نفى البابا ديونيسيوس القبطى إلى ليبيا
يقول المؤرخ يوسابيوس (1) فى تاريخ الكنيسة تحت عنوان " فاليران والإضطهاد الذى حل بعهده " :
1 - وبعد أن حكم جالوس (2) وغيره من الحكام أقل من سنتين قوضت عروشهم , وتقلد زمام الأمبراطورية فاليريان مع أبنه جالينوس .
2 - أما الظروف التى رواها ديونيسيوس فنستطيع معرفتها من رسالته إلى هرمانوس (3) التى يقدم فيها الوصف التالى : وهذا ما أعلن إلى يوحنا أيضاً لأنه كما يقول : أعطى فمات يتكلم بعظائم وتجاديف , واعطى سلطاناً وأثنين وأربعين شهراً (4)
3 - والعجيب أن كلا هذين الأمرين حدثا فى عهد فالريان , وعندما نتأمل فى اخلاقة السابقة نزداد تعجباً , لأنه كان لطيفاً نحور رجال الرب , ومحباً لهم , إذ لم يعاملهم أحد من الأباطرة قبله بهذا اللطف وهذه الرقة , وحتى الذين قيل عنهم علانية بأنهم مسيحيون (5) لم يظهروا لهم مثل تلك المحبة والود والكرم التى أظهرها هو فى بداية حكمة لأن بيته بأكملة كان مليئاً بالأشخاص الأتقياء وكان كنيسة للرب .
4 - ولكن معلم ورئيس مجمع المجوس المصرى أقنعه بأن يغير خطته , وحضه على قتل وأضطهاد الأتقياء , لأنهم قاوموا وعطلوا التعاويذ القبيحة الدنسة , إذ كان ولا يزال هنالك أشخاص قادرون على نشر آراء الشياطين , وإغراء على ممارسة أعمال السحر والعرافة وتقديم الذبائح المرذولة وقتل أطفال لا حصر لهم , وذبح ذرية الآباء المساكين , وشق بطون الأطفال حديثى الولادة , وتشوية خليقة الرب أو تمزيقها أرباً , كأنهم بأمثال هذه التصرفات ينالون السعادة .
5 - ثم يضيف إلى هذه ما يلى : " وكانت عظيمة حقاً تقدمات الشكر (6) التى أتى بها مكريانوس لأجل الأمبراطورية التى كانت موضوع آماله وأحلامه , ويقال أنه كان سابقاً وزير خزانة الأمبراطور , ومع ذلك لم يفعل شيئاً يستحق المدح أو يعود بالخير العام , بل تم فيه القول النبوى :
6 - " ويل لمن يتنبأون من تلقاء ذواتهم دون مراعاة للصالح العام (7) لأنه لم يدرك أعمال العناية العامة , ولا نظر إلى دينونة من هو قبل الكل وفوق الكل , لذلك صار عدو للكنيسة العامة , وأبعد نفسه عن رحمة الرب , وهرب من خلاصة لأبعد حد وبهذا أظهر حقيقة أسمه (8)
7 - وبعد ذلك يقول أيضاً : " لأن فالريان إذ أغراه هذا الرجل على هذه الأعمال حلت به التعييرات والأهانات لما قاله أشعيا : " هم أختاروا طرقهم ومكرهاتهم التى سرت بها أنفسهم , فأنا أيضاً أختار ضلالاتهم , وخطاياهم أجلبها عليهم (9)
8 - : " على أن هذا الشخص (10) أشتهى الملك شهوة جنونية , وهو غير أهل له , وإذ لم يستطع وضع الثوب الملكى على جسده الكسيح قدم أبيه لحمل خطايا أبيهما (11) وقد حق عليهما التصريح الذى صرح به الرب : أفتقد ذنوي الآباء فى الأبناء فى الجيل الثالث والرابع من مبغضى (12)
9 - لأن الرب إذ كدس على رأسى أبية شهواته الردية التى نجح فيها جلب عليهما شره وبغضته لله " هذا ما رواه ديونيسيوس عن فالريان .
المـــــــراجع
(1) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب السابع الفصل العاشر (ك7 ف 10)
(2) حكم الأمبراطور الرومانى جالوس Gallus وأبنه فولوسيان Volusian من أواخر سنة 251 إلى منتصف سنة 253 م وحدث أن ثار عليه عدوه أميليان Aemilian وقلب الأمبراطورية عليه وأصبح أمبراطوراً ولكن سرعان ما قتل ثم جلس فالريان على كرسى الأمبراطورية الرومانية - وكان فالريان Valerian قائد الجيش لـ جالوس الأول
(3) إذا أردت المزيد راجع كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك 7 ف1)
(4) رؤ 13: 5
(5) أى من الأباطرة , ومما يذكر أنه كان فيلبس أول امبراطور سابق قيل عنه أنه مسيحى راجع كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك6 ف 34 )
(6) أى الأرواح النجسة ويعنى : أن ألرواح النجسة وعدته بالقوة فقد أظهر شكرة لها بإغراء الأمبراطور فالريان لأضطهاد المسيحيين .
(7) حز 13: 2 و3
(8) أسمه " مكريانوس " مشتق من " مكران " وتعنى بعيد
(9) أش 66 : 3 و 4
(10) أى مكريانوس
(11) يقرر ديونيسيوس راجع كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى ( ك 7 ف 23) وقد خدع مكريانوس فالريان فى الحرب , وقد سقط فالريان فى أيدى الفرس سنة 260 م - فقام الجند بمكريانوس أمبراطوراً وكان هذا الأمبراطور اعرج وكبيراً فى السن فأشرك معه أبنيه كيتوس ومكريانوس .
(12) خر 20 : 5