"الذي حَمَل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ... الذي بجلدته شُفيتم"
(1بط 2: 24 )
الرسول بطرس وهو يقتبس من أقوال النبي إشعياء، نراه يسترسل قليلاً في موضوع تلك الآلام التي وقعت على الرب نيابة عنا، فيسرد أوجهاً مختلفة من آلام المسيح في تلك الساعات المظلمة حتى تضطرم فينا حرارة التعبد، ونحن نقرأ عن ذاك الذي حمل في جسده خطايانا على الخشبة، فيقول "المسيح .. تألم لأجلنا ... الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر، الذي .. إذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم (أمره) لمن يقضى بعدل. الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة... الذي بجلدته شُفيتم". فتلك الضربات الشافية لنا، جاءت على المسيح الخاضع الوديع من يد ذاك الذي يقضى بعدل، جاءت على "الذي لم يفعل خطية".
يا لظلمة الجلجثة! ظلمة موحشة في رابعة النهار. إن عين الإيمان تخترق تلك الظلمة الكثيفة التي غطت الأرض من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة. وبالكاد نستطيع أن نرى تلك الضربات الشديدة الـمُبرحة غير المنظورة والفائقة الإدراك.
مجروح لأجل الخطا مسحوق لأجل الآثـام
بحُبره صـارَ الشفـــا عليه تأديب الســـلام
إن عصا التأديب النازلة على "شخص آخر" هي التي استطاعت أن تأتى لنا بالشفاء. فبدون الصليب وضرباته، ما كان يمكن أن يكون هناك بلسم من جلعاد للمجروحين. إنه عندما قُطعت شجرة اللعنة، شجرة الجلجثة، وطـُرحت في مياه مارة، حينئذ فقط صارت المياه عذبة وصالحة لإطفاء عطش الخطاة التائبين وإنعاش قلوب القديسين المثقلين.
وهكذا يصل إلينا صوت المتألم المضروب قائلاً لنا "أنا الرب شافيك" (خر 15: 26 ) . والذي جُرح لأجل معاصينا هو الذي "يجبر كسر شعبه ويشفى رض ضربه" (خر 15: 26 ، 57: 17، 18).
إن كل بركة لنا تفيض من ذلك المتألم القدوس على خشبة لعنة الجلجثة. وبضرباته شُفينا، وشجرة الموت تصبح شجرة حياة في وسط فردوس الله - هي المسيح نفسه وبأكلنا منه لن نجوع أبداً.