البابا اثناسيوس يذهب إلى روما
وفى أثناء هجوم الأريوسيين على كنائس المصريين الأقباط وإحتلالها والإستيلاء عليها بالقوة أرسل أسقف روما رسالة إلى البابا اثناسيوس يدعوه لحضور المجمع الذى حضر له من جميع أساقفة العالم لفحص شكاوى يوسابيوس وإتهاماته :-
فى كتابه عن تاريخ الأريوسيين قال عن البابا أثناسيوس: [ وبعد عيد الفصح - وأثناسيوس قد بلغه أخبار هذه الأعمال فى مبتدئها , أبحر إلى روما , عالماً مقدار جنون الأريوسيين , وكذلك من أجل المجمع الذى سبق له أن تحدد ميعادة ( فى صيف سنة 339 م ) لأن يوليوس كتب رسائل بذلك إلى اثناسيوس ] (3)
وحسب التاريخ الدقيق المسمى أسيفالوس ( يعنى الذى بلا عنوان ) رحل البابا أثناسيوس من الإسكندرية فى يوم الإثنين 21 برمودة الموافق 16 أبريل سنة 339 م وعاد أثناسيوس إليها فى يوم 24 بابة الموافق 21 أكتوبر سنة 346 م وتقسم هذه المدة تاريخياً إلى فترتين :-
1 - الفترة الأولى ومدتها 4 سنوات ( من سنة 339 - 343 م ) وتنتهى بمجمع سرديكا الذى أأخذ فترة ستة أشهر من حيث التحضير له وإنعقادة وإنصراف أساقفته .
2 - الفترة الثانية ومدتها 3 سنوات وتنتهى بعودته إلى الإسكندرية فى 21 أكتوبر سنة 346 م .
الفترة الأولى التى قضاها البابا أثناسيوس فى المنفى الأول
فى يوم ألأثنين 16 ابريل غادر البابا أثناسيوس ومعه جماعة قليلة من الإكليروس ( كهنة وأساقفة ورهبان ) الأسكندرية وقد اضاف المؤرخ سقراط (4) أسم " امونيوس باروتيس" ( معناه ذى الأذن الواحدة) (5) الراهب القديس القادم من أديرة باخوم , وأنتقل إلى برية نتريا حتى يتعلم تحت أبوة المعلم الكبير أمون , هذا كان أيضاً من الرفقة الذين رافقوا أثناسيوس فى منفاة بروما , ومن أقوال هذا الراهب الناسك القديس : أنه لم يعجبه فى روما شئ إلا كنيسة بطرس وبولس (6)
البابا أثناسيوس ورهبان مصر ينشرون الرهبنة فى الغرب
وأراد الرب أن يخرج من الجافى حلاوة فقد حدث أن البابا أثناسيوس والرهبان الذين كانوا برفقته ( أمونيوس وثيؤذوروس (7) الذي كان معروفاً لدى السناتو وهو مجلس الحكم فى روما ) فقد أثار هيئة رهبان مصر وتقواهم ونسكهم أنتباه روما والغرب عموماً فلم ينقطعوا عن ممارسة الصلوات والنسك الشديد حتى فى روما وكل المدن الأخرى فى الغرب .. مثل أكويلا , وبادوا , وفيرونا , ولا بيس , وكمبانيا , وتريف , وميلان (8) بالإضافة إلى روما , فأثرت تأثيراً إيجابياً على الحياة الروحية عامة وعلى أفكار الشباب والشابات بصورة خاصة , وأشار جيروم فى تحقيقاته أن هذه الرحلة أثرت فى كل الغرب فيقول جيروم فى رسالته فى رسالتة المرقومة 127 ما معناه " إن الرهبنة المصرية عرفت لأول مرة فى روما من زيارة أثناسيوس وبطرس خليفته " أما تأثير القديس أنطونيوس فكان غير مباشر عن كريق كتابة سيرته بقلم القديس أثناسيوس الذى وضعه خصيصاً لأشخاص الذين تعلقوا بالحياة الرهبانية هناك , وأرسلوا للبابا أثناسيوس بعد عودته إلى الإسكندرية يطلبون المزيد من حياة أنطونيوس الذى كان يقص لهم أخباره وهو فى المنفى عندهم .
البابا أثناسيوس ورهبان مصر ينشرون الليتورجية القبطية فى الغرب
وكان البابا أثناسيوس يمارس الخدمة فى كنيسة روما وكل المدن الغربية الهامة مع أساقفتها مثل أكويلا , وبادوا , وفيرونا , ولا بيس , وكمبانيا , وتريف , وميلان وروما وما لبثت أن ألتقطت كنائس الغرب وخاصة روما مميزات الليتورجية القبطية فى عصر اثناسيوس حتى اليوم فيما يختص بموضوع " الإبكليسيس Epiclesis " أى " حلول الكلمة " على الخبز والخمر بدلاً من حلول الروح القدس السارى ألان .
أساقفة آخرين معزولين عن كراسيهم
وبعد وصول البابا اثناسيوس إلى روما بثلاثة شهور كان كثير من الأساقفة الأرثوذكس رجعوا من منفاهم الأول سنة 337م تماماً كما حدث لأثناسيوس , وعزلهم الأريوسيين عن كراسيهم فى مجمع أنطاكية بسلطان الإمبراطور الشرقى قسطنطيوس كما حدث لأثناسيوس أيضاً ومنهم بولس أسقف القسطنطينية وأسكلباس أسقف غزة , ومارسيللوس أسقف أنقرة بإقليم غلاطية بآسيا الصغرى , ولوقيوس (لوسيوس) أسقف أدرينول .
إعترافات قس أريوسى فى روما
وظهر قس أريوسى أسمه كاربونس فى روما بعثه غريغوريوس الكبادوكى الأسقف الأريوسى المغتصب لكرسى الأسكندرية , وكان القس كاربونس أريوسياً مقطوعاً من الشركة ( محروماً ) على يد البابا ألكسندروس البابا الـ 19 .
أعترف القس كاربونس الأريوسى أمام يوليوس أسقف روما وأقر بصحة كل الإتهامات المتهم بها بستوس , ولما ناقشة يوليوس بخصوص أريوسية غريغوريوس أيضاً لم ينفى التهمة .
ماذا قال المؤرخون عن عمل البابا أثناسيوس فى الغرب ؟
يقول المؤرخ المشهور ميلمان : [ إن نتائج هذه الزيارة التى قام بها اثناسيوس لروما اسفرت عن تشبع مسيحية الفكر اللاتينى بأرثوذكسية الأسكندرية ] (9)
ويقول نفس المؤرخ : [ إن الكنيسة اللاتينية تتلمذت له ، ولكنها لم تستطع أن تمتص لاهوته كما ينبغى ] (10)
ويقول روبرتسون : [ ومن هذه الزيارة دخلت الرهبنة إلى الغرب ] (11)
المــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 145 - 148
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) N,P,N,F., vol.IV. p. 503.
(4) Socrat. 0p. cit., IV. 23.
(5) لما امسكو أمونيوس بالقوة ليرسموه أسقفاً , أستأذن منهم ودخل قلايته وقطع أذنه اليمنى , لأن من قوانين رسامة الأسقف أن يكون بلا مرض وخالى من التشوهات الجسدية , ولكنهم أصروا على رسامتة فأطلق عليه أسم " امونيوس باروتيس" ( معناه ذى الأذن الواحدة)
(6) Socrat. 0p. cit., IV. 23.
(7) Pallad., Hist.Lausiac., Vita patr. 1, 8,
(8) Apol. Ad Const., 3.
(9) Milman., Hist. of lat. Christ., Vol.I,p.78.
(10) Idim.
(11) Vede Robertson,s Christ. Hist., ii,6