بضيقات كثيره ينبغى ان ندخل ملكوت الله .(اع 14 : 22 )
كي لا يتزعزع احد في هذه الضيقات فانكم انتم تعلمون اننا
و اضيق عليهم لكي يشعروا(ار 10 : 18)
-----------------------------
ترى ما الذى يجب أن يفعله الإنسان فترة اجتيازه بضيقة حتى تكون هذه الضيقة سببا فى تغيره حسب إرادةالله وتدبيرالروح القدس وحتى يستطيع هذا الإنسان أن يخرج منها بسلامة وفائدة ؟
أمور كثيرة يبنغى على الإنسان مراعاتها أثناء الضيقة ، سوف نتناولها تباعا فى صورة توجيهات روحية ، لا غنى عنها لمن يرغب فىالنجاح الروحي وحياة مقدسة كل حين ، وهى كالتالى :
+ لا تدع الضيقة تسلبك الإيمان بمحبة المسيح أو تفسد ذهنك عن كونه عادل ، لانه إن لم يسمح الرب لك بالتجربة سوف لا تسمو أفكارك وتتقدس مشاعرك ، بل وسيصبح كل كيانك فى إنشغال دائم عن ملكوت الله ، كما أن التجربة التى يقصد من خلالها الرب جذبك للإيمان هى شهادة قوية على محبته لك ورغبته العارمة فى خلاصك ودخولك المجد ولكن كثيرا ما نرفض هذه الحقيقة أثناء التجربة ونكذبها ..
+ لا تنظر إلى الذين هم فى راحة الآن وتظن أن محبةالله لهم أعظم من محبته لك ،لأنه مكتوب أنه " ليس عندالله محاباة "" (2: 11). ، .. كما أن هناك أمور كثيرة تبرر عيش هؤلاء فى ظل الراحة التى تراهم فيها الآن ، مثل : النهاية المؤسفة ، أى الأبدية التعيسة ، التى اختاروها لأنفسهم ،اجتيازهم فى القديم بتجارب كانت سببا فى عيشهم الآن فى راحة ومجد ورخاء ، عبادتهم النقية للرب كل حين ،ممارستهم الدائمة لأعمال الرحمة ، تعبهم فى الخفاء مناجل الرب...
+ الضيقة هى فرصة كل نفس بشرية للثبات فى الرب والتعبير عن محبتها له وإصرارها على تبعيته رغم كل الظروف والتحديات التى تعترض سبيلها نحو ذلك ، فإذاكانت حياتك مليئة بالضيقات فاعلم أن لديك فرصة عظيمة للثبات فى الرب والنمو فى النعمة ، وكلما زادت الضيقة زادت التعزية وفرصة النمو أكثر فأكثر فى الحكمة والقامة والنعمة عندالله والناس ، ومتى انعدم فينا الصبر فى الضيقات دل ذلك على قدر ما فى داخلنا من فساد وشر ولامبالاة بعمل المسيح و ميراث ملكوت السموات ..
+ الإنسان الذى يظن أن الضيقة سببا فى تعطيل نموه الروحي إنسان مخدوع من الشياطين ، والإنسان الذى لا يستفيد من الضيقة استفادة مغيره لحياته وأفكاره إنسان لا يبالى بخطة الروح لخلاصة ، والإنسان الذى لا يأخذ من ثمار الروح أثناء الضيقة إنسان لم ينجح فى التعامل معها ، والإنسان الذى لا يفهم قصدالله من وراء الضيقة التى سمح لها بها ويرفض أخذ المشورة لمعرفة ذلك القصد إنسان لا ينجو من عاقبة الذين يسلكون فى الحياة بجهل وحماقة وانحراف ..
+ زمن الضيقة هو زمن امتحان الإيمان وصبر المؤمنين ، والذى لا يعرف كيف يثبت فى الله وقت الضيقة ويتجاهل ذلك يمضى زمانه فى الحزن والتعب بلا طائل أو ثمر ، أما النفس التى تهتم وقت الضيقة كيف ترتقى فى معرفةالله وتثبت فى النعمة فهى التى تنال من روح النعمة والمثابرة والقدرة على الاستمرار فى طريق الجلجثة وإنكار الذات ، ولكن ما أكثرالذين يفشلون وقت الضيقة ويتركون نعمتهم لأنهم يراعون آباطيل كاذبة تعطل عمل النعمة ومليء الحياة بمجد الروح وبركاته .
+ الضيقات ليست محاولة من الله لسلب سعادة الإنسان و حرمانه من العيش فى ظل الفرح والسلام والرجاء ، ولكنها الوسيلة التى يري فيها الله الكفاية والقدرة على جذب الإنسان نحو الصلاح والحق واليقين .. ولو كانت الضيقات هى الوسيلة التى تسلب الإنسان سعادته لما كانت هى نفسها وسيلة الروح القدس لتحرير الإنسان وتنقيته فى الوقت الذى فيه يسعى هذاالروح لملء الإنسان من السعادة والفرح والسلام والرجاء ..
+ مسكينة هى النفس التى لم تتعلمبعد كيف يجب أن تلتصق بالرب وقت الضيقة وتعرف قدر عنايته بها وغيرته عليها، إن الرب يتأسف فى قلبه كل حين علىالذين يجربون ويبتعدون وعلى الذين ظنوا أن زمن الضيقة هو زمن انتهاء رضاء الرب ورحمته .. كثيرا ما ينخدع الضعفاء بمثل هذه الأفكار وبدلا أن تكون الضيقة سببا فى جذبهم للرب تقودهم هذه الأفكار المضلة للابتعاد عنالرب ، وربما للإنكار والجحود و الهرطقة .
+ قال أحدهم أن الضيقات هى مصنع رجال الله ، وهذا قول لا شك فيه إذ أنه لا يمكن لأحد أن يصير بطلا فى الإيمان بدون الضيقات ولا يمكن أن يتحرر الإنسان من الميول الباطلة والتمسك بالزمنيات و عبودية الفساد إلا بالضيقات ، ولا يمكن لإنسان أن يكون آهلا لخدمة الرب بدون الضيقات ، ولا يمكن يزداد ثمر تعبنا من أجل الرب إلا بالضيقات ولا يستحق أحد دخول ملكوت الله إلا بالضيقات ،
+ هناك اعتبارات هامة ومعزية فى الكتاب المقدس لكل نفس تجتاز بضيقة لا يمكن إنكارها لأنها حقيقة وتكفلها كلمة الرب ، بيد أن تجاهل هذه الاعتبارات كثيرا مايكون سببا فى فقدان الإنسان لسلامه وما سوف تتبارك به حياته من عطايا وبركات، وربما يكون هذا التجاهل سببا فىفقدانه للإكليل وأن تلحق به التعاسة الابدية ، لذا فالحكمة ترشدنا دائما إلى التأمل فى وعودالرب والبحث عن المشورة الروحية الصائبة القادرة أن تقودنا فى طرق النجاة ودرب الملكوت .
+ إن سرالحياة المنتصرة والمتهللة كل حين ليس هو نجاحها كل حين فى الهروب من الضيقة والقدرة على تجنب المخاطر ، إنما فى مواجهة الصعاب والتجارب ، لأن الهروب من الضيقة علامة على ضعف النفس وخلوها من الإيمان والتقوى ، أما المواجهة فهى علامة الشجاعة والإيمان والاتكال على الرب .
+ أحد أهم أسباب عدم استفادتنا من التجارب هو عدم انتباهنا لوجود الرب معنا فى التجربة وعنايته بنا كل حين ، فكلما زاد انتباهنا لعمل الرب و تعزياته ومساندته لنا فى الضيقة كلما ساعدنا ذلك على الخروج منها بفائدة وتجديد وانتصار ، وكلما زاد انشغالنا بالضيقة وما تحدثه فى داخلنامن حزن وحرمان كلما ساهم ذلك فى إبعادنا عن النصرة التى يرجوها لنا الروح والتى يشفع من أجل أن نحظى بها بآنات دائمة و لا ينطق بها .
+ إن السلامة فى الضيقات مشروطة بالعيش فى ظل تبعية المسيح كل حين ورغم كلآلم ، أما الذين ارتضوا لأنفسهم الحياة حسب أفكارهم ومبادئهم ، سيما وقت الضيقة والألم ، فهؤلاء هم الذين تباعدت عنهم رحمة الله ومواعيده ، لانه لا يكون آهلا لرحمةالله من فضل تعزيات العالم وفكر الغرباء ورفض تعزيات السماء وتدبير العناية الإلهية ، ولا يحظى بمواعيدالله إلا الذين أطاعوا الوصية المقدسة و احتملوا الألم بكل شكر وصبر وإيمان .
+ لا يمكن فصل النصرة فى الضيقة عن الصلاة كل حين ، فكلما وجدت فينا الضيقة الميل من كل القلب والفكر والإرادة للصلاة كل حين والعيش فى حضرةالرب باستمرار كلما ضعفت قوتها وقل انشغالنا بها والطلب من أجل مفارقتها لحياتنا .. إن الضيقة مقرره لنا لكى نقترب من خلالها للرب ، فإذا لم ننجح فى ذلك تضاعفت علينا إلى الحد الذى معه نفهم قصد الله ونقترب إليه فتسمو حياتنا ويزداد مجدالرب فيها وانتصارنا على مملكة الشر .
+ الذى يريد النصرة فى الضيقة يحظى بها والذى يرفض الضيقة تتباعد عنه النصرة ، لان الذى يريد الانتصار فىالضيقة يسعى فى طريق إتمام المشيئة الإلهية ، ومن ثم فهو قريب من مؤازرة الروح وعنايته ، وبالتالى فهو قريب من النصرة ، أما الذى يرفض الضيقة فلا يكون آهلا لرحمة الله ، من ثم لا يستحق بركات الروح التى تساعد جدا على بلوغ المرام فى حياة الانتصار .
+ الضيقة تحرر الإنسان من كل شر وفساد وكبرياء ، الضيقة وسيلة مباركة تمنح الإنسان مزيدا من السلام والبركة والاحتمال ، الضيقة فرصة مباركة نرى فيها مجد عنايةالله ومحبته وصدق وعوده المباركة ، الضيقة تهب الإنسان الشجاعة والمثابرة والرجاء ، الضيقة تساعد الإنسان على الحياة فى استعداد و اتضاع وهدوء، الضيقة تبعث فى الإنسان اليقين بأهمية تسليم الحياة للمسيح وقبول مشيئته كل حين ، الضيقة فرصة للنمو فى الحكمة و القامة و النعمة عندالله و الناس ، الضيقة تنقذ الإنسان من الكثير والكثير من المصائب والأهوال التى من الممكن ان يقع فيها نتيجة عيشه فى اللذة والرفاهية والرخاء .
+ الضيقة تستطيع أن تخلق فينا الميول المباركة نحو خدمة المسيح وملكوت الله وطاعة الروح القدس ،وهذه هى مسرة الثالوث القدوس أن نخدمه ونتبعه ونخضع له كل حين ، ومتى صارت حياتنا مقدسه للرب ضعفت كل قوة و سلطان للضيقات التى تأتى على حياتناوتحولت كل أوقات آلام الضيقة إلى أوقات عزاء وسلام ، بل فرح وتسبيح للرب .. لك القرار والمصير .