وإساءات، فقد آثرت الابتعاد، والاعتماد على دفاع الله عز وجل عنى من خلال عدد كبير ممن تعاملوا معى بشكل مباشر.. كم هى سريعة دورة الزمان! وكم ستكون فادحة خسارتنا لقيمنا ولموروثاتنا التى تميزنا بها! لن يعود الزمن بحلوه ومره.. أما أنا، فأعود إلى الثقافة بحثاً عن الحل! المصدر : الوطن |
|