
12 - 11 - 2025, 05:57 PM
|
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|

عَلَى صَعِيدِ ذِكْرَى مُوتَانَا الْمُؤْمِنِينَ
بَدَأَ الاِحْتِفَالُ بِيَوْمِ ذِكْرَى جَمِيعِ الْمَوْتَى الْمُؤْمِنِينَ عامَ ٩٩٨، وَعَمَّمَهُ الْبَابا بُونِيفَاسِيُوس فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ عَشَرَ، كَيْ تُقَدِّمَ الْكَنِيسَةُ الصَّلَوَاتِ وَالْقَرَابِينَ مِنْ أَجْلِ رَاحَةِ نُفُوسِهِم، كَمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ: "فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجُ الَّذِينَ يَمُوتُونَ قِيَامَتًا، لَكَانَتْ صَلَاتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَوْتَى عَبَثًا" (2 مكابيين 12: 44). وَهُوَ يَوْمٌ تَتَذَكَّرُ فِيهِ الْكَنِيسَةُ جَمِيعَ أَحِبَّائِنَا وَأَصْدِقَائِنَا الَّذِينَ رَحَلُوا عَنْ هٰذَا الْعَالَمِ.
إِنَّنَا فِي هٰذَا الْيَوْمِ، يَخْتَرِقُ فِكْرُنَا وَحُبُّنَا عَتَبَةَ الْمَوْتِ لِلْبَحْثِ عَنْ أُولٰئِكَ الَّذِينَ سَبَقُونَا إِلَى مَا وَرَاءَ هٰذِهِ الْحَيَاةِ مِنْ إِخْوَتِنَا وَأَهْلِنَا وَأَقَارِبِنَا وَأَصْدِقَائِنَا وَأَحِبَّائِنَا. إِنَّهُ يَوْمٌ يَهُمُّ كُلَّ إِنْسَانٍ أَحَبَّ الَّذِينَ أَحَبُّوهُ فَسَبَقُوهُ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّة. وَهُوَ أَيْضًا يَوْمٌ يَهُمُّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَعِيشُ فِي هٰذِهِ الدُّنْيَا وَيَعْلَمُ أَنَّ لَهُ يَوْمًا آخَرَ – يَوْمًا نِهَائِيًّا. إِنَّهُ يَوْمٌ يُذَكِّرُنَا بِالْمَصِيرِ.
فَلْنُحَاوِلْ فِي هٰذَا الْيَوْمِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى الْمَوْتِ بِنَظْرَةِ الإِيمَان، بِرُؤْيَةِ اللهِ وَتَعَالِيمِهِ: إِنَّ الإِنْسَانَ الْمُؤْمِنَ لا يَفْنَى بِالْمَوْتِ، بَلْ إِنَّ حَيَاتَهُ تَسْتَمِرُّ بِالْقِيَامَةِ. َالْحَيَاةُ أَقْوَى مِنَ الْمَوْتِ؛ هٰذَا هُوَ إِيمَانُنَا بِقُوَّةِ الرَّبِّ الَّذِي تَجَسَّدَ وَقَامَ مِنَ الْمَوْتِ وَغَلَبَ الْمَوْتَ بِمَوْتِهِ.
فَلَوْ لَمْ يَمُتِ الْمَسِيحُ وَيَنْزِلْ إِلَى أَعْمَاقِ الْجَحِيمِ لِيُحَطِّمَ أَبْوَابَهُ بِقِيَامَتِهِ الْمَجِيدَة، لَمَا كَانَ لِذِكْرَى مُوتَانَا الْمُؤْمِنِينَ مَعْنًى وَلَا رَجَاء. وَفِي هٰذَا الصَّدَدِ يَقُولُ الرَّسُولُ يُوحَنَّا:"أَيُّهَا الأَحِبَّاء، نَحْنُ مُنْذُ الآنَ أَبْنَاءُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَا سَنَصِيرُ إِلَيْهِ. لٰكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّنَا نُصْبِحُ عِنْدَ ظُهُورِهِ أَشْبَاهَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (1 يوحَنَّا 3: 2).
إِنَّ رُؤْيَةَ اللهِ مُسْتَحِيلَةٌ فِي هٰذِهِ الدُّنْيَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمَوْتِ لِنَرَاهُ تَعَالَى. هٰذَا هُوَ سِرُّ الْمَوْتِ. فِي ضَوْءِ إِيمَانِنَا الْمَسِيحِيِّ، لَسْنَا أَمَامَ هَاوِيَةٍ، بَلْ أَمَامَ حَيَاةٍ جَدِيدَةٍ سَبَقَنَا إِلَيْهَا مُوَاتُنَا، هُنَاكَ يَمْلُكُ اللهُ. فَاللهُ لَمْ يُعْطِنَا الْحَيَاةَ لِيَنْزِعَهَا مِنَّا، بَلْ لِيُحَوِّلَهَا إِلَى صُورَةٍ أَفْضَلَ. وَقَدْ وَصَفَتِ الْقِدِّيسَةُ تِرِيزَا الطِّفْلِ يُسُوع مَوْتَهَا قَائِلَةً: "لَا أَمُوتُ، بَلْ أَدْخُلُ الْحَيَاةَ، وَأُرَنِّمُ بِمَرَاحِمِ الرَّبِّ".
فَذِكْرَى مُوتَانَا، إِذًا، لَا تَقِفُ عِنْدَ مَا كَانُوا، بَلْ عِنْدَ مَا سَوْفَ يَكُونُونَ: هُمْ وَرَثَةُ الْمَلَكُوت. وَعَلَيْنَا، بِوَاجِبِ الرَّحْمَةِ وَعِرْفَانِ الْجَمِيلِ وَالْعَدْلِ، أَنْ نَرْفَعَ الصَّلَوَاتِ، وَنُقَدِّمَ الْقُدَّاسَاتِ، وَنَعْمَلَ الْحَسَنَاتِ عَنْ نُفُوسِهِم، لِأَنَّهُمْ إِخْوَتُنَا فِي الْمَسِيح، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مِنْ أَقَارِبِنَا وَالْمُحْسِنِينَ إِلَيْنَا.
وَعَلَيْنَا أَيْضًا أَنْ نَذْكُرَهُمْ بِنُورِ اللهِ، وَأَنْ نَحْمِلَهُمْ فِي تَجْرِبَتِنَا الْيَوْمِيَّةِ الإِنْسَانِيَّةِ وَالْمَسِيحِيَّة. فَلَا يَكْفِي أَنْ نُقَدِّمَ قُدَّاسًا وَنُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِم، بَلْ يَجِبُ أَنْ نُحَقِّقَ فِي حَيَاتِنَا ذٰلِكَ الإِيمَانَ الْمَسِيحِيَّ الَّذِي عَاشُوهُ، وَأَنْ نَتْبَعَ الشَّهَادَةَ الَّتِي تَرَكُوهَا لَنَا فِي الإِنْجِيلِ وَفِي أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَة.
الرَّاحَةَ الأَبَدِيَّةَ أَعْطِهِمْ يَا رَبُّ وَلْيُضِئْ لَهُمُ النُّورُ الدَّائِمُ.
|