أشعر بالضيق الشديد بسبب ما أراه حولي وسط هذا العالم الغريب الذي يمتلئ كل يوم وفي كل مكان بالمعاناة المتزايدة، فأنا لا أرى سوى الظلم والقهر والصراع والعنف والقتل، وكذلك الأمراض والمجاعات والموت. أضف إلى هذا الفوضى التي عمَّت في كل مكان وأدت إلى السرقة والنهب والخطف، والنتيجة هي الحزن والدموع والاكتئاب. وأشعر أن الأمور متزايدة ولا نهاية لها، حتى أنني أتمنى لو لم أكن قد خُلقت وجئت إلى العالم
بسبب كثرة المخاوف المحيطة بي، ولماذا أعيش وسط هذا العالم المزعج؟
ج1: أنت على حق فيما تشعر به. فالحياة أصبحت مزعجة ومخيفة. بل إن البيوت نفسها مهددة من الداخل بالمشاكل المرعبة، والخيانة الزوجية وتمرد الأولاد على والديهم. هذا بالإضافة إلى مشكلة الإدمان التي أصبحت كارثة على البيوت وتهدد العالم كله. لكني أريدك أن تعلم أن هذا ما فعلته الخطية في الإنسان. فكل ما تراه من مظاهر المعاناة له سبب واحد هو الخطية. وأرجو أن تلاحظ أن ما تشتكي منه هو جانب واحد من مظاهر الخطية، وهو الجانب المؤلم غير المحبب، والذي يشتكي منه غالبية البشر. لكن هناك جانب آخر يُسمى الجانب الممتع للخطية، هناك خطايا يُسَرُّ الإنسان بأن يفعلها ويستمتع بها، والكتاب نفسه يسميها: «تمتع وقتي بالخطية» (عب 25:11). ونادرًا ما يشتكي منها أحد، بل الإنسان يسعى إليها ولو منع منها يشعر أنه محروم. وهي الخطايا الأكثر ارتكابًا. وهذه الصورة موجودة في البلاد المتقدمة، وهو أحد الأسباب التي تجذب الشباب إلى هذه الدول بالإضافة إلى هروبهم من المعاناة التي ذكرتها والتي نراها حولنا. لذلك يصف لنا الكتاب صورة متكاملة للخطايا في أيامنا الحالية، وهي ما يُميِّز الأيام الأخيرة بالقول: «وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، 2 لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، 3 بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، 4 خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ» (2تي3
:1-4). فتوجد الشراسة وعدم الحنو، لكن أيضًا يوجد الدنس ومحبة اللذَّات.