مجمع أورشليم وقبول آريوس الهرطوقى فى شركة الكنيسة
عمل الأريوسيين بشتى الطرق فى تنظيم عجيب بينهم , أما كيف رجع الهرطوقى آريوس من حرمه ونفيه فقد كانت أخت الأمبراطور وأسمها قسطنطيا (1) قد أوصت الإمبراطور خيراً بــ آريوس وهى على فراش الموت , وكان لكاهنها الخاص ويدعى يوسثانيوس وهو أريوسى يداً فى هذا الطلب .
وأراد الأمبراطور أن يحقق مشيئة أخته الأخيرة فأرسل خطاباً إلى آريوس وهو فى المنفى يستدعيه للحضور للتحقيق فى مدى الظلم الذى حاق به فى مجمع نيقية , وعندما حضر آريوس كتب بخط يده إعترافه , فجاء مشابهاً لأعتراف نيقية , ولكن فى إختزال حتى يتحاشى فيه كل التعبيرات الواضحة التى تحدد الإيمان من عدمه , وكان ذلك بتدبير الآريوسيين فى وقت سابق لمجمع صور بعدة سنوات (3)
وكان وقت تدشين كنيسة القبر المقدس التى أمر بببنائها الإمبراطور قسطنطين كثير من الأساقفة الذين إجتمعوا من قبل فى صور ومعظمهم من الأريوسيين , فإجتمعوا مرة ثانية فى أورشليم لبحث قضية آريوس الهرطوقى وزميله أوزيوس الشماس , فقبلهما المجمع وأدخلهما فى شركة الكنيسة , وكتبوا خطاباً عاماً لكافة أساقفة العالم وللأسكندرية بنوع خاص , وقد أورد أثناسيوس نص هذا الخطاب فى دفاعه ضد الأريوسيين (4) وهو خطاب مملوء غشاً - على حد قول البابا أثناسيوس : [ حيث يقولون فيه بوقاحة سافرة : [ إذ أنهينا على الجسد والحقد من كنيسة الرب وطردنا من وسطنا كل المكر والخداع ( يشيرون هنا إلى نفى البابا أثناسيوس وإسقاطه من على كرسيه ) الذى تسبب فى تمزيق أعضاء الرب من وقت لاخر ( هنا يشيرون إلى طرد ىريوس مأنه تمزيق لأعضاء الرب ) وهكذا تسنى لنا بعقل مسالم قبول آريوس وزملاءه الذين حرموا مدة طويلة من الكنيسة فى وقت سابق بسبب الجسد والحقد الذين هما عدوان لكل خير ] (5)
وكان قبول آريوس فى الكنيسة فى غيبة البابا أثناسيوس
وأثناء نفى البابا أثناسيوس قبل مجمع أورشليم ذى الغالبية الأريوسية آريوس فى شركة الكنيسة وقال البابا أثناسيوس : [ وإن كل من يسمع هذه الأمور يتحقق من خداعهم وخيانتهم , لأنهم لم يحترسوا أن يغطوا أعمالهم فظهروا وكأنهم يعترفون بغير إختيارهم : لأنه إذا كنت أنا العائق الوحيد فى قبول آريوس وأتباعه فى الكنيسة , ثم حدث أن قبولهم هم فى أثناء غيابى بينما كنت أعانى من نتائج مؤامراتهم , فماذا يمكن ان نستنتج من هذا إلا أن كل ما عملوه ( فى ) كان يقصد الوصول إلى هدفهم هذا ؟ وأن كل تصرفاتهم ضدى مع قصة الكأس المكسور التى أختلقوها وقتل أرسانيوس كانت كلها لغرض واحد وحيد وهو إدخال هؤلاء الملحدين الكفرة إلى الكنيسة والحيلولة دون الحكم عليهم كهراطقة ؟
وهذا بعينه هو ما كان الإمبراطور يطلبه منى سابقاً فى خطاباته بتهديد , وبالرغم من ذلك لم يخجلوا أخيراً أن يكتبوا هكذا ويؤكدوا أن هؤلاء الأشخاص - آريوس وزملاءه - هم أرثوذكس مع أنهم محرومون بواسطة مجمع مسكونى , ولذلك لما أرادوا أن يقولوا هذا ويعملوا - بدون خوف - إجتمعوا معاً " فى زاوية " ( يعنى أثناسيوس أن إجتماع اورشليم هو إجتماع المخادعين ) وهناك طرحوا أرضاً على قدر ما واتتهم قوتهم مقررات مجمع نيقية العظيم ] (6)
المــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند ألريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 109
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) N. P. N. F., vol Iv, p. xl
(4) Apol. contra. Ar. 83, 84.
(5)Ibid.
(6) Ibid. 58.