لقد خلق الله الانسان علي صورته ومثاله في البر وقداسة , الله كلي الحكمة فهو كائن عاقل عادل مفكر وهو أيضا محب حنون رحيم.. وهنا نتوقف عند كلمة التطرف وأيضا عند كلمة التوازن.
فالتطرف يعني التركيز علي اتجاه واحد سواء العقلانية المفرطة فنصير مجرد تروس في آلة المدنية الحديثة ونفقد انسانيتنا وتموت فينا مشاعرنا ومعها قلوبنا، وإما نغرق في طوفان المشاعر وخِدر العواطف فنفقد عقولنا وإرادتنا ونصير أسرى قبضة علي شكل يد مقبوضة تأخذنا الي عنان السماء نعانق النجوم ثم تسقطنا الي عمق أعماق الهاوية فنهوى حطام إنسان أو بقايا بشر. والتوازن هو الدرس الذي نظل طول عمرنا (وإن لم يكفى عمر واحد) لنتعلمه, فالتوازن بين العقل والقلب هو ما يجعل الإنسان متميزا متفردا عن أي كائن آخر وهو ما نقضى حياتنا حتي نستوعبه. والتوازن في الحب هو أشبه بالنار التي تذيب الثلج فهي ذات النار التي تحرق الجلد وتنشف البحار. المياه التي تحي الأرض وتروى العطش هي ذات الماء التى تغرق وتميت.
فِهمِنا لضرورة التوازن يأتى من فهمنا لطبيعة الله فهو محب ولكنه عادل وهو حَمَل لكنه أسد وهو رحيم لكنه ديان هو محامى لكنه قاضى. والتوازن يعنى أيضا فهمنا لذواتنا كبشر فنحن لسنا ملائكة ولسنا في ذات الوقت شياطين بل نحن حالة وسط نختار كل يوم وكل موقف أن نرتفع بأجنحة الملائكة أو أن نتهاوي بمكايد إبليس وعلينا أن نوازن بين نوازعنا ورغباتنا وأهوائنا وبين نسمة القدير والرغبة في الخلود والنزعة نحو الكمال التى هى مقاصد إلهية وهبنا الله إياها بالخليقة الجديدة والطبيعة الجديدة والحياة الجديدة بيسوع المسيح الإله الكامل والإنسان الكامل في طبيعتين إلهية وبشرية لكي نكون مشابهين صورة ابنه.