الإيمان بالمسيح المائت والقائم الحاضر في كلّ لحظات حياتنا – وفي الّتي بينها – الّذي ينير ضمائرنا، داعيًا إيّانا إلى المشاركة بكلّ قوانا في تقلّبات ومشاكل التّاريخ البشريّ. فالمسيحيّ ليس مشرّداً في هذا التّاريخ، الّذي ابتدأ مع خلق العالم، وسوف ينتهي مع نـهاية الزّمان. إنّه مواطن من مدينة البشر، ونفسه عارمة بالشّوق إلى الله، فيبدأ باستشفاف حبّه تعالى منذ هذه الحقبة الزّمنيّة، ويدرك أنّ في الله وحده نجد الغاية الّتي دعينا إليها، نحن جميعا العائشين على هذه الأرض.
وإذا كانت شهادتي الشّخصيّة ذا منفعة، أستطيع القول إنّي اعتبرت دائمًا عملي ككاهن وكراع للنّفوس، مهمّة تبغي وضع كلّ إنسان بالمواجهة مع كلّ متطلّبات حياته، مساعدًا إيّاه على اكتشاف ما يطلبه الله منه عمليًّا، دون أن أضع حدوداً لـهذه الإستقلاليّة المقدّسة، ولـهذه المسؤوليّة الفرديّة السّعيدة، وهما ميزتا الضّمير المسيحيّ. فطريقة العمل هذه وهذا الرّوح يستندان على احترام سموّ الحقيقة المُعلَنة، وعلى حبّ حريّة الخليقة الإنسانيّة. كما يمكنني أن أضيف أنّها ترتكز على تأكيد لامحدوديّة التّاريخ، المفتوح على احتمالات عديدة، والّتي لم يشأ الله إغلاقها.