استخدام الموازين والكيل الحق يشير إلى روح التمييز الداخلي،
فلا يزن الإنسان لنفسه بميزانٍ ولغيره بميزانٍ آخر،
وكما يقول الأب ثيوناسفي مناظرات القديس يوحنا كاسيان:
[فإذ يسكن في ضميرنا قاضٍ عادلٍ غير مرتشٍ، فإنَّه حتى إن أخطأ الكل لكن نقاوتنا الداخليَّة لن تنخدع قط. وهكذا يلزمنا أن نحتفظ بهدوء دائم في قلبنا المتيقِّظ بكل اجتهاد واهتمام، حتى لا يضل حُكم إفرازنا، فننشغل بمجرَّد صوم مملوء حماقة (أي مفرط) أو بتلذُّذ باسترخاء زائد. وهكذا نثقِّل قوَّتنا في ميزان غير سليم. إنَّما يجب علينا أن نضع نقاوة نفوسنا في كفَّة وقوَّتنا الجسميَّة في كفَّة أخرى، ونزنهما بحكم ضميرنا العادل، حتى لا نميل منحرفين إلى كفَّة على حساب الأخرى، أي إلى حزم غير لائق أو استرخاء بتفريط.
إذن ليس بغير سبب يوبِّخ الرب من يخدع نفسه باعتبارات غير صحيحة فيقول: "إنَّما باطل بنو آدم. كذب بنو البشر. في الموازين هم إلى فوق" (مز 62: 9). لهذا يوصينا الرسول المبارك أن نقبض بزمام الإفراز ولا ننحرف إلى المغالاة في أي الطريقين (رو 12: 3). ويمنع واهب الشريعة نفس الأمر قائلًا: "لا ترتكبوا جورًا في القضاءِ لا في القياس ولا في الوزن ولا في الكيل" (لا 19: 35).
إذن يجدر بنا ألاَّ تكون في قلوبنا موازين ظالمة، ولا موازين مزدوجة في مخزن ضميرنا، بمعنى أنَّه يجب علينا ألاَّ نحطِّم من يلزمنا أن نكرز لهم بكلمة الرب، بشرائع حازمة مغالى فيها أثقل ممَّا نحتملها نحن، بينما نعطي لأنفسنا الحريَّة ونخفِّف منها... لأنَّه إن كنا نزن لإخوتنا بطريقة ولأنفسنا بأخرى يلومنا الرب بأن موازيننا غير عادلة ومقاييسنا مزدوجة، وذلك كقول سليمان بأن الوزن المزدوج هو مكرهة عند الرب والميزان الغاش غير صالح في عينيه (راجع أم 20: 10)].