"وجده في أرض قفر، وفي خلاء مستوحش خرب. أحاط به ولاحظه وصانه كحدقة عينه" [10].
ماذا يقصد بقوله وجده في أرض قفر سوى أنها أرض مصر التي كانت مع كل خيراتها تحسب أرض قفر، لأن الشعب كان تحت السخرية، ساقطًا في العبودية تحت يد فرعون القاسية. وربما يقصد البرية التي خرجوا إليها من مصر في طريقهم إلى أرض كنعان. كانوا في برية موحشة خربة، لكن الله أحاط بهم كمظلة يحتمون تحتها. فقد صار كسحابة تظللهم نهارًا، وكعمود نور يقودهم ليلًا. وكما يقول إستفانوس رئيس الشمامسة عن موسى النبي: "هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلمه في البرية ورعاهم وعلمهم".
لقد سمح ببقائهم في البرية طوال هذه المدة لكي يعزلهم عن العالم فينسون كل ما تعلموه من رجاسات وثنية في مصر، ولكي يصير الرب نورًا لهم ومظلة تحميهم، يقدم لهم طعامًا من السماء وشرابًا من الصخرة، ولا يحتاجون إلى ملابس ولا أحذية ولا أدوية، فيكون الله وحده هو شبعهم.
يقول المرتل: "وهداهم طريقًا مستقيمًا ليذهبوا إلى مدينة سكن" (مز 107: 7). دائمًا يقودنا الرب في الطريق المستقيم حتى وإن بدا أنه تيه في البرية نسير كما في دائرة مغلقة. لقد علمنا كيف نهتم بالرعاية الهادئة الطويلة للأجيال القادمة كما رَعَى شعبه أربعين عامًا في البرية.