اسم هذا السفر في العبرية "شوفطيم" جمع "شوفط"، إي (قاضٍ)؛ وإن كانت كلمة "قاضٍ" لا تعبر تعبيرًا دقيقًا عن الأصل العبري، المأخوذ في الغالب عن الكنعانية (عا 2: 3)، والتي تعني "قائد" أو (رئيس). فإن القضاة المذكورين في هذا السفر ليسوا قضاة بالمفهوم العام لنا، فلم يكن عملهم القضاء وإصدار أحكام حسب شريعة مكتوبة أو تقليد شفوي. بمعنى آخر لم تكن رسالتهم تحقيق العدل بتطبيق القانون، وإنما رد البر وإعادته في حياة الجماعة، والدفاع عن حقوق هذه الجماعة وتخليصها من الضيق الذي تسقط فيه.
هؤلاء القضاة الذين ظهروا في الفترة ما بين موت يشوع وبدء عصر الملوك (شاول)، كانوا ذوي سلطة لكن ليس كالملوك. فكان الحاكم إلهيًا. بمعنى أن الله هو الملك الحق للشعب، يعمل خلال رئيس الكهنة كمُبلغ للمقاصد الإلهية. وكان كل سبط يدبر أموره الخاصة به بواسطة رئيس السبط، أما الأمور الكبرى التي تمس الجماعة على مستوى جميع الأسباط أو بعضها معًا كمحاربة الأعداء والتخلص من نيرهم فيرجع إلى القاضي الذي ليس له أن يسن الشرائع ولا أن يضع أثقالًا على الشعب وإنما يحكم ويؤدب خاصة المنحرفين إلى العبادة الوثنية ويقود المعارك ضد الأمم.
كان الله هو الذي يُقيم القاضي، وأحيانًا الشعب يختارهم؛ وكان غالبيته لا يحمل السلطة على مستوى الاثني عشر سبطًا بل على مستوى محلي.
غالبًا ما كان يُنظر للقاضي كمخلص، ينقذ الشعب من سطوة الوثنيين خلال التوبة والرجوع إلى الله مع الجهاد.