![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() هل يرجع سفر أيوب للتراث العربي؟ 1- لا أحد من الدارسين المدقّقين ينكر أن أيوب لم يكن يهوديًا من نسل إبراهيم، ومع هذا فأنه كان يؤمن بالإله الواحد خالق كل شيء وضابط الكل، ومن البديهي أن العرب حينذاك لم يصلوا إلى الوحدانية، ومن الأدلة التي اعتمد عليها النُقَّاد في ادعائهم بأن أصل السفر من التراث العربي: أ- كلمة " شيطان " التي جاء ذكرها في السفر، ذُكرت في مواضع أخرى من العهد القديم (مز 109: 6؛ زك 3: 1-2؛ مت 4: 10؛ 16: 23؛ إلخ.). إذًا استخدام كلمة " شيطان " لا تعني أن السفر يرجع للتراث العربي. ب- أرض عوص، وبحسب قول الناقد نفسه أنها تقع شمال الجزيرة العربية. إذًا هي لا تقع في الجزيرة العربية حيث يعيش العرب، ولنا عودة لهذا الأمر ثانية. جـ- يقولون أن أصدقاء أيوب عرب لأن أسمائهم عربية، وهذا غير حقيقي لأنهم من نسل إبراهيم وتارح أبيه كما سنرى نسبهم فيما بعد. د- قال الناقد أن اليهود لم يستخدموا الجِمال بل حرَّموا لحومها، وإن كانت شريعة موسى قد حرَّمت أكل لحوم الجِمال، لكنها قبل الشريعة لم تكن مُحرَّمة، وقد استخدمها الآباء في تنقلاتهم، وهذا واضح من قصة سفر لعازر الدمشقي إلى آرام النهرين ليخطب زوجة لإسحق فقد استخدم الجِمال (تك 24: 14، 19، 31، 32، 63) وكانت الجِمال من ممتلكات أبينا يعقوب (تك 30: 43) وأيضًا في عودة يعقوب من عند خاله لابان كانت راحيل تجلس على ظهر جَمَل (تك 31: 34) وحتى بعد شريعة موسى لم يكف اليهود عن استخدام الجِمال، فكانت من ضمن ممتلكات داود الملك (127: 30). هـ- يقول الناقد أن المنافسة بين الله والشيطان في سفر أيوب تُعدّ صدى للإيمان الفارسي بالثنائية إله الخير وإله الشر، والحقيقة أن السفر يوضح الحقيقة بجلاء أن الله هو مالك الكون والمُسيطر على كافة الأمور، وليس للشيطان مُطلق الحرية في التصرُّف، إنما كل تصرُّفاته داخل دائرة الضبط الإلهي، ولو افترضنا جدلًا (وهذا غير حقيقي) أن السفر مرتبط بعقيدة فارسية، فهل هذا يعني أن السفر يرجع إلى تراث عربي؟! ومتى كان الفرس من العرب؟!! 2- لم يكن " بنيامين جرين " و"فولتير " هما فقط اللذان قالا بأن أصل السفر عربي، بل سبقهما في هذا "إبرآهام بن عزرا " كما قال بنفس الرأي "جان جاك روسو"، ويقول " فرنسيس أندرسون": "من الصعب أن نصدق أن كتابًا إسرائيليًا في الجوهر، ووفقًا لتقليد الحكمة الكتابية قد أُنتج في مكان آخر غير الوطن الإسرائيلي وباللغة العبرية"(7). 3- لم يرد في الشعر العربي الجاهلي أن نوع من قصائد الشعر تشابه قصة أيوب، ولو كان أيوب عربيًا لتناول شعراء العرب قصته بالشعر، وتغنوا ببطولته وصبره، ولكن هذا لم يحدث، ويشهد " أحمد سوسة " في كتابه " العرب واليهود والتاريخ " جـ8 ص 373 أنه تم العثور ضمن مخطوطات قمران على نسخة من سفر أيوب باللغة الآرامية، بينما لم يتم العثور على أي مخطوط قديم باللغة العربية لهذا السفر، ويقول " د. أسدرستم": "وقد وُجِد سفر أيوب في نسختين إحداهما بالخط المربع المتأخر، والأخرى بالخط العبري القديم. وإذا كانت النسخ الأمهات قد كُتبت بهذا الخط فإنه سيسهل عندئذ حل بعض مشاكل النص المسوَّر"(8). 4- لم يكن أيوب عربيًا، والدليل الذي ذكره " عبد المجيد همو " مردود عليه من ذاته، حيث قال أن الدليل على أن أيوب كان عربيًا أن اسمه ورد في القرآن ضمن 25 من الرُّسل، وانتهى بنتيجة أنه ما دام اسم أيوب ورد في القرآن ضمن الرُّسل والأنبياء إذًا لا بد أن يكون عربيًا، فما رأيه في بقية الآباء والأنبياء الذين وردت أسمائهم في القرآن مثل نوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وإيليا ويونان والسيد المسيح..؟ هل جميع هؤلاء كانوا مُسلِمين بدليل أن أسمائهم وردت في القرآن؟! وكيف يتفق هذا مع قول القرآن: "ولَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ" (سورة الجاثية 45: 16)... " وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ" (العنكبوت 29: 27)؟! فالنبوءة حُصرت في نَسل يعقوب بن إسحق أي في اليهود، وليس في نسل إسماعيل أبو العرب. 5- لقد كُتب أصل السفر باللغة العبرية واستخدام قواعد نحو صعبة، حتى أن بعض العبارات ظهرت وكأنها غير مترابطة مما دفع المُترجمون إلى محاولة الوصول إلى صيغة سهلة مُستساغة، ويقول " فرانسيس أندرسون": "نجد التعبيرات فيها توتر وقواعد النحو صعبة لدرجة عدم الترابط، وقد ضيع المُترجمون تأثير هذه الصيغ بمحاولة جعلها سهلة مستساغة، تلك الملامح التي تبدو كصعوبات أمام الباحث، تحتفظ بالمؤثرات المقصودة للكاتب ولا يصح أن يوجه لها اللوم على أنها السبب في ضعف النص. في السطور الأولى من القصيدة نواجه صعوبات جمة كالتي ذكرناها فالعبارات المتوازية شعريًا ليست متقابلة، فكلمة يوم غير مُعرَّفة في الأصل، ولكن أضاف إليها المُترجمون أداة التعريف لتتقابل مع الليل وهي معرَّفة، والأفعال متغيرة الصيغ، ومعظم المشاكل التي من هذا النوع يمكن حلها دون تعديل النص"(9). ويقول " ستيفن م. ميلر وروبرت ف. هوبر " أن القديس جيروم في ترجمته لسفر أيوب رأى أن هذا السفر يميل للغموض، فقال: "أن السفر كله يتميز بالغموض وعدم الوضوح حتى في العبرية وكما يقول الخطباء في اليونانية أنه مزخرف العبارات، فبينما يقول شيئًا فأنه يفعل شيئًا آخر كأنك تقبض على الهواء أو على سمكة زلقة، كلما ضغطت قبضتك تسلك منها"(10). وجاء في مقدمة السفر في " الكتاب المُقدَّس الدراسي": "تصعب ترجمة أيوب في العديد من الأماكن بسبب احتوائه على العديد من الكلمات غير المألوفة بسبب أسلوبه الأدبي، وهو السبب الذي جعل الترجمات الحديثة لهذا السفر تختلف بشكل كبير في بعض الأحيان. وحتى الذين ترجموا كتاب أيوب قبل المسيحية إلى اللغة اليونانية (الترجمة السبعينية) وغيرهم يبدو أنهم تعرضوا للحيرة كثيرًا في أثناء الترجمة. ونظرًا لصعوبة اللغة المكتوب بها كتاب أيوب وجد القائمون بالترجمة السبعينية حيرة في بعض الأمور. كما واجه مترجموا الترجمة السريانية (البشيتا Peshitta) والأرامية (الترجوم Targum) واللاتينية (الفولجاتا Vulgata) نفس الصعوبات تقريبًا"(11). فالصعوبات التي بالسفر تعكس لنا مدى أمانة المُترجمين، ومع تقدم الاكتشافات والدراسات صار السفر واضحًا لدرجة كبيرة، ولا سيما أن السفر يُعتبر دائرة معارف مصغَّرة، فيقول " فرنسيس أندرسون": "فالصعوبات التي تواجهنا هي دليل على أمانة الكتبة اليهود الذين فضلوا أن ينسخوا نصًا غامضًا بكل احترام على أن يحاولوا إيضاح النص بالقيام بمحاولة تعديله، وفي هذا الصدد كانوا أكثر تواضعًا وأكثر علمًا من النُقَّاد العصريين. في بداية النقد الذي وصل ذروته في مطلع القرن الحالي (العشرين) كان الدارسون يسرعون إلى الاستنتاج بأن النص الذي لا يستطيعون فهمه لا بد أن يكون محرَّفًا فيقومون بتصحيحه... والاكتشافات العديدة وبخاصة تلك المبنية على علم الحفريات تمكننا الآن من فهم النص كما هو، فالكثير من التعديلات المقترحة لجيل سابق من الدارسين يجب تركها الآن كشيء لا ضرورة له. ومع ذلك وبالرغم من التقدُّم الهائل الذي أحرزه الإنسان فكثير من النصوص في سفر أيوب تمثل مشكلة مستعصية على الفهم. وهذه النصوص يجب أن تخضع لكل أجهزة العلم المعاصر: كآخر ما وصل إليه التقدم في تحليل هجاء الكلمات في العبرية القديمة ومعاني الكلمات النادرة (وهي متوفرة في سفر أيوب) والتراكيب النحوية وأشكال الشعر العبري وكل أنواع الأدب الموجود في إطار هذا السفر. إن سفر أيوب دائرة معارف صغيرة للحياة قديمًا في الشرق الأدنى ولذا فإن بناءه الثقافي، وخلفيته الاجتماعية تسهمان في تفسير الكثير من النصوص" |
![]() |
|
| قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
| الموضوع |
| متحف الشارقة للتراث |
| اللى عايز يرجع لربنا يرجع |
| عندما يصبح للتراب اسماً .. |
| لا تكن واعي للتراب |
| مناجاه للتراب |