![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المغامرة لا تحتاج إلى شباب بل إلى روح لا تعرف الانكسار كان البحر بالنسبـة لألكسندر دويا أكثر من مجرد مساحة زرقاء لا تنتهي، كان نداءً… اختبارًا لإرادة الإنسان أمام اللامستحيل. وُلد هذا المستكشف البولندي عام 1946، ولم يبدأ مغامراته الكبرى إلا بعدما تجاوز الستين، في وقتٍ يتقاعد فيه معظم الناس عن العمل، قرّر هو أن يبدأ أعظم فصول حياته. في عام 2010، جلس داخل قاربه الصغير، مجرد كاياك طوله سبعة أمتار لا أكثر، بلا محرك، بلا طاقم، بلا أي دعم سوى ذراعيه وقلبه. انطلق من سواحل السنغال متجهًا نحو البرازيل، يعبر أكثر من 5400 كيلومتر من المحيط الأطلسي بجهده الشخصي فقط. واجه عواصف هوجاء وأمواجًا بحجم المباني، وانقلب قاربه مرارًا، لكن دويا كان ينهض في كل مرة، يمسح وجهه من الملح، ويبتسم للبحر وكأنه يقول: "لن تربحني هذه المرة." بعد أكثر من 99 يومًا من العزلة والمخاطر، وصل إلى البرازيل منهكًا، نحيلًا، لكنه حيّ… والأهم: منتصرًا. ومن يومها صار رمزًا للصلابة والعزيمة، فعاد ليعبر الأطلسي مرة ثانية عام 2013، ثم مرة ثالثة عام 2017، وهو في السبعين من عمره. تخيل… سبعون عامًا، ورجل يقضي شهورًا في قارب صغير وسط المحيط، ينام بين الموج، ويأكل طعامًا مجففًا، ويشرب من مياه الأمطار، ويستيقظ على صمت البحر اللامتناهي. في إحدى رحلاته، تعطّل جهاز الاتصال، فقضى 47 يومًا بلا تواصل مع العالم. لم يعرف أحد إن كان حيًا أم غارقًا، لكنه كان هناك، يقا*تل البحر بصبره وإيمانه بنفسه، حتى ظهر فجأة من بين الأمواج كمن عاد من الموت. أما نهايته… فكانت بنفس الروح التي عاش بها. في عام 2021، قرر تسلّق جبل كيلمنجارو، أعلى قمم إفريقيا. وعندما وصل إلى القمة، ابتسم وقال لرفاقه: "دعوني أستريح قليلاً قبل الصورة." جلس على صخرة، أغمض عينيه، ولم يستيقظ بعدها أبدًا. وكأن البحر الذي أحبه والسماء التي تحدّاها، قررا معًا أن تكون راحته الأخيرة على قمة العالم. عاش ألكسندر دويا ليُثبت أن المغامرة لا تحتاج إلى شباب بل إلى روح لا تعرف الانكسار. كان مثالًا حيًّا على أن العمر ليس ما يُقاس بالسنوات، بل بكمّ الأحلام التي ما زلت تجرؤ على ملاحقتها. |
![]() |
|