"فخرج يسوع خارجاً وهو حامل إكليل الشوك ... فقال لهم بيلاطس هوذا الإنسان"
(يو 19: 5 )
"هوذا الإنسان"! "ثقبوا يديّ ورجليّ" (مز 22: 16 ) . إنني أتطلع إلى يديه المثقوبتين فأسمعهما تحدثانني عن بركة الألم. ففي بيت عنيا وقد انفرد عن تلاميذه وأُصعد إلى السماء، يبسط هاتين اليدين عليهم لكأنه يريد أن يُريهم أن آلامه إنما كانت لبركة العالم الذي مات لأجله.
"هوذا الإنسان"! أتطلع إلى رجليه المثقوبتين فتحدثانني عن طاعة الألم. فرجليه كانت تقوده إلى حيث يجد تشكيلة من التعابى والمكسوري القلوب، وقادته كذلك إلى الجلجثة ليُسحق من أجل خطايانا ومعاصينا!!
"هوذا الإنسان"! وأتطلع إلى ذلك الجنب المطعون فيحدثني عن محبة الألم، تلك المحبة التي هي "أقوى من الموت"، المحبة التي "السيول لا تغمرها".
"هوذا الإنسان"! انظري يا نفسي ملياً إلى ذلك الحزن الجليل! كل قطرة من ذلك الدم الكريم، إنما هي جوهرة في تاج غفرانك. وكل آهه من آهات رجل الأوجاع إنما هي لك ذكرى لغبطتك الكاملة وهناءك الـمُقيم.
وكل حزن غمر تلك النفس الوحيدة المنفردة، عربون لك بأن سوف لا يكون "موت في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد"، وكل دمعة من تينك العينين المباركتين هي وعد بأن الله سيمسح كل دمعة من عينيك.
إيه يا "رجل الأوجاع ومُختبر الـحَزَن"! يا مَنْ جعلتك خطايانا تتألم، وتدمى، وتموت! إن عملك الفدائي الذي عملته بسبب الخطية ولأجل الخطاة هو عمل تام، وأنت المخلص الوحيد للهالكين، وكلهم لولاك هالكون.
إن صليبك هو الباب المؤدى إلى عرشك. إن ثياب حزنك نُسجت في الظلمة التي التفت حولك كغطاء تكفين، لكن مجد نصرتك سوف يلمع حيث لن يكون ليل وحيث تمضى إلى الأبد ظلال خطية العالم وعجزه.
قاسى ربـى كل هـــذا وتحمّــــل العنـــــا
بل وسيف العدلِ جاز فيه كي أنجو أنـا
نكـس الرأس أخيــراً مائتاً عن الخطـاة
فلـك نجثـــو بحـــــبٍ أيها الـرب الإلـــه