رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا أثناسيوس يعتكف ويكتب خطاباً للشعب والأساقفة والتاريخ
قام غريغوريوس الأسقف الدخيل الذى عينه الأمبراطور ومعه فيلاجريوس الوالى فى أسبوع الألام بالهجوم على كنيسة " كيرينيوس " فأحرقوا معموديتها ونهبوا ذخائرها ونجسوا هياكلها ومذابحها وقد أستخدموا اليهود والوثنيين لهذا الغرض فى يوم الجمعة العظيمة , ثم أتجهوا إلى كنيسة " ثيئوناس " التى كان يحب البابا اثناسيوس أن يقضى فيها أيام الصوم وإحتفالات الأعياد , ثم قبضوا على الشعب المصرى القبطى فى يوم العيد , وكان البابا قد أحس بخطط الأريوسيين للقبض عليه حين وردته أخبار سرية أنهم سيهجمون عليه ليلاً فغادر كنيسة " ثيئوناس " فى يوم 19 مارس أى قبل هجومهم باربعة أيام , ثم اعادوا الكرة مرة أخرى على نفس الكنيسة بعد عيد القيامة على نفس كنيسة " ثيئوناس " لعلمهم أنه يقيم فيها فى هذه الفترة ولكنه كان قد غادرها أيضاً قبل هجومهم الثانى . ثم أعتكف البابا أثناسيوس بضعة ايام بعد العيد فى 20 برمودة سنة 339م وكتب رسالته العامة لجميع الأساقفة التالية : [ إلى الشركاء فى الخدمة فى كل مكان , السادة المحبوبين , يرسل أثناسيوس تمنيات العافية فى الرب , إن ألامنا المريعة التى نعانيها قد صارت فوق الطاقة ومن العسير ان نصفها لكم بما يناسبها من تعبير , ولكن لكى تدركوا بصورة واضحة طبيعية هذه الحوادث المريعة التى حدثت رأيت انه من الخير أن أذكركم بما يماثلها بما جاء فى تاريخ الأسفار المقدسة : لقد حدث لرجل لاوى أسئ أليه فى شخص زوجته , فلما رأى الرجل عظم المصيبة التى تنجس بها - لأن إمرأته كانت عبرانية ( لا غش فيها ) ومن سبط يهوذا - أفزعته الفضيحة التى أقترفت ضده , فما كان منه إلا أنه قام بتقسيم جسد أمرأته - كما يقص الكتاب المقدس فى سفر القضاة - مرسلاً جزءاً لكل سبط فى اسرائيل لكى يعلم الجميع أن إساءة مثل هذه لا يمكن أن تخصه وحده فقط , ولكنها تعم الجميع على السواء , فإن تعاطف الشعب معه فيما حل به من ألام يقوموا ويثأروا له , وإن همو أهملوا النداء ولم يصنعوا يتحملون اللعنة كونهم قد صاروا شركاء ومتهمين فى ذات الجريمة !! أما الرسل الذين أرسلهم إلى كل مكان فقد اذاعوا الخبر كما حدث , وكل الذين راوا وسمعوا الحادث قالوا : أنه لم يحدث شئ قط مثل هذا منذ اليوم الذى خرج فيه إسرائيل من أرض مصر , وهكذا أخذت الغيرة كل سبط فى إسرائيل وقاموا جميعاً معاً وكأنهم قد أعتدى عليهم وصاروا شركاء فى الألام وجاءوا إلى المعتدين , وأقاموا حرباً أهلكوا فيها المتسببين فى هذه الخطية وجعلوهم لعنة على كل فم . على أن الشعب عندما أجتمع لم يقيموا وزناً لرابطة الدم ( لأن المعتدى والمعتدى عليه كانوا جميعاً من بنى أسرائيل ) ولكنهم وضعوا فى إعتبارهم نوع الجريمة التى أقترفت . وأنتم أيها الأخوة تعلمون التاريخ ودقائق الموضوع والظروف التى أوردها الكتاب , لذلك أرى الا أقص عليكم أكثر من هذا لأنى إنما أكتب إلى أشخاص على علم بكل هذه الأمور , ولكنى مهتم بالأكثر أن اقدم لكم أيها الأتقياء ما يختص بأحوالنا التى هى أسوأ مما أستشهدت به , وكل غايتى من تذكيركم بما حدث فى التاريخ قديماً هو أن تقارنوا ما حدث قديماً بما هو حادث لنا الآن , ولكى تدركوا ما حدث أخيراً لنا يفوق ذاك الذى حدث قديماً فى القسوة , فإن أدركتم هذا ينبغى بالتالى أن تمتلئوا غيظاً وسخطاً , بما يفوق ما أمتلأ به ذاك الشعب قديماً ضد هؤلاء المعتديين ! ... لأن ما حدث لنا يفوق بالعقل كل ما حدث , ولأن مصيبة هذا اللاوى على أى حال صغيرة إذا قورنت بشناعة ما أقترف ضد الكنيسة الآن , لأنه لم يحدث مثل ذلك قط ولا سمع به فى كل مكان فى العالم , لأن فى أمر البلاوى لم يصب بسوء أكثر أكثر من امرأة واحدة , ولم يتألم بالظلم أكثر من لاوى واحد , أما الآن فها كنيسة بأكملها يساء إليها , وكهنوتاً يهان , وما هو أشنع من الكل تضطهد التقوى وتطارد الإستقامة من الذين لا تقوى لهم ولا إستقامة . فى امر اللاوى تهيجت الأسباط وإمتلأت سخطاً من منظر قطعة وضعت أمامهم لإمرأة انتهكت , ولكن الآن أعضاء الكنيسة كلها ممزقة بعضها عن بعض , وها نحن مرسلوها إليكم ( فى اشخاص الكهنة والأساقفة المرسلين ) هنا وهناك , لكم ولغيركم , حاملين غليكم صورة الإهانات والإساءات التى حلت بهم , عساكم تتحركون بالغيرة , أرجوكم معتبرين ان هذه الإساءات إنما حدثت لكم كما لنا , وليس بأقل , عسى كل واحد منكم يقدم معونة كمن يشعر فى نفسه بنفس الألم لئلا بعد قليل تتلوث الكنيسة فى أيمانها , وقوانينها تنتهك !! لأن الكل فى خطر إذا لم يتدارك الرب الأمر بواسطتكم وبأيديكم يصلح ما فسد ! أتوسل إليكم لا تستهينوا بهذه الحوادث , ولا تسمحوا أن تداس كنيسة السكندرية العظيمة تحت أرجل الهراطقة ! ... ] (3) [ وباعمال العنف هذه أستولى الوالى على الكنائس وأعطاها لغريغوريوس وللأريوسيين مختلى العقل ] (4) وعندما سقطت كنيسة الإسكندرية فى ايدى الأريوسيين وكانت معقل الأرثوذوكسية فى الشرق وحصنها الحصين لأنه كانت قد سقطت إيبرشيات آسيا وفلسطين وشرق أوروبا فى ايدى الأريوسيين من قبل - حيث نفى الأريوسيين الأساقفة الأرثوذوكسيين الأقوياء أما الضعفاء فتركوهم فى أيبروشياتهم بلا حول ولا قوة . وإلتفت البابا اثناسيوس للعالم فلم يجد امامه إلا أساقفة الغرب واباطرتهم لأن الغرب كان بعيداً عن الجدل اللأريوسى والفلسفات اليونانية أو كما يقول المؤرخ جيبون : [ كانت لغتهم الوطنية ( اللاتينية والفرنسية والألمانية ] جامدة لم تستطع ان تسعفهم بمصطلحات مناسبة تقابل المصطلحات اليونانية والكلمات الروحية العميقة التى كانت موضع تقديس من الإنجيل والكنيسة , بحيث تمكنهم من جهة هذا الحوار أن يعبروا بلغتهم هذه عن اسرار الإيمان المسيحى ... لذلك وقد استقوا عقيدتهم من مصدر صحيح ( مجمع نيقية ) ومن ثم حافظوا فى ثبات على المذهب الذى تقبلوه بسهولة , فلما إقترب وباء الأريوسية من حدودهم كان لديهم فى ذلك الوقت ما يقيهم من شره وهو إيمانهم الشديد بـ " الأوموؤوسيون " وحدة الجوهر مع الاب .. ] (5) المــــــــــــــــراجع (1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 142 - 145 (2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى (3) Epist. Encyc. 1,7. (4) Ibid. 5 (5) المؤرخ جيبون : إضمحلال وسقوط افمبراطورية الرومانية " الجزء الول " الفصل 21 الباطرة والجدل حول مذهب آريوس . |
|