![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأليشع: اطْلُبْ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ. فَقَالَ أليشع: لِيَكُنْ نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ. [9] لم يترك إيليا مالاً يرثه تلميذه أو ابنه الروحي، لكن نال أليشع ما هو أعظم من كل أمور هذا العالم. عندما اقتربت الساعات الأخيرة من حياة إيليا كان رفيقه الوحيد هو أليشع. وكان طلب أليشع نصيب اثنين من روح إيليا (2 مل 9: 2) مؤسسًا على التمتُّع بحق البكر، وهو أن يأخذ نصيب اثنين من ميراث الأسرة والقيادة الأبوية للعائلة بعد موت الأب. لم يطلب أليشع أن يكون أعظم من إيليا، بل أن يكون أهلاً أن يُحسب ابنه البكر. لم يكن في طلب أليشع رغبة في ممارسة آيات وعجائب ضعف ما مارسه مُعلِّمه، مع أنه يبدو جميلاً أن تعرف أن عدد المعجزات التي سُجِّلتْ لأليشع توازي ضعف العدد الذي سُجِّلَ لإيليا تقريبًا. إنما طلب نصيبين من روحه للخدمة والشهادة لله. في بساطة وبروح التواضع، اشتهى أن يتمم رجل الله رسالة مُعَلِّمه، متطلعًا إلى إيليا النبي كنموذجٍ حيٍ أمامه. حسب أليشع نفسه الابن الأكبر له حق ميراث نصيبين (تث 21: 17). في دالة الحب اعتبر أليشع نفسه ابنًا أكبر لإيليا النبي. وفي جرأة طلب حق الميراث، وهو أن يتمتع بنصيبين من روحه. لم يشته أليشع النبي شيئًا سوى أن يقتدي بسيده، ويحمل روحه. لكن إيليا النبي أدرك أن ذلك ليس في سلطانه، إنما هو حق إلهي، يُقدِّمه الله الفاحص القلوب لمحبوبيه الأمناء. لم يكن أليشع يطمع أن يكون أعظم من سيده، ولا أقوى منه، لكن إذ رأى حال المملكة يزداد انهيارًا، فالأمر يحتاج إلى قدرة إلهية متزايدة تواجه هذا التيار الجارف. الإنسان الروحي يحب الآخرين كأبناء أبكار له، فيود أن يقدِّم لهم نصيبين في وصيَّته الوداعيَّة، بل ويشتهي لأحبَّائه الروحيِّين في جرأة أن ينالوا هذا الميراث. هذا ما اشتهاه أليشع النبي حيث طلب من معلِّمه إيليا النبي: "ليكن نصيب اثنين من روحك عليَّ" (2 مل 2: 9). لم يخفْ أليشع من أن يطلب نصيبين من روح إيليا، أي يحمل قوة مضاعفة. طلب بإيمان لشعوره بضعفه وحاجته إلى قوة مضاعفة من السماء تسنده، بجانب شعوره بانحدار الشعب المستمر في الفساد. لم يغضب إيليا النبي من هذا الطلب، بل تهللت أعماقه، وأدرك أنه ليس في سلطانه أن يُقَدِّم هذا، لكنه يفرح أن يُكَمِّل تلميذه رسالته بروح القوة. ليتنا لا نستخف بالجيل الجديد، بل نطلب من الله أن يهبهم ما هو أعظم مما نلناه لتكون الكنيسة في المستقبل أكثر قوة، وقادرة على مواجهة كل التحديات بروح النصرة والغلبة. يرى القديس أغسطينوس أنه إذ طلب أليشع الضعف من روح إيليا، إنما يقصد به روح الله العامل فيه، الذي يليق بنا أن نطلب عمله المتزايد فينا. أما من لم يتمتع بعد بعمل الروح فيه، فيطلب أن يعمل الروح فيه. v الوعد (الخاص بالنمو في عمل الروح) ليس باطلاً، سواء بالنسبة للذي لم يقتنِ (الروح القدس) أو ذاك الذي يقتنيه. فمن لم يتمتع بعطية الروح يُقدم له الروح ليقتنيه، ومن اقتنى الروح يتمتع به بفيضٍ. فلو أن (الروح) غير مُقتنى بقياس أقل لدى البعض عن الآخرين، ما كان القدِّيس أليشع يقول للقديس إيليا: [ليكن لي نصيب اثنين من الروح الذي فيك فيَّ] [راجع 2 مل 9]. ولكن عندما قال يوحنا المعمدان: "لأنه ليس بكيلٍ يعطي الله الروح" (يو 3: 34)، كان يتحدث على وجه الخصوص عن ابن الله الذي لم ينل الروح بقياس، لأن الروح يسكن فيه بكل كمال اللاهوت. v ذاك الذي هو حاضر في كل مكان لا يسكن في الجميع، ولا يسكن بدرجة متساوية في أولئك الذين يسكن فيهم. وإلا فما هو معنى الطلب الذي سأله أليشع أن يكون له نصيب اثنين من روح الله الذي في إيليا؟ وكيف يوجد بين القديسين البعض أكثر قداسة من الآخرين، سوى أن لهم فيض أكثر من سكنى الله؟ يلزم أن نلاحظ بدقة أن ما نقوله أنه حاضر بالكامل في كل مكان، أنه حاضر في ذاته، لا في الأشياء التي لها إمكانية أعظم لحضوره، وآخرون إمكانية أقل. القديس أغسطينوس كمثال قتل موسى فقط ثلاثة ملوك، أما يشوع فقتل ثلاثين (يش 12: 1-24). موسى ثابر في الصلاة وتوسل، لكنه لم يدخل (أرض الموعد)، أما يشوع فدخل واشترك في الميراث (تث 3: 28)(*). هكذا كان صموئيل أعظم من عالي، ونال أليشع ضعفين من روح سيده بعد صعوده (2 مل 2: 9-12). هكذا وهب الرب تلاميذه ضعفين من آياته. القديس مار أفرام السرياني |
![]() |
|