في عام 2005، شهدت غابة كلوكانوج في شمال ويلز حا*دثة مثيرة للغموض والحيرة. فقد عُثر على بقايا إنسانية في مكان ناءٍ داخل الغابة، لتكشف التحقيقات لاحقاً أنّها تعود إلى الفنان البريطاني ريتشارد سمنر، الذي كان قد اختفى قبل ثلاث سنوات كاملة في ظروف غامضة.
ريتشارد، البالغ من العمر سبعة وأربعين عاماً وقت اختفائه، لم يكن شخصاً عادياً؛ فقد عُرف في الأوساط الفنية بموهبته الكبيرة في تصميم المناظر المسرحية للأوبرا، وكان قد عمل في إنتاجات مرموقة. غير أنّ حياته لم تخلُ من المعاناة؛ إذ كان يعاني منذ عام 1984 من اضط*راب نفسي حاد أثّر عليه بعمق، وأدخله في صرا*ع داخلي طويل بين إبداعه الفني وبين عزلته ومعا*ناته.
الأدلة التي وُجدت في موقع الحادثة أظهرت أن ريتشارد دخل الغابة بمفرده، وربط نفسه إلى شجرة باستخدام أصفاد معدنية و مى المفتاح بعيداً. لكن ما جعل القضية أكثر غموضاً أنّ الآثار على الشجرة أوحت بأنّه ندم وحاول التحرر لاحقاً، وكأنه غيّر رأيه في اللحظة الأخيرة، إلا أنه لم يتمكن من النجاة. هذا التفصيل أضفى على القصة طابعاً مأ*ساوياً، إذ لم يُعرف ما إذا كان قراره في البداية نهائياً أم أنّه تراجع بعد أن فات الأوان.
الطبيب الشرعي الذي فحص الحالة أوضح أنّ وفاة ريتشارد لم تكن فورية، وأنه ربما ظل على قيد الحياة لعدة أيام وهو يحاول الصمود، قبل أن يستسلم للإرهاق والظروف القاسية في عمق الغابة. ومع ذلك، لم يتمكن من تحديد السبب النهائي بدقة، ليُسجَّل الحكم على وفاته بـ "حكم مفتوح"، أي دون استنتاج قاطع.
عائلته، وخاصة شقيقته، أكدت أنّ ريتشارد كان يعيش صراعاً داخلياً صعباً. فقد كان يشعر أحياناً أنّ مر*ضه يحرمه من عيش حياة طبيعية، لكنه في الوقت نفسه كان إنساناً مثقفاً وذكياً، لم يتوقف عن الإبداع، وإن كانت عزلته وقلقه يزدادان مع مرور الوقت. شقيقته ذكرت أيضاً أنّه حاول في السابق الانعزال بالطريقة ذاتها لكنه نجا بأعجوبة، ما جعل اختفاؤه الأخير أكثر مأساوية.
وبهذا، بقيت قصة ريتشارد سمنر غامضة، تحمل بين طياتها أسئلة كثيرة بلا إجابات حاسمة. فهي تعكس مأساة فنان لامع أرهقه المرض النفسي، فاختار الانعزال بعيداً عن الناس، لتنتهي رحلته في قلب الغابة وسط ظروف لا تزال تثير التساؤلات حتى اليوم.
31 - 08 - 2025, 03:34 PM
العرض العادي
