خروج 2 3 4
لك أن تتخيل كيف أن موسى، وهو ابن أحد العبيد، يتربى وسط بهاء القصر الملكي في مصر! وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل (خروج 11:2-12).
كان هذا هو حقه الشرعي، حيث أنه كان تاليا لفرعون فقط في إقامة العدل. وكان ذلك أيضا معبرا عن غيرته على شعب الله؛ ولكنها لم تكن غيرة حسب المعرفة (رومية 2:10). فلم يكن وقت الله قد حان لتوقيع القضاء على مصر وتحرير بني إسرائيل.
بعد أن قضى موسى 40 سنة مكرما في مصر، كان عليه أن يقضي 40 سنة أخرى وحيدا في البرية يرعى الغنم. ولكن كلتا الفترتين كانتا ضروريتين لإعداده ليصبح الشخص الذي يستطيع الله أن يستخدمه ليقود شعبه عند خروجهم من مصر ويعبر بهم البرية حتى حدود أرض الموعد.
كان موسى في الأربعين من عمره عندما قتل المصري. كان في مقتبل العمر، وكانت أمامه أجود سني حياته وأكثرها إنتاجية. وبالطبع كان هذا هو الوقت الأمثل لله لكي يستخدم موسى في تحرير شعبه من الألم والعبودية. ولكن كل حكمة المصريين لم تقدر أن تؤهل موسى لقيادة شعب الله عبر البرية.
كان على موسى أن يتعلم أولا أنه من الضروري أن يقترب إلى الله وأن يخلع حذاءه من رجليه لأن الموضع الذي يقف عليه أرض مقدسة ... فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله (خروج 5:3-6). لم يكن في استطاعة موسى أن يتعلم كيف يقترب إلى الله في مصر. فلقد كان مشغولا للغاية، ومهما للغاية، ومشهورا للغاية. كان عليه الدور لأن يصبح فرعونا. لذا كان ما وراء البرية (1:3) ضروريا له لكي يتعلم التواضع والاعتماد على الله.
يحتاج جميع خدام الله الأمناء أن يتعلموا معنى ما وراء البرية (1:3). قد يبدو للإنسان الطبيعي أنه مضيعة للوقت أن يصرف موسى 40 سنة لا يعمل فيها شيئا سوى أن يرعى بعض الغنيمات القليلة في البرية؛ ولكنه كان بعيدا عن أنشطة مصر الكثيرة ووحيدا مع الله، وهذا الوقت لا يكون أبدا وقتا ضائعا.
الإنسان الروحي هو وحده الذي يستطيع أن يفهم معنى الكلمات اخلع حذاءك... لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. فعندما ندرك قدسية خدمة الله العلي، وجلال هذه المسئولية، والنتائج الأبدية لتحقيق الهدف، وعدم جدوى قدراتنا الطبيعية في معرفة مشيئة الله، والضرورة الحتمية لانتظار قيادة الرب، فإننا نفهم عندئذ أن مزايا قوة وشهرة العالم لا تفيد شيئا في إتمام مشيئة الله.
إن كل العلم والفصاحة التي من العالم لا تفيد شيئا بدون قيادة الله. فإن القيمة الحقيقية تكمن في مسحة الروح القدس للكلام الذي نقوله - وليس في الطريقة التي نتفوّه بها. لأن حكمة هذا العالم جهالة عند الله (1 كورنثوس 19:3). إن مفتاح الحياة النافعة هو في قراءة وفهم كلمة الله - إذ أنها الطريقة الوحيدة للثقة الكاملة في الرب وليس في ذواتنا أو في أي شخص آخر. ليس أننا كفاة (أي مؤهلون) من أنفسنا أن نفتكر شيئا كأنه من أنفسنا بل كفايتنا (أي قوتنا وقدرتنا) من الله (2 كورنثوس 5:3).
إعلان عن المسيح:
بصفته أهيه الذي أهيه الذي أرسل موسى (خروج 13:3-14؛ قارن مع يوحنا 58:8؛ عبرانيين 8:13).